استقبلت أبوظبي في الفترة من 19 إلى 21 يناير/ كانون الثاني 2009 وقائع معرض وفعاليات المؤتمر العالمي الثاني لطاقة المستقبل (World Future Energy Summit) حيث شارك نحو 17 ألف شخص من 79 دولة في أحداث هذا المؤتمر المهم. وقد شمل وقائع المؤتمرعدة محاور رئيسية، كسياسة واستثمار وتمويل الطاقة، والمباني الخضراء، والنقل النظيف، واستخدام الطاقات البديلة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والوقود الحيوي. لذلك فقد جذب المؤتمر انتباه مراسلي وسائل الإعلام العالمية وبالتالي تم نشر عدة تقارير في المجلات والصحف الدولية التي تسلط الضوء على المشروع الإماراتي الحديث للطاقات البديلة.
تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة عضوا أساسيا في منظمة الأوبك لأنها من المصدرين الرئيسيين للنفط الخام. بلغة الأرقام وبحسب إحصائية شركة بريتيش بتروليوم للطاقة العالمي، يبلغ المتوسط السنوي لإنتاج الإمارات نحو 2.9 مليون برميل يوميا في العام 2007 (3.5 في المئة من الإنتاج العالمي) أما احتياطاتها المؤكدة فتبلغ نحو 97.8 مليار برميل (7.9 في المئة من الاحتياطي العالمي). من هذه الأرقام نتبين أن الإمارات تستطيع الاعتماد على الذهب الأسود للـ100 سنة المقبلة، لذلك فإن استثمار إمارة أبوظبي نحو 22 مليار دولار لبناء مدينة «مصدر» المستدام قد سبب رفع الكثير من الحواجب لخبراء الطاقة في العالم. لكن ما هي مبررات إنفاق هذا المبلغ الهائل لبناء مدينة تأوي نحو 50 ألف مقيم وبمساحة 6 كيلومترات مربعة (بالمقارنة فإن المبلغ المستثمر لإنشاء جزر درة البحرين يبلغ نحو 6 مليارات دولار فقط وستأوي نحو 45 ألف مقيم وبمساحة 20 كيلومترا مربعا)؟
صراحة، لا أعتقد أن مسئولي الاستثمار يتوقعون أي هامش ربح من هذا المشروع لكن الجوانب الإيجابية للمشروع عديدة كالارتقاء بالبنية التحتية وتطوير القدرات المحلية والدولية لمرحلة ما بعد عصر النفط والارتقاء بقطاع الطاقات البديلة الذي يحتاج إلى تمويل مادي هائل.
تقنيا، وبحسب البيانات الصحافية لمخططي مدينة «مصدر» المستدام، فإنه من المتوقع أن تنخفض السعة الكهربية لاحتياجات المدينة من 800 ميغاوات إلى 200 ميغاوات من الطاقة النظيفة بسبب نوعية تخطيط المدينة، وسينخفض الاحتياج المائي لسكان المدينة ومستلزماتها المدنية بنحو النصف ومن المتوقع أن توفر إمارة أبوظبي نحو 2 مليار دولار على مدى 25 عاما بسبب خفض استهلاك الوقود وستخلق هذه المدينة نحو 70 ألف فرصة عمل و أخيرا ستضيف المدينة نحو 2 في المئة إلى الناتج القومي لإمارة أبوظبي.
هذه المدينة ستكون ورشة عمل ونقطة انصهار وتعاون بين خبراء الطرق وإدارة النفايات وحفظ المياه والمياه العادمة والمباني الخضراء و إعادة التدوير والتنوع البيولوجي والمناخ والطاقات البديلة والمؤسسات المالية الخضراء. وقد استثمرت شركة مصدر مئات الملايين في تطوير الخلايا الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة حيث قامت الشركة بشراء خطي إنتاج من شركة أميركية (Applied Materials). أما بالنسبة لتطوير العنصر المحلي فإن شركة مصدر وقعت اتفاقية تعاون مع معهد ماساشوستس للتكنولوجيا الأميركية لتأسيس معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا وهي ستكون جامعة تعليم عالٍ تركز على علوم الطاقات البديلة. وأخيرا، من المتوقع أن يتم الانتهاء من هذه المدينة في العام 2016 لتكون قبلة ورائدة الطاقات البديلة في العالم.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2339 - الجمعة 30 يناير 2009م الموافق 03 صفر 1430هـ