العدد 464 - السبت 13 ديسمبر 2003م الموافق 18 شوال 1424هـ

Holes... ضحك وإثارة فقط!

منصورة عبد الأمير mansoora.amir [at] alwasatnews.com

تحوي قائمة الأفلام الموجهة إلى الأطفال آلاف الأسماء والوجوه من جميع أنحاء العالم، ولعل معظم هذه الأفلام تشترك في كونها ظريفة، ومضحكة، ومسلية، وتحوي الكثير من القوالب الكوميدية، هذا عدا عن احتواء عدد لا بأس به منها على دروس تربوية وتعليمية للأطفال.

وتأتي هذه الأفلام بمختلف الألوان واللغات لتشكل كما هائلا أصبح في الآونة الأخيرة شبيها بالجنك فود Junk Food ، الذي يأتي بأزهى الألوان وأظرف الحكايات وأجمل الأطفال وأقربهم إلى قلوب المشاهدين، لكنه مفرغ من أي محتوى نافع، أو قد تأتي ظريفة، ومثيرة تحوي من المغامرات والحكايات والغرائب ما يفغر فاه المشاهدين الصغار، وفي الوقت ذاته تربوية بطريقة ما، إما بصورة مسلية أو مملة جامدة، تتخللها تثاؤبات الأطفال وتتقاطع معها مناظر أعينهم الناعسة، لكنها تظل جنك فود، يرفضها الكبار ولا يتفاعل معها أولئك المهتمون بصحة عقول أطفالهم.

لكن الجنك فود هذا بدأ يقدم بصورة جديدة جاءت على غرار ما تقدمه ماكدونالز وبرجر كنغ، فهي على رغم كونها جنك فإنها تعجب الجميع، صغارا وكبارا، الأطفال... وآباء الأطفال، مثال على هذه الأفلام فيلما Monster Inc. Toy Story 2، اللذان قدمتهما ديزني في الأعوام الأخيرة وهما من أفلام الصور المتحركة، وعلى رغم عدم احتوائهما على دروس تربوية عالية فإنهما اعجبا الجميع والسبب كل السبب يعود إلى براعة الشركة المنتجة Pixar ومستوى التقنيات الفنية المستخدمة في التصوير والاخراج الفني لهذه الأفلام... الآن تضيف ديزني فيلما آخر لهذه المجموعة، لكنه في هذه المرة يأتي فيلما حيا بممثلين حقيقيين وليس دمى تتحرك أو وحوش تعيش على طاقة صراخ الأطفال وذعرهم.

يأتي الفيلم الذي يحمل اسم Holes والمأخوذ عن قصة بالاسم نفسه لكاتب الروايات الأميركي لويس ساتشر (وهو أحد كتاب السيناريو أيضا)، ليقدم نوعا جديدا... ومختلفا بشكل عام عن الكثير من افلام الأطفال للسبب الذي ذكر أعلاه، وهو مختلف بشكل خاص حتى عن الأفلام التي تعجب الجميع في أنه يأتي ليأخذ الأطفال الى عوالم جديدة لم يأخذهم اليها أي فيلم آخر!

تدور قصة الفيلم، أو لنقل القصة الرئيسية فيه، حول ستانلي يالنتس (شيا لابوف) الذي يُحكم عليه بقضاء فترة معينة في مخيم لاصلاح المراهقين يعرف باسم مخيم غرين ليك (البحيرة الخضراء!) وذلك بعد اتهامه بجريمة لم يرتكبها في واقع الأمر، وهناك يمر ستانلي بأوقات عصيبة، إذ يجد ان البحيرة الخضراء ما هي إلا بحيرة جافة منذ عشرات السنين وان المخيم يقع في وسط صحراء مليئة بالثعابين والسحالي القاتلة.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يجد نفسه يوميا مجبرا على شق حفرة ذات خمسة أمتار عرضا وطولا في قاع البحيرة الجافة، بحثا عن أي امر قد يعجب مديرة المخيم (سيجورني ويفر) وذلك تطبيقا للفلسفة المتبعة في هذا المخيم والتي تقتضي اخضاع المراهقين المذنبين لبرنامج شاق يقومون فيه بالحفر تحت حرارة الشمس لبناء شخصياتهم من جديد!

واضافة الى كل ذلك فان ستانلي يجد نفسه وسط مجموعة من الأولاد المزعجين الذين يرفضون ان يسموا بأسمائهم، ويختارون أسماء غريبة يفضلون ان ينادوا بها كالابطين armpits وأشعة اكس X-rays وصفر گero، ولا يتوقفون عند ذلك بل انهم يختارون لستانلي اسما هو رجل الكهف Caveman يناديه به الجميع حتى مديرة المخيم.

يمر ستانلي بالكثير من الحوادث المثيرة التي لا أجد عرضها هنا مفيدا حتى لا أفسد متعة مشاهدة للفيلم، لكن المهم هو أن هذه الحوادث تربط قصة الفيلم بطريقة أو بأخرى بقصتين فرعيتين تحدثان في أزمان وأماكن مختلفة، تتقاطع مشاهدهما مع مشاهد القصة الرئيسية وهكذا يجد المتفرجون أنفسهم وسط ثلاث قصص متداخلة أتقن مخرج الفيلم اندرو دايفس (مخرج فيلم Collateral Damage) وكاتبا السيناريو برينت هانلي ولويس ساتشار، التنقل بينها بانسيابية لم تجعل المشاهد يتوه بين حوادث القصص الثلاث الكثيرة والمتقاطعة.

الفيلم ممتع الى حد كبير... للصغار والكبار، أداء ممثليه رائع على رغم حداثة سن معظمهم، كما تتألق فيه ويفر التي تؤدي دور مالكة المخيم والتي تبدو شريرة وجشعة الى حد كبير على نحو ظريف ومضحك. وعلى رغم الكثير من الاعتراضات واللوم، الموجهين إليها لأدائها دور هذه المرأة الشريرة المرعبة التي لا تتوانى عن فعل أي شيء لتعاقب من يزعجها حتى ولو كان ذلك المزعج هو السيد Mr. Sir (جون فويت) مدير المخيم وخادمها المخلص... على رغم ذلك فإن سيجورني تألقت بشكل كبير وتمكنت من تقديم الشخصية بشكل كوميدي رائع يتناسب مع وتيرة الفيلم، والى جانب ويفر تدهشنا باتريشيا اركويت التي ظهرت بشخصيتين متناقضتين تماما في احدى القصص الفرعية، لتبرع في نقل هاتين الشخصيتين بشكل مذهل.

كذلك جاءت موسيقى الفيلم والأغاني التي تم تركيبها على الكثير من المشاهد لتنقل لنا ايحاء بالأوضاع القاسية التي يعيشها المخطئون الصغار في ذلك المخيم.

الفيلم بشكل عام جيد، لكنه لا يقدما إلى الأطفال أية دروس من أي نوع، ولذلك فلا تفكر في أخذ أطفالك إليه الا اذا كنت راغبا في اعطائهم وجبة من الضحك والتسلية والاثارة السينمائية فقط

إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"

العدد 464 - السبت 13 ديسمبر 2003م الموافق 18 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً