العدد 2339 - الجمعة 30 يناير 2009م الموافق 03 صفر 1430هـ

تركيا قامت عندما قعد العرب

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

لا يمكن لأحد أن يزايد على اعتدال تركيا، فهي الأقرب إلى أوروبا وأميركا و«إسرائيل» من كل الدول العربية، ومع ذلك كان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان أشجع من معظم دول ما تسمى بـ «الاعتدال العربي» ومن ضمنهم كل المسئولين في السلطة الفلسطينية في التعامل مع العدوان الإسرائيلي على غزة.

فأول أمس (الخميس) وخلال إحدى جلسات منتدى دافوس في سويسرا رفض أردوغان ومن على منبر دولي مهم العدوان الإسرائيلي، عندما احتد النقاش مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، بحضور أمين عام جامعة الدول العربية الذي ظهر عاجزا عن رد بيريز وهو الذي كان جالسا معه على نفس المنصة وعلى بعد مقعد واحد لا أكثر.

ولمن لا يعرف مدى أهمية العلاقات مع «إسرائيل» بالنسبة إلى تركيا، نقول إن أنقرة اعترفت بـ «إسرائيل» منذ العام 1949، ولها علاقات اقتصادية وأمنية وعسكرية متينة تعود إلى حقبة الحرب الباردة.

وإن قوة العلاقات التركية - الإسرائيلية ساهمت بشكل كبير في عدم إقدام أميركا على تحسين علاقاتها مع أعداء تركيا التاريخيين وهم الأرمن (بسبب ما يقال عن مذبحة منظمة تعرضوا لها خلال فترة الحكم العثماني)، واليونان (بسبب القضية القبرصية)، والأكراد (بسبب مطالب حزب العمال الكردستاني بإقامة دولة كردية في جنوب شرق الأناضول)، حيث كان اللوبي اليهودي في أميركا يلعب دورا مؤثرا في الحفاظ على علاقات طيبة بين أميركا وتركيا مادامت علاقة الأخيرة مستمرة بـ «إسرائيل».

وبالرغم من أن عدد اليهود في تركيا لا يتجاوز الـ 35 ألف يهودي، إلا أن لهم لوبيا لا يقل تأثيرا عن اللوبيات في أميركا والدول الغربية، فهم يملكون أكبر المؤسسات الإعلامية ولهم أضخم الشركات والمؤسسات الاقتصادية، فضلا عن وجود صحافيين وكتاب مسموعين ولهم رأي مؤثر على مستوى المؤسستين الاقتصادية والعسكرية، غير أصوات حزبية وسياسية عديدة تدافع عن «إسرائيل» وتهاجم من يعارضها في تركيا.

أما على المستوى الاقتصادي فلقد قدر حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2008 بنحو 3.5 مليارات دولار، أي ما يقارب ثلث حجم التبادل التجاري بين تركيا وكل الدول العربية.

تركيا ستخسر - بسبب قضية عربية - الكثير من علاقاتها ومستوى أفضليتها لدى الاتحاد الأوروبي وأميركا و«إسرائيل»، فبماذا عوضتها الدول العربية، في زمن صار العرب يدفعون لأعدائهم حتى بدون أن ينتظروا مقابل؟

تركيا، غير المنتظرة من العرب شيئا، لم تحصل حتى الآن على أية أفضلية تجارية أو سياسية على المستوى الرسمي العربي، أما على المستوى الشعبي فربحها مازال حبيس الشعارات ورفع الصور في التظاهرات والاعتصامات الشعبية.

على العرب الآن مسئولين وشعوب تقديم دعم سياسي واقتصادي يتعدى على الأقل الدعم المنظور الذي تحظى به دول غربية شجعت وساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم العدوان الإسرائيلي على غزة.

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2339 - الجمعة 30 يناير 2009م الموافق 03 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً