العدد 463 - الجمعة 12 ديسمبر 2003م الموافق 17 شوال 1424هـ

الصحافة ومسئولية الكلمة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لا يمكن أبدا ان تتحول الصحافة إلى بائعة هوى، أو إلى جارية تلمع شارب المسئول الفلاني، أو ترقص في الكبريه السياسي الفلاني. ودور الكاتب المسئول في الصحافة ان يعمل بذكاء لرفع سقف الصحافة كي تصبح سائلة بلا انتقائية... الصحافة المسئولة هي صحافة رقابية قد تصبح يوما من الأيام أقوى من كل المؤسسات الرقابية - بما فيها البرلمان - لأنها تفضح، تكشف المستور وتسقط ورقة التوت حتى ولو غلف بأغلفة الزهد والعفاف، فطريق جهنم محفوف بالنيات الحسنة. ولولا النيات الحسنة الساذجة المتأرنبة لما استطاع نابليون بونابرت ان يخدع جمهور المصريين. ففي النهار يلقي عليهم في الازهر - في عقر دارهم - دروسا في التفسير والوعظ، وينام ليلا على قرع كؤوس الخمر، فهو القائل - مضمونا - أنا مسلم بين المسلمين، أشرح القرآن، واذا ما ذهبت إلى المسيح اتلو الانجيل ولو قدرت للبعث إلى اليهود سأتلو عليهم التوراة.

إذن ليس دور الصحافة التطبيل أو صب القهوة الصباحية للوزير الفلاني أو «الكبتشينو» للمسئول الفلاني. وهذا هو طموحنا: ان تتحول الصحافة البحرينية الى صحافة مخيفة وبالقانون للفساد، للتجاوز، للخطأ أيا كان. يجب ان نمتدح ما هو صحيح وان ننتقد ما هو خطأ واذا كثر الخطأ كثر النقد وخصوصا وواقع سوق الصحافة يكثر فيه المهرولون والطبالون.

وقيمة الصحافة أن تلاحق الحقيقة من دون أن يردعها التشهير، ومن يضع نفسه موضع المسئولية وفي الشأن العام يجب ان يتحمل نقد الاداء وخصوصا في الوزارات. فالوزير يجلس على كرسي تحته مئات الموظفين وأحيانا الآلاف فلا ينتظر ان تقدم له الصحافة كل يوم وردة وخصوصا اذا كان الوزير صامتا او يبحث عن البخور قبل ان يبحث عن التصحيح... ان رقاب الآلاف من المواطنين في رحمة الوزير... فكيف سيتعاطى مع الواقع؟ وهذه قصتنا مع الوزارات. كلما انتقدنا وزيرا اتهمنا بالتآمر على وزارته.

وهذا حدث كثيرا طيلة هذين العامين ونظرية المؤامرة والتفسير التآمري حاضر في ذهنية غالبية الوزراء ساعة قراءته للصحافة. ولكن الكتابة لا تنتهي ما دام هناك فساد. يقول محمود السعدني في كتابه «عودة الحمار» ص76 «أعرف وزيرا عربيا في العالم الحميري استقال من منصبه واتخذ مكتبا خاصا، وأخذ معه جميع افراد مكتبه وكان كبيرهم بدرجة وكيل وزارة والآخرون بدرجة مدير عام وكان عددهم نحو عشرة موظفين، وقضوا أكثر من ثلاث سنوات يديرون مكتب الوزير المستقيل ولكنهم - أنظر للفساد - يتقاضون مرتباتهم من خزانة الوزارة التي كان يشغلها ليس هذا فقط ولكن الوزير المستقيل أخذ معه اسطول السيارات الحكومي الذي كان مخصصا للوزارة وظل معه حتى النهاية، السيارات والسائقون وحتى البنزين كان يصرفه ببطاقات حكومية».

علق السعدني قائلا: «لم تعد الوظائف مهنة، ولكنها أصبحت جزءا من الميراث وأصبحت أرباحا من شركة يسهم فيها الموظف فيأخذ منها نصيبه سواء كان يشغلها أم كان بعيدا عنها».

فعلا كما قال ابن خلدون في مقدمته: «آفة العرب الرئاسة». وهكذا قصتنا مع المناصب فالحق العام يتحول إلى غنائم عائلية.

إشارات:

- مناقصات ترسو على أصدقاء.

- مواطن يا دوب عنده شهادة ثانوية يصبح رئيس قسم على الدرجة العاشرة، والفرصة تمر مر السحاب.

- وزارة وصلنا هيكلها الإداري... قمنا بحساب عدد أبناء العائلة لأحد المسئولين بلغ رقما فضائحيا «أوما في زيت إلا من هالبيت».

- «غبكة» رمضانية كلفت مسئول وزارة يصيح من ضعف الموازنة مبلغا خياليا وان عشت أراك الدهر عجبا.

- وزير اتصل بمسئول شركة ليوظف أخاه. وظف الاخ واعطي درجة وراتبا يفوق الموظفين ممن بقوا سنين بالراتب ذاته، على رغم ان الموظفين يفوقونه في الخبرة والمؤهل. والوزير دائما ما يصرخ بالروح والدم نفديك يا شفافية

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 463 - الجمعة 12 ديسمبر 2003م الموافق 17 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً