أمس الأحد (14 ديسمبر/ كانون الأول) كان من أجمل أيام حياتي ... أوقفت أعمالي وتوجهت الى شاشة التلفزيون لاشاهد المجرم صدام حسين... لأشاهد أجبن خلق الله الذي عاث في الارض فسادا ودمارا...
هذا هو صدام الذي أهلك الناس وحوّل بلده من أغنى البلدان الى أفقرها... هذا هو الذي قتل شعبه وقتل الاكراد بالأسلحة الكيماوية... هذا هو الذي شن حربا على جارته ايران واقحم المنطقة في حروب لم تنته حتى يوم امس ... هذا هو الذي احتل الكويت وفعل ما فعل... هذا هو القعقاع ينكس رأسه لكي يكشف عليه أحد أطباء الاحتلال الاميركي، ذليلا خانعا... يفتح فمه ليفسح المجال لقطعة خشبية ليكشف على ذلك الفم الذي لم يقل خيرا في حياته... هذا هو «صدام» ... لم ينتحر ولم يفجر نفسه كما كان يشاع بأنه سيفعل... انه «أجبن» من ان يقتل نفسه...
كان يعيش في زنزانة، وضع نفسه فيها وليس لها صلة بالخارج الا من خلال فتحة صغيرة... تحت رحمة اثنين من أزلامه، كان بامكانهما غلق الزنزانة الارضية او حجب الهواء الذي يمرر اليه من خلال انبوب متصل بالخارج، والقضاء عليه، كما كان يفعل بالناس...
هذا أنت ايها الجزار... اعتقلت باقر الصدر واخته بنت الهدى في 8 ابريل / نيسان 1980، واعدمتهما في 9 ابريل 1980... ودخل الاميركان بغداد في 9 إبريل 2003 وأطاحوا بصنمك، والقوا القبض عليك في 14 ديسمبر 2003. بسببك جاء الاميركان الى منطقتنا واحتلوا العراق، ولكن الله سلطهم عليك كما كنت تتسلط على شعبك وجيرانك ومن وقع تحت يدك...
أصبحت تعيش في زنزانة بعد سقوطك. في ايام خلت وضعت العراقيين في زنزانات مماثلة... ولكن الله وضعك في زنزانتك التي اخترتها لنفسك، واستقبلت خبر مقتل ابنيك اللذين اشتركا في سفك دماء الابرياء وانت في حجرك ... وفي مخبأك جاءك الأميركان ليعتقلوك ويعرضوا صورك على شاشات التلفزيون لينظر اليك كل من سمع عنك ليرى «جبانا» ماثلا امام عدسة الكاميرا يفعل ما يؤمر به، تماما عكس ما كنت تفعل بغيرك...
يوم اعتقالك يوم فرحة لمئات الآلاف، بل لملايين البشر الذين قطعت قلوبهم بقتلك وتعذيبك لابنائهم... يوم اعتقالك يوم عيد لكل ام شهيد سفكت دمه... ويوم اعتقالك، كما يوم سقوطك خبر تتناقله الغالبية العظمى من الناس بالغبطة والسرور، ليس حبا في الاميركان او غير الاميركان وانما تأكيد لسنة الله في كل الذين علوا في الأرض واستكبروا وظلموا ونشروا البلاء ان يذيقهم شيئا مما عملوه في غيرهم قبل مماتهم وانتقالهم الى حساب وعذاب الآخرة...
أمس الاول كان الحاكم المدني الاميركي بول بريمر في البحرين يتحدث مع عدد من الصحافيين البحرينيين، وسافر في اليوم نفسه عائدا الى بغداد ليعلن للعالم في اليوم التالي: «حصلنا عليه»... حصل بريمر على غنيمته، وحصلنا على فرحتنا التي طالما انتظرناها ونحن نشهد سنوات الثمانينات تمزق بلداننا ومنطقتنا بسبب حرب الجاهلية التي بدأتها ضد ايران، وحربك الغادرة على الكويت، وحربك على شعبك التي بدأتها ضد كل العراقيين (ما عدا بعض أزلامك القتلة) منذ اليوم الاول الذي وصل فيه حزبك وعصابتك الى سدة الحكم في بلاد الرافدين فحولت مياه نهريها الى دماء تسيل في كل مكان... فعليك اللعنة ، وبئسا لك من طاغية، «وليخسأ الخاسئون»
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 465 - الأحد 14 ديسمبر 2003م الموافق 19 شوال 1424هـ