لمح وزير الدولة عبدالنبي الشعلة بأن مملكة البحرين «بصدد المصادقة على العهدين الدوليين (العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية، والاقتصادية)». جاء ذلك في المهرجان الخطابي، الذي نظمته الجمعية البحرينية لحقوق الانسان، ليلة أمس الأول، بمناسبة الذكرى الـ 55 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وسط حضور ممثل مقيم برنامج الامم المتحدة الانمائي خالد علوش، وعدد من النواب وأعضاء مجلس الشورى، والشخصيات الحقوقية.
وطالبت جمعية المحامين بلسان المحامي محمد علي سلمان وجمعية حقوق الانسان، والمحامي احمد الشملان الحكومة بالمسارعة «بتوقيع العهدين الدوليين، والنظر في قانون «الصحافة»، ودعم الحريات، والحد من «التجنيس» وإلغاء مرسوم 56، والنظر في الملفات الحقوقية العالقة». وفي الوقت الذي اعتبر فيه سلمان ان «دستور 2002 لا يحقق مبدأ فصل السلطات، وصلاحيات المجلس التشريعي فيه جاء على خلاف ميثاق العمل الوطني، فيما يتعلق بصلاحيات المجلس المنتخب التشريعية والرقابية». كما طالب «بالتحول النقابي في المجالات المهنية، وتفعيل المشاركة الشعبية في القرار السياسي، والعمل على تأطير قانونية الجمعيات السياسية بشرعية العمل العلني الحزبي، وإلغاء جميع التحفظات في الاتفاقات التي وقعت عليها المملكة والالتزام بالتقارير الدورية، ووضع الحلول الحاسمة لمشكلة البطالة، وفتح جميع المجالات بما فيها وزارتي الداخلية والدفاع أمام المواطنين بشكل متساو وتحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص». إلا أنه في الوقت ذاته أكد الشعلة «توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي نص عليها «الاعلان» فإن انجاز المملكة في هذا المجال أدى الى تبوئها المركز الأول بين الدول العربية في مجال التنمية البشرية لسنوات متتالية حسب التقارير السنوية للامم المتحدة من خلال برنامج الامم المتحدة الانمائي». وفي الوقت الذي طالب فيه محامون وحقوقيون بحل المسألة الدستورية قال الشعلة: «انجازات المملكة في مجال حقوق الانسان السياسية قد اهلها لكي تتبوأ منصب نائب رئيس الدورة الحالية للجنة الدولية لحقوق الانسان في جنيف». وبين الشعلة ان المملكة منضمة لكثير من الاتفاقات الدولية من بينها اتفاق مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية أو اللانسانية أو المهينة، مشيرا الى «ان المملكة تطبق القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء».
وتخللت المهرجان كلمة للمحامي أحمد الشملان، ألقتها بالنيابة عنه فوزية مطر، أوجز فيها نضالات شعب البحرين من أجل حقوق الانسان ورفع المظالم، مشيرا الى ان «في العشرينات والثلاثينات الماضية، قامت حركات الغواصين البحرينيين ضد ظلم الطواويش والنواخذة، ومن اجل تحرر الوطن من سيطرة المستعمر البريطاني وظلمه ونهبه لخيرات الوطن، وتحكمه في مقدراته خاض الشعب بقيادة قواه الوطنية نضالا من اجل التحرر واستعادة الحقوق حتى رحل المستعمرون عن ارضنا». واضاف: «بعد الاستقلال تواصل النضال، وخاض عمال البحرين وطلابه ومثقفوه وجميع قطاعاته شتى اشكال النضال ضد الظلم ومصادرة الحقوق مطالبين بالغاء القوانين التي تكبل الناس وتكرس المظالم، وتضيع الحقوق وعلى رأسها قانون أمن الدولة الذي كبل الشعب ما يربو على العقدين ونصف».
وبين ان قضايا حقوق الانسان لم تكن غائبة عن نضال القوى الوطنية «فمنذ السبعينات تعدد قيام لجان حقوقية في البحرين، وتأسست حركة لحقوق الانسان عملت تحت مظلة التنظيمات السياسية وفي اطار العمل غير العلني، وكان لها دور واضح في كشف انتهاكات حقوق الانسان والدفاع عن تلك الحقوق من خلال العلاقة مع المنظمات الدولية، وحضور اهم اللقاءات والمؤتمرات الدولية المعنية بحقوق الانسان». دعا المحامي محمد المطوع وعضو الجمعية البحرينية لحقوق الانسان إلى استكمال المشروع الاصلاحي «وذلك بمراجعة القوانين مثل قانون السجون وقانون الصحافة والنشر وتعديلها بما يتلاءم مع القوانين الدولية، كما ندعو لالغاء قانون 56 لسنة 2002 الذي يضمن الافلات من العقاب لمرتكبي جرائم التعذيب، ونتمنى ان نستفيد من تجربة جنوب افريقيا والمغرب في الحقيقة والمصالحة وصولا لاغلاق ملف ضحايا التعذيب ورأب جروحهم وتعويضهم التعويض العادل».
وتزامنا مع ما قاله الشعلة من ان المملكة منضمة للكثير من الاتفاقات قال المطوع: «على رغم أن المملكة طرف في عدد من الاتفاقات، فان التحفظات التي اوردتها الحكومة على بعض هذه الاتفاقات تمس جوهر الاتفاق وبالتالي تقلل من فعاليتها في حماية حقوق الانسان كما ان التصديق على هذا الاتفاق لم يصاحبه تعديل القوانين الوطنية على ضوء الاتفاقات التي تكون في واد والواقع المعاش في واد آخر، وعلى سبيل المثال لا الحصر اتفاق مناهضة جميع اشكال التمييز ضد المرأة واتفاق حقوق الطفل واتفاق مناهضة التمييز». فيما أكد النائب الأول لرئيس مجلس الشورى عبدالرحمن جمشير أن «هناك جهودا لتطوير مجال حقوق الانسان تتمثل بمراجعة القوانين والتأكد مع ملاءمتها مع الميثاق والدستور والمعاهدات الدولية وسد النواقص باصدار قوانين خاصة في هذا المجال، ومراجعة وتطوير القوانين الخاصة والمتعلقة بحرية الصحافة، وتطوير وتعزيز المجالس البلدية واشراكها في التخطيط مع تعديل القوانين لازالة العقبات التي تعوق عملها وتكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة ورقابتها». وبين النائب الاول لرئيس مجلس النوّاب عبدالهادي مرهون في حديث خص به «الوسط» غبطته جراء تزامن المهرجان وذكرى الاعلان العالمي لحقوق الانسان مع اعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين. واوضح أنه بصدد القيام «بتقديم مقترح لتعديل قانون العقوبات لتجريم فعل التمييز بجميع اشكاله». وقال الناشط الحقوقي السعودي محمد سعيد طيب «إنهم قاموا يتقديم طلب بتأسيس جمعية حقوق الانسان في السعودية، واكد ان سماح الانظمة بعمل المنظمات الحقوقية يخدمها اكثر مما يخدم الشعوب». وقال في تصريح خاص بـ «الوسط»: «انا غير راض عن وضع حقوق الانسان في السعودية، وستكون حقوق المرأة على أولى أولوياتنا». وعن إمكانية منحهم ترخيصا من عدمه قال: «نأمل ان تتفهم الجهات المعنية عملنا، وأن تعي ان تحركنا سلمي ومعلن». وعلى رغم انه بدا متحفظا فانه أكد ضرورة «الاصلاح السياسي والشامل في المملكة العربية السعودية»
العدد 468 - الأربعاء 17 ديسمبر 2003م الموافق 22 شوال 1424هـ