تسعى الحكومة بكل ما أوتيت الى تنمية القطاع الخاص وجعله أكثر جاذبية أمام الباحثين عن عمل وللعاملين فيه على السواء وذلك من أجل أن يرفع عنها بعض أعباء الانفاق الرأسمالي على المشروعات الكبرى من جهة ولتوفير المزيد من فرص العمل لاستيعاب الأعداد المتزايدة سنويا من العاطلين والباحثين عن عمل.
الا أن المتتبع لمزايا القطاعين، العام والخاص، يرى أن هناك حال عدم تكافؤ بين مزايا القطاعين تجعل العمل في الحكومة أكثر جاذبية وأمانا، ولايكاد موظفو القطاع الخاص يحصلون على شاغر مناسب في القطاع العام حتى يتركوا وظائفهم الخاصة من أجله.
ولدى استعراض عدد من المزايا للقطاع العام في مقابل القطاع الخاص نجد أنه في حين يذهب القطاع الخاص الى أقصى درجات الاستفادة من العاملين لديه وفق اتفاقات العمل الدولية اذ لاتقل ساعات العمل عن 48 ساعة أسبوعيا وهو الحد الأقصى وفق المعايير الدولية، تنخفض ساعات العمل في الحكومة الى 35 ساعة أسبوعيا وتنخفض في بعض القطاعات كالتعليم الى 32 ساعة أسبوعيا ما يمنح الموظف أو الموظفة وقتا أطول لممارسة أية أعمال حياتية أخرى غير العمل من أجل الكسب، هذا بالاضافة الى مزايا العطلات الطويلة التي يحصل عليها أيضا العاملون في قطاع التعليم، عدا المعوض عنها والتي تتصادف في عطلة نهاية الأسبوع والتي لايوجد مايلزم القطاع الخاص بتطبيقها.
كذلك فان المزايا التي تقدم من خلال أنظمة التأمين والتقاعد للقطاعين تجعل الحكومة تتفوق من حيث تقديم القروض منخفضة الفائدة وتوفير خيارات استبدال الراتب للعاملين لمدد طويلة بينما لاتزال المزايا المشابهة في نظام تأمينات القطاع الخاص تحت الدراسة «اللامنتهية»، مع الأخذ في الاعتبار أن جميع المصارف تمتنع عن اقراض العاملين في القطاع الخاص المرتبطين بعقود عمل، وهو الوضع السائد، لمدد أطول من فترة العقود ما يقلل فرصة استفادة هؤلاء من أية تسهيلات مصرفية شخصية ما يؤثر على تأجيل مشروعات الشراء الخاصة وعرقلتها.
هذا؛ عدا انعدام الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، واتجاه الكثير من المؤسسات الى تثبيت الرواتب وعدم منح أية زيادة سنوية في ظل عدم وجود أنظمة وقوانين ملزمة بذلك، ويضاف على ذلك عنصر الأمان الذي يراه الكثيرون في عقد العمل «الكاثوليكي» مع الحكومة والذي تقابله في القطاع الخاص العقود المحددة بعام أو بعامين في أحسن الأحوال.
هذه المساوئ للعمل في القطاع الخاص والتي يقابلها محاسن في القطاع العام قد لاتكون ذات علاقة بالنسبة إلى الكثير من المؤسسات الخاصة كالمصارف والشركات الكبرى مثلا التي توفر مزايا بلا حصر للمنتمين اليها مثل العلاوات السنوية، وتوفير التأمين الصحي والاشتراكات المجانية في أندية الترفيه، وتوفير أنظمة توفير أو اقراض من دون فائدة ولكنها بالتأكيد مصدر قلق ومعاناة للشريحة الأكبر من العاملين في القطاع الخاص.
وبذلك يبقى الحديث عن أي تشجيع للعمل في القطاع الخاص بلا معنى، وسيتواصل هروب البحرينيين من القطاع الخاص الذي يبقى ، للكثيرين، محطة انتظار لأول بارقة أمل للالتحاق بالوظيفة «الأبدية» في الحكومة
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 464 - السبت 13 ديسمبر 2003م الموافق 18 شوال 1424هـ