لا أحد يستطيع ان ينفي ان هناك ملفات وطنية ساخنة مازالت عالقة، وان مثل هذه الملفات مازالت محل اهتمام لدى كل وطني غيور وكل جمعية غيورة وكل برلماني منصف. ولكن ذلك لا يعني ان نتعاطى مع الواقع بموضوعية وباتزان وحرفنة.
واقعنا السياسي المحلي يحتاج إلى دقة اداء، وإلى ممارسة علمية تقوم على المعرفة من دون إلغاء آراء الناصحين من قادة الحركات الاسلامية الأخرى. فهمنا للساحات الأخرى واقترابنا من الآفاق المتنوعة لتجارب الآخرين يزيدنا نضجا واقترابا لفهم اللعبة السياسية.
وذلك لا يكون إلا بقراءة طويلة للابحاث الدراسية التي راحت - وبكل تجرد - تدرس تجاربها وتفيض عليها نقدا وتحليلا.
قراءة التوازنات المحلية، ومعرفة طبيعة مراكز القوى الفاعلية في المجتمع والسلطة مع عدم إلغاء التحولات الاقليمية والعالمية هي في غاية الأهمية. دعونا ننقد واقعنا بعلمية وبمراجعة للاداء حتى نستطيع ان نخدم المجتمع وحتى نوفق لتغيير واقع القاعدة التي تهمشت سنين وظلمت بسبب الاغتراب السياسي والغبن الاجتماعي.
ليس بالضرورة عندما نقول دخول اللعبة أو العمل من الداخل فهو يحصر في عمل البرلمان على رغم أهمية ذلك، ابدا فهو يشمل كل مواقع التأثير في المجتمع والسلطة. الدخول في الصحافة وتحمل ضغط السقوف أفضل ألف مرة من الهروب منها. ان تكون حاضرا في الصحافة مهما كان رأيك صائبا أو مخطئا يظل انك تلعب في ملعب مهم. لكنك لو كابرت في ذلك وقاطعت الكتابة استياء من قانون هنا أو من استغلال متنفذ هناك ستبقى رؤيتك مغيبة وسيأتي الآخرون لملء الكوب وستبقى ملزوما ومضطرا لقراءة ما يكتب. لكنك لو كنت موجودا ستلعب دورا وستكون أحد اللاعبين، والمؤثرين وهكذا هي اللعبة السياسية في الملاعب الأخرى. في القضاء، في المؤسسات الدينية، في المؤسسات المجتمعية، في الجمعيات الحقوقية في الصحف، في المجلات، في المؤتمرات... الخ غيابك يعني غياب وجهة نظرك. فغيابك يعني ابتعادك عن التأثير، يعني ان يملأ بآخرين. اما وجودك فيعني انك ستمارس صلاحيتك الادارية، والقانونية والوجودية في التأثير وهذه هي نقطة الارتكاز الجوهرية لقاعدة العمل من الداخل. لكل مرحلة ظروفها ومفاهيمها والقبول بالمرحلة الأخرى لا يعني التملص أو العدائية للمراحل السابقة من النضال الوطني. فلولا تلك لما حدثت هذه، ولكن المرحلة الثانية أصعب بكثير لانها لا تحل اللون الأسود أو الأبيض وانما هي مرحلة تتسم بالضبابية وتتحول من لعبة المنشورات والعمل السري والشعاراتي إلى مرحلة العلنية، والوضوح ومرحلة المؤسسات، والعمل المؤسسي أصعب بكثير من مرحلة النهوض والممانعة في ايران مثلا كانت مرحلة الحرب اسهل بكثير من مرحلة التقنين وتأسيس المؤسسات وبناء الدولة ففي الأولى إما أن تكون مع الحرب أو ضدها. أما المرحلة الثانية فتتسم بحراك سياسي واجتماعي وثقافي في كيفية بناء الدولة، كيفية التعاطي مع الآخر، كيف يتم التعامل مع الضغوطات الداخلية والخارجية، كيف يتم تأسيس النظرية والمشروع الاقتصادي، كيفية العامل مع مراكز القوى المختلفة، البازار، الجامعات، المثقفون، الحوزة باطيافها وهكذا. مرحلة البناء أصعب من مرحلة النهوض.
اشارات:
- نتمنى من وزارة الاسكان مراعاة مشكلة دمستان فتحقيق 11 طلبا لا يكفي والأمل يحدو الجميع بتفهم الوزارة لذلك كما وعدتهم سابقا.
- العيد الوطني هو عيد الجميع وخصوصا اذا كان في طريقه لحل ملفات المجتمع... نتمنى ان يكون فرصة وطنية لتقريب وجهات النظر والتواصل بين السلطة والمجتمع. وكل عام وانتم بألف خبر
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 464 - السبت 13 ديسمبر 2003م الموافق 18 شوال 1424هـ