العدد 2339 - الجمعة 30 يناير 2009م الموافق 03 صفر 1430هـ

عزيزي باراك أوباما

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

فاز باراك أوباما ولم يفُز برنامجه الانتخابي كاملا. ربما هي طبيعة الديمقراطيات والتحالفات التي تعكس موازين القوى. لكن الأكيد أن ما سقط من أعلى كتفه لم يكن أكثر مما استطاع حمله. سواء في كمّه أو نوعه، وهذا هو الأهم.

الملامح الباراكيّة هي أمن «يرتكز على التعاون الدولي، وإعادة بناء التحالفات القديمة، والسعي نحو الشراكات الجديدة، والتركيز على الانسحاب من العراق، والعودة إلى الساحة الأفغانية ومكافحة الانتشار النووي، والسعي إلى سلام بين (الصهاينة) والفلسطينيين، وتقوية المؤسسات الدولية».

بطبيعة الحال فإن هذه العناوين في أغلبها هي مُقابِلة لإدارة يمينية أخافت العالم بغلواء القوة وتعظيم النفوذ من مكامن الضعف والتناقض. وهي إن صمدت (أي الإدارة الجديدة) في وجه تحديات داخلية أو خارجية فإنها ستجلب للعالم سِلْمَهُ المُشرّد.

المحذور الذي قد يقع فيه أوباما هو أن يتورّط في الملفات المُهلكة للإدارة المنصرفة، والتي قد تُحي وهجها التطورات على الأرض. وأهم تلك الملفات هي إيران والعراق. ففي الأول ركّز الرجل على أن توزيره لهيلاري كلينتون سيكون مساعدا لمكافحة توسّع إيران نوويا.

وفي الثاني أن يستمر في إبقاء قواته في العراق وعدم سحبه إياها في غضون 16 شهرا (كما وعد) إذا «اختلفت توصيات القادة العسكريين». وهذان الملفان باعتقادي جزء أساسي من مشكلة واشنطن في المنطقة.

هاجس هذين الملفّين ردده تقرير استراتيجي صادر عن مركز سابان بمعهد بروكينغز. التقرير حثّ أوباما على «وضع إيران كأولوية في السياسة الشرق أوسطية، وإجراء محادثات مباشرة من دون شروط مسبقة على طهران وحوافز لإقناعها بعدم زيادة الوقود النووي لتطوير قنبلة نووية».

على أوباما أن يفهم أن قضية الشرق الأوسط هي في أن أزماته مفصولة عن إجراءات حلّها. فهي مجموعة من الأزمات تتدافع كالدومينو، وأن كل السياسيات الغربية التي كانت مُتّبعة لإيقافها تبدأ من النظر إلى أن الخصم يجب أن يخسر أحجار اللعبة السبعة.

في حين أن تجاهل آلية الهزيمة تبقى غائبة. وهذا التجاهل نابع من الإصرار في عدم استخدام أحجار رئيسية في اللعبة مع أنها مفاتيح الحل. لتبقى كل المناورات المحاذية عصيّة على كسب المعركة.

هذه مشكلة واشنطن. هي لم تتّعظ من تجربتها مع اليابان عندما أصبحت الأخيرة خصما تجاريا لدودا. ولم تتعظ من تجربتها مع الصين حين أصبحت عملاقا مُزعجا ثم مخيفا.

وهي لم تتعظ أيضا من لعبة «المخارج الذكية» التي اختطتها دول وجماعات، أعيتها القوة الأميركية فلجأت إلى مسارح أكثر إيلاما عبر وضع العصي في العربة الأميركية، أو اللعب على التناقضات.

يجب أن يُدرك الأميركيون أنهم لم يتجاوزا فقط حكمتهم القائلة «الهيمنة على الأقل الحميد أفضل من توازن القوى» بل إنهم أساؤوا استخدام مكتسبات أوضاعهم الدولية، بل وأضاعوا مكتسبات صراعهم مع إمبراطورية الشرّ.

ونتيجة الهوس بقطبية منفردة أصبحوا غير مستوعبين حتى للتفسيرات الديمقراطية الجديدة. وغير مستوعبين لمواقف سياسية مغايرة لما هم سائرين عليه، أو يفكروا به.

لم يستوعبوا أن موقفا فرنسيا ألمانيا سيكون مختلفا عن موقفهم من حرب العراق. ولم يستوعبوا أن تقف اليابان ضدهم في حلحلة المسألة الكورية الشمالية. ولم يستوعبوا أن يقف الأتراك موقفا مغايرا لمواقفهم في جورجيا. وكلهم حلفاء لها.

هذا التمنّع الساذج لم يجلب للإدارة اليمينية المنصرفة سوى المزيد من المتاعب. وإذا ما أراد أوباما أن يُعالج قضايا التعليم والصحة وأزمة الديون فعليه أن لا يتورّط في توليد المزيد من الأزمات الدولية، لأنها حتما ستكلّفه من الـ»جُوْم» الكثير. الجهد والوقت والمال.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2339 - الجمعة 30 يناير 2009م الموافق 03 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً