أعرب عدد من السياسيين والمحللين عن اعتقادهم بأن اعتقال قوات الاحتلال الأميركي في العراق الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في 13/12 سيساعد الرئيس الأميركي جورج بوش في حملته لإعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية وتعزيز صورته كقائد. ويرى هؤلاء أن بوش لا يزال يواجه تحديات كثيرة قبل أن يعلن أنه حقق انتصارا كبيرا في حربه على العراق أو ما يسميه «الإرهاب» في العالم. فهو لا يزال يتعين عليه أن يظهر للعالم أن الرئيس العراقي كان يمتلك أسلحة دمار شامل، كما يتعين عليه أن ينهي المقاومة في العراق ويعيد الاستقرار والأمن لهذا البلد الذي يخضع لاحتلال أميركي منذ نحو تسعة أشهر، ويضعه على سكة الديمقراطية، وأيضا يتعين على بوش إلقاء القبض على اسامة بن لادن.
غير أن اعتقال الرئيس العراقي ليس سوى مجرد رهان بالنسبة لبوش. فهو يعزز صورته كقائد حاسم، وثانيا يساعده في إقناع الأميركيين بأن هناك منافع لتضحياتهم في العراق وأفغانستان وفي أماكن أخرى. وثالثا فإن إجراء محاكمة مستقبلية لجرائم الحرب من شأنها أن تذكر الأميركيين بأن بوش قد واجه بجدية القتلة الأشرار.
وفي الوقت نفسه فإن اعتقال الرئيس العراقي يعمق الخلاف داخل المتنافسين الديمقراطيين على ترشيح الحزب الديمقراطي لهم لانتخابات الرئاسة الأميركية بشأن مسألة العراق، وهي تجعل من الصعب على المرشح الأكثر حظا هوارد دين مواصلة انتقاداته الشديدة لمنافسيه بسبب تأييدهم للحرب على العراق، كما قد تضعف الديمقراطيين الذين يجادلون بأن بوش قد أدار حربا غير متقنة.
وقال المتنافس على ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جوزيف ليبرمان إن اعتقال صدام حسين مثل «انتكاسة» لكل من دين وآل جور الذي أعلن تأييده لترشيح دين.
وقد اعتبر محللون وسياسيون أميركيون اعتقال الرئيس العراقي بمثابة يوم «سعيد» للبيت الأبيض الأميركي، إذ رأوا أنه يصب في مصلحة الحرب التي يقودها بوش على العراق، التي طالما واجهت انتقادات شديدة في الداخل والخارج.
وقال، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي ريتشارد لوجار في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأميركية «إن بي سي» إن هذا الاعتقال «سيعطي مزيدا من قوة الدفع لمهمة (وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر) إلى أوروبا بهدف تيسير مسألة الديون العراقية مع روسيا وباقي الدول الأوروبية».
وبشأن محاكمة صدام طالب المرشح الديمقراطي للحصول على ترشيح حزبه لانتخابات الرئاسة جوزيف ليبرمان بالإعدام له، مشيرا إلى أن «الرجل الشرير (صدام) يجب أن تطبق عليه عقوبة الموت»، كما رأى أنه يجب نقله إلى الولايات المتحدة بدلا من عرضه على محكمة لاهاي، إذ إنها لا تطبق حكم الإعدام على مرتكبي جرائم الحرب.
وحذر عضو مجلس الشيوخ الأميركي بات روبرتس من عقد محاكمة سريعة لصدام، وأشار إلى أنه «يجب دعم الأمن أولا في العراق قبل محاكمته حتى لا يصير شهيدا في عيون شعبه».
أما العضو الديمقراطي البارز في مجلس الشيوخ جوزيف بايدن فقال إن تقديم الرئيس العراقي المعتقل إلى المحاكمة سيؤكد للعرب والمسلمين «أننا لم نذهب هناك من أجل النفط، وسيمنحنا فرصة لنكشف لهم ما فعله هذا الرجل من أعمال القتل في المسلمين»، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة أن تكون المحاكمة وفقا لإجراءات قانونية نزيهة.
ويرى محللون أن من السابق لأوانه التنبؤ بما إذا كان اعتقال الرئيس العراقي سيقلل من هجمات المقاومة التي تمثل عبئا كبيرا على حكومة بوش لتسببها في خسائر كبيرة في صفوف قوات الاحتلال الأميركي بالعراق، وأسفرت حتى الآن عن مقتل وإصابة نحو عشرة آلاف جندي طبقا لما ذكره المسئول الصحي في الجيش الأميركي منذ شن الحرب على العراق في مارس/ آذار الماضي.
وستصب الأمور في مصلحة بوش في حال ما إذا انخفضت حدة المقاومة متأثرة بالقبض على صدام، إذ من شأن ذلك أن يخفف من حدة المعارضة الشعبية للحرب على العراق
العدد 468 - الأربعاء 17 ديسمبر 2003م الموافق 22 شوال 1424هـ