العدد 468 - الأربعاء 17 ديسمبر 2003م الموافق 22 شوال 1424هـ

الصحف الأميركية والفرنسية: بوش ربح... لكن ماذا عن أعمال العنف؟

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

بعد أسر الرئيس العراقي المخلوع صدّام حسين، بدت الانتصارات الأميركية واضحة في الصحف الأميركية، لكنها أبقت سؤال المقاومة العراقية معلقا بانتظار ما تخبئه الأشهر المقبلة لقوات الاحتلال في العراق. ورجّحت غالبيتها أن يشعر عدد كبير من الذين يعارضون الاحتلال الأميركي من الطائفة الشيعية، بعد اعتقال الرئيس العراقي، بدافع أكبر للمشاركة في مقاومة هذا الاحتلال لأن الخوف من أن تؤدي مشاركتهم في محاربة الأميركيين إلى تعزيز نفوذ الرئيس المخلوع قد ولّى. وكتبت الصحف الأميركية عن هذه الانتصارات وخصوصا انعكاساتها على الداخل الأميركي، وعلى الانتخابات الرئاسية تحديدا فقد رأت «واشنطن بوست» في مقالة افتتاحية ان اعتقال صدام حسين يعطي الرئيس بوش دفعة سياسية، ويعقّد مهمة الديمقراطيين الذين لطالما اعتبروا ان سياسة الرئيس الأميركي الخارجية تحتاج إلى إعادة نظر.

واعتبرت انه بعد الأشهر الأكثر دموية منذ بداية الحرب، يمثل اعتقال صدام حسين، تقدما ملموسا لطالما بحثت الإدارة الأميركية عن تحقيقه. مؤكدة ان هذا الحدث سيبرهن ان سياسة الرئيس بوش الخارجية تحقق إنجازات مهمة. ورأت الصحيفة الأميركية ان اعتقال الرئيس المخلوع إلى جانب التقدم الذي يسجله الاقتصاد في الولايات المتحدة، سيساهم في إضعاف حجج الديمقراطيين في الحلول محل الرئيس بوش. وكتبت «واشنطن بوست» في افتتاحية تحت عنوان «نهاية البداية» لاحظت فيها ان صدام حسين، على عكس «أسلافه الطغاة الآخرين» أمثال هتلر وبول بوت، سيواجه محاكمة على الجرائم التي ارتكبها. واستعرضت «واشنطن بوست»، بعد ذلك آثار اعتقال صدام، لاسيما على ما وصفتها بـ «حرب العصابات» التي تجتاح البلاد. فاعتبرت ان الاعتقال لن يؤدي إلى وقف «الاعتداءات» ضد القوات الأميركية كما دلّ على ذلك تفجير السيارة المفخخة في بغداد يوم الإعلان عن أسر صدام. وأوضحت ان عددا كبيرا من الذين يهاجمون قوات التحالف يقومون بذلك لأسباب أخرى تتخطى الولاء للرئيس العراقي المخلوع. ورجّحت أن يشعر عدد كبير من الذين يعارضون الاحتلال الأميركي من الطائفة الشيعية، بعد اعتقال الرئيس العراقي، بدافع أكبر للمشاركة في مقاومة هذا الاحتلال لأن الخوف من أن تؤدي مشاركتهم في محاربة الأميركيين إلى تعزيز نفوذ الرئيس المخلوع قد ولّى. غير انها أشارت إلى ان عددا كبيرا من العراقيين الذين تحرروا من مخاوفهم من عودة صدام إلى الحكم، قد يظهرون استعدادا أكبر للتفكير في الحصول على مكان في النظام الجديد الذي ينشأ في العراق والمساهمة في إعادة إعمار بلادهم. وختمت بالقول ان اعتقال صدام يشكل فرصة كبيرة للأميركيين ومجلس الحكم لجذب جزء من العراقيين الذين لايزالون حتى اليوم خارج المعادلة السياسية، لاسيما في المثلث السني شمال بغداد وجنوبها. وتصدّر الصفحة الرئيسية في «نيويورك تايمز» عنوانا يقول «إلقاء القبض على حسين في مخبأ هزيل. الرئيس بوش يعلن انتهاء مرحلة مظلمة من حياة العراقيين». وعرضت في مقالة افتتاحية رواية اعتقال الرئيس السابق صدم حسين في تكريت. وفي سياق الخبر ركّزت الصحيفة الأميركية على ان أحد أقارب الرئيس السابق قد خانه ووشى بمكانه للأميركيين. كما ركّزت على إبراز حقيقة ان صدام حسين استسلم للأميركيين من دون إطلاق رصاصة واحدة. ولفتت إلى ان اعتقال صدام، تحول في الآونة الأخيرة إلى تحدٍ مجنون بالنسبة إلى الأميركيين الذين وضعوا أخيرا لائحة بالأشخاص الذين من الممكن أن يكونوا قد خبأوه لديهم بمن فيهم حراسه الشخصيين وموظفون سابقون في القصور الرئاسية وزعماء بعض العشائر وآخرون غير مدرجين على لائحة المطلوبين التي وضعتها قوات التحالف. وتابعت نقلا عن مسئول أميركي رفيع المستوى ان الخبر اليقين جاء يوم الجمعة حين أدى هجوم على منزل في تكريت إلى إلقاء القبض على عراقي قام - خلال استجوابه - بالإفشاء بمكان اختباء الرئيس العراقي. غير ان المسئول اكتفى بالإشارة إلى ان العراقي هو من عائلة صدام من دون إعطاء تفاصيل أخرى. واعتبرت الصحيفة ان اعتقال صدام حسين، قد أنهى شهورا من الجهود المضنية لجمع المعلومات من معتقلين عراقيين وأحاديث هاتفية وتحقيقات مع أفراد من عائلة الرئيس وعناصر من بعض العشائر. وتابعت ان عملية اعتقال الرئيس المخلوع تدل على وجود تعاون بنّاء بين وحدات الجيش الأميركي والوحدات الخاصة لاسيما على صعيد تبادل المعلومات الاستخباراتية والعسكرية. وتابعت الصحيفة نقلا عن مسئولين عسكريين أميركيين، انه بعدما دخلت القوات الأميركية إلى الحفرة التي اختبأ فيها صدام حسين، وجده الجنود مذهولا ومرتبكا وبحوزته خنجرا ومسدسا وحقيبة تحتوي على 750 ألف دولار، ولم يظهر أي نوع من المقاومة بل عرّف عن نفسه في هدوء تام. وبعد ساعة تقريبا، تختم الصحيفة الأميركية، كان صدام حسين، على متن طوافة أميركية في طريقه إلى بغداد، كي يوضع في الحجز في مكان مجهول. وكتبت «نيويورك تايمز» في افتتاحية تحت عنوان «إلقاء القبض على الدكتاتور» اعتبرت خلالها ان الولايات المتحدة، قد حققت هدفها العسكري الرئيسي بعد سقوط بغداد، إذ ألقت القبض على صدام حسين. وتابعت ان الرئيس بوش، كان على حق حين اعتبر ان اعتقال الرئيس العراقي هو حجر الأساس لإعادة إعمار العراق. وتابعت ان صورة صدام حسين، وسخ الثياب، طويل اللحية وذليلا أمام أعضاء مجلس الحكم الانتقالي الذين نجا بعضهم من غرف التعذيب التي أنشأها الرئيس السابق. هذه الصورة كانت أشبه بدواء مهدئ للأعصاب. وأملت الصحيفة الأميركية أن يؤدي اعتقال الرئيس المخلوع إلى التخفيف من وتيرة العنف الموجه ضد القوات الأميركية على رغم ان الرئيس الأميركي بدا حذرا حين أشار إلى ان أعمال العنف لن تنتهي. وأوضحت ان ليس لدى الأميركيين يقينا بشأن مسألة تورط الرئيس المخلوع في «الاعتداءات ضد قوات التحالف والعراقيين المتعاونين معها». غير ان «نيويورك تايمز»، اعتبرت ان الأمر الأكيد هو ان اعتقال صدام حسين، سيريح العراقيين من مخاوف عودته إلى الحكم. وأملت «نيويورك تايمز»، أن يساهم اعتقال صدام، في حل المسائل العالقة منذ سقوط بغداد، لاسيما مسألة أسلحة الدمار الشامل وما دار في أروقة النظام البائد قبل أسابيع من الحرب. أما فيما يتعلق بمحاكمة الرئيس العراقي. فقد اعتبرت الصحيفة الأميركية انه يجب أن تكون هذه المحاكمة بعيدة عن كل الشبهات وألاّ تنحصر في إطار البروباغندا الأميركية مشددة على ضرورة إشراك العراقيين في المحاكمة. وختمت بالقول ان اعتقال الرئيس العراقي يترك الولايات المتحدة، تواجه الأسئلة السابقة المتعلقة بكيفية إقامة حكومة عراقية ديمقراطية، ولا يلغي حاجة الولايات المتحدة إلى إضفاء طابع دولي على احتلال العراق ووضع جهود إعادة الإعمار تحت مظلة الأمم المتحدة. وأبرزت «نيوزويك» (الأميركية) في صفحاتها الرئيسية خبر اعتقال صدام حسين، واستهلت تقريرها عن هذا الحدث بأن الرجل الملتحي والمطيع كما وصفته صرخ بالجنود أن لا يطلقوا النار. وإذ عرضت تفاصيل العملية، نقلت عن مسئول عسكري ان صدام طلب من الجنود ألا يطلقوا النار وعرّف عن نفسه بأنه صدام حسين رئيس العراق. وفي موضع آخر، نقلت المجلة الأميركية عن بعض المسئولين الاستخباراتيين الأميركيين ترجيحهم بأن تزداد وتيرة العمليات التي تستهدف قوات التحالف في العراق بعد اعتقال الرئيس العراقي. غير ان «نيوزويك»، أكدت ان هذا الحدث قد يكون فرصة جيدة لتحقيق المصالحة في العراق وتوحيد البلاد التي لطالما مزقها الخوف.

أخيرا سارعت «واشنطن بوست»، إلى نشر نتائج استطلاع للرأي أجرته بالاشتراك مع شبكة «آي. بي. سي» الأميركية بشأن رأي الأميركيين باعتقال الرئيس العراقي السابق. وأظهرت النتائج ان 2 من أصل ثلاثة من الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون بأن اعتقال صدام، قد يسهم في وقف الهجمات على القوات الأميركية وسيسهم في إحلال الأمن في العراق. في المقابل رأى 15 من أصل 23 ان اعتقال الرئيس العراقي سيساعد على عقد صفقة كبيرة. ورأى 9 من أصل 10 من الذين شملهم الاستطلاع انه لايزال أمام الأميركيين تحديات كبيرة في العراق، بينما رأى أقل من واحد على عشرة من الأميركيين ان اعتقال صدام قد يخفف الأعباء التي يتحملها الجيش الأميركي. وعبّر 8 من أصل عشرة عن رفضهم للفكرة القائلة بأن اعتقال صدام يجب أن يتبعه انسحاب للقوات الأميركية من العراق. ورأى 52 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع ان الرئيس المعتقل يجب أن يحاكم في محكمة تابعة للأمم المتحدة، بينما اعتبر 39 في المئة منهم انه يجب أن يحاكم في العراق. وشدد 66 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع على ضرورة إعدام الرئيس العراقي بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها. من جهة أخرى ارتفعت نسبة التأييد للرئيس الأميركي، فقد أظهر الاستطلاع ان 57 في المئة من الأميركيين يؤيدون الطريقة التي يدير بها الرئيس الأمور في العراق أي بارتفاع بلغ أربعة نقاط عن الاستطلاع الذي أجرته الصحيفة والشبكة الأسبوع الماضي. غير ان الاستطلاع أظهر في المقابل ان الشعب الأميركي مازال منقسما حيال ضرورة شن الحرب على العراق، فأعرب 53 في المئة من الأميركيين عن تأييدهم لشن الحرب في حين رفض 42 في المئة منهم ذلك.

وأبرزت لوموند (الفرنسية) على صفحتها الأولى خبر اعتقال الرئيس العراقي، تحت عنوان «صدام حسين رهن الاعتقال». واستهلت الخبر بإعلان الرئيس بوش، بأن الرئيس العراقي المخلوع قد وضع في مكان آمن وستتم محاكمته. وتابعت أن اعتقاله تم في مزرعة في تكريت، وان العراقيين والمجتمع الدولي عبّروا عن سعادتهم للخبر. وركّزت الصحيفة الفرنسية خلال الخبر على ان الرئيس العراقي قد ألقي القبض عليه من دون مقاومة وانه بدا متمردا بعد اعتقاله وانه غير نادم على الجرائم التي ارتكبها ولا الحروب التي شنها، وذلك بحسب ثلاثة أعضاء من مجلس الحكم الانتقالي. في المقابل، لفتت الصحيفة إلى انه بعد وقت غير بعيد من إطلاق رصاص الابتهاج في بغداد، هز العاصمة العراقية انفجار سيارة مفخخة (وفي هذا إيحاء من لوموند على ان القتال سيستمر في العراق ضد القوات الأميركية على رغم اعتقال صدام). وتحت عنوان «نهاية صدام من دون مجد»، أوردت لوفيغارو (الفرنسية) خبر اعتقال الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. لافتة إلى الطريقة التي أعلن فيها الحاكم المدني بول بريمر خبر الاعتقال، كما أشارت إلى المعاينة الطبية التي لقيها الرئيس المخلوع بعد إخراجه من مخبئه. وحرصت الصحيفة الفرنسية، على التأكيد بأن صدام بات رجلا هزيلا تعبا محطما. حتى انه لم يعد يظهر من وجه «الرئيس» سوى عيناه وشارباه. ولفتت لوفيغارو، إلى ان قوات التحالف تأمل في أن تؤدي هذه الخطوة إلى التأثير إيجابا على معنويات جنودها وسلبا على المقاومة العراقية. وختمت بالقول ان نهاية صدام، ليست أبدا النهاية التي كان يحلم بها، فهذه نهاية بعيدة عن المجد كل البعد

العدد 468 - الأربعاء 17 ديسمبر 2003م الموافق 22 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً