العدد 468 - الأربعاء 17 ديسمبر 2003م الموافق 22 شوال 1424هـ

صدام... والفصول الأخيرة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

حتى الآن لم تنته فصول حياة الرئيس المعتقل صدام حسين. فالفصل الأخير لم يبدأ بعد. فقصة اعتقاله لاتزال تثير الاسئلة، كذلك التحقيق معه ومحاكمته. الفصل الأخير أو ما قبل الأخير سيكون كما تظهر الأمور إلى السطح أكثر إثارة من غيره. وحتى الآن لايزال النقاش يدور في الكواليس وعلى منابر المؤتمرات الصحافية. من يحقق مع صدام؟ ومن هي الجهة المخولة؟ وتحت اي قانون؟ ومن يشرف على المحاكمة؟ واين ستجرى وقائعها؟

وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد أعلن أنه كلف مسئول المخابرات المركزية جورج تينت التحقيق معه. بعض أعضاء «مجلس الحكم الانتقالي» ذكر أن صدام سيحاكم في بغداد في محكمة عراقية وباشراف قضاة من أهل البلد. جهات دولية اقترحت محاكمته امام محكمة العدل الدولية في لاهاي. وجهات أخرى فضلت ان يحاكم في العراق باشراف جهات دولية.

حتى الآن لم تنته فصول صدام. فهناك من يقترح محاكمة علنية، وهناك من يفضل ان تكون سرية، وهناك من يقترح ان تعين لجنة خاصة تتألف من قضاة محايدين من الدول العربية. وهناك بعض المحامين تبرع بالدفاع عنه ودراسة ملفه ومحاكمته كمسئول عادي ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.

حتى الآن لم تنته فصول صدام. فهناك من يرى ان صدام لا تنطبق عليه الجرائم العادية. واقترح رامسفيلد اعتباره مجرد اسير حرب، واسير الحرب لا يحاكم بل يحقق معه في جلسات خاصة. وهناك من اقترح معاملته كمجرم لا رئيس دولة وبالتالي مقاضاته كأي مرتكب لجريمة له الحق بالدفاع عن نفسه بناء على ملفات ومعلومات.

حتى الآن لم تنته فصول صدام. فقبل ان تبدأ محاكمته بدأت الخلافات بين الدول الكبرى على وسائل المحاكمة ومكانها واسلوبها... وأخيرا احكامها. الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان تمنى ان لا ينفذ بصدام حكم الاعدام، كذلك اقترح رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير. رامسفيلد يميل إلى عدم محاكمته فهو اسير حرب لدى الجيش الأميركي وبالتالي لا تنطبق عليه المسئوليات الجرمية العادية. بينما الرئيس الأميركي جورج بوش يتجه نحو محاكمته وتنفيذ اقصى عقوبة ضده وصولا إلى حكم الاعدام.

حتى الآن لم تنته فصول صدام. المشكلة الكبيرة هي من يحاكمه ومن هي الجهة التي يحق لها ان تصدر ضده حكمها. معظم الصحف البريطانية والأميركية والألمانية والفرنسية وغيرها من وسائل نشر وإذاعة تدخلت في الموضوع. وكل جهة تعطي رأيها وتنصح وتقترح وتفضل. هناك صحف مالت إلى تسليم صدام إلى سلطات عراقية حتى لا تتحمل الولايات المتحدة المسئولية. وهناك صحف اقترحت ان تشكل هيئة دولية من المتضررين. وهناك صحف حذرت واشنطن من التورط في موضوع قد يكون له انعكاساته السلبية وربما ينقلب عليها. وبعض الصحف نبه الرئيس الأميركي من عدم الدفع بالمشكلة إلى حدها الاقصى حتى لا تثار الحساسيات العربية والطائفية وتتحول المسألة إلى موضوع ساخن من الصعب السيطرة عليه في وقت لاحق.

حتى الآن لم تنته فصول صدام. فالخلافات لاتزال قائمة على محاكمته أو الاكتفاء بالتحقيق معه. كذلك الخلافات مستمرة على مكان محاكمته، والجهة المسئولة على ملف التحقيق، والقانون الذي سيجري مقاضاته على اساسه. وكذلك الخلاف لم ينته على هيئة القضاة والمدعي العام والمحامي وهيئة المحلفين... كذلك ملف الاتهامات وغيرها وغيرها من مسائل تبدأ بالصغيرة وتنتهي بالكبيرة وهي القرار الأخير. ما هو الحكم عليه؟ بالسجن المؤبد، بالاعدام أو ما بينهما؟ وفي حال حقق معه وحكم عليه... اين سيقضي مدة العقوبة. واذا أعدم، من يعدمه واين وكيف؟ ومن هي الجهة المنفذة؟ هل تكون الجهة عراقية، أميركية، دولية، لجنة مشتركة... أو.

حتى الآن لم تنته فصول صدام. فبعد كل ورقة هناك ورقة. وفي نهاية كل فصل هناك فصل آخر. فالفصل الأخير كما يبدو هو مجموعة فصول جديدة. ومع ذلك يبقى السؤال: من يكتب الفصل الأخير؟ الجيش الأميركي أم شعب العراق.

حتى الآن لا جواب نهائيا عن هذا السؤال

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 468 - الأربعاء 17 ديسمبر 2003م الموافق 22 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً