ليس دائما ما يثمر الزواج أسرة سعيدة، فأحيانا ولسوء الحظ ينتهي المطاف الى أبغض الحلال عند الله وهو الطلاق. والذي قد يكون هو الحل الأمثل لمجمل المشكلات القائمة. ولكن في حالات أخرى ينتج وضع مختلف في العلاقة الزوجية، وهو وضع يختزن كل النواقص والإشكالات والاختلافات، ما يخلق علاقة زوجية هشة وفاترة.
فالفتور في الحياة الزوجية قد يكون بداية احتضار لحياة نشأت سعيدة وكان الاعتقاد أنها سعادة أبدية. ولكن الافتقار الى مفهوم الزواج وحاجته الى مبادئ سامية مثل الحب والتضحية والتعاون الى جانب الصبر والتفاهم، الافتقار الى كل ذلك يجعل من صفة الاستمرارية صفة متعبة وشاقة ما يخلق الفتور الزوجي والتململ الداخلي من الوضع.
وقد يكون ذلك نتيجة طبيعية لسطحية التفكير في اختيار شريك الحياة والاقتناع به، فإن عدم موائمة الطرفين لبعضهما بعضا في جوانب الشخصية والطباع والسلوكيات وحتى الأهداف، قد يؤدي الى ضمور وخمول العلاقة الزوجية فيما بعد نتيجة للشعور بالنقص وعدم التكامل.
ومن الأسباب المعكرة لصفو واستقرار الزواج التعصب السلبي. فإن التعصب للآراء والتمسك بها باسلوب ينتهك حقوق الطرف الآخر وحرية تفكيره ورأيه الى جانب التسلط والفرض يقضي على روح الحوار والمناقشة الفاعلة في الأسرة. فثقوا ايها الزوجان أن رايين أفضل من رأي واحد، وتلاقح الأفكار يكملها ويقومها وليس بالعكس.
ايضا لابد من الاتفاق والتوافق على منهجية الحياة الزوجية والاسلوب الأنجع في تسيير عجلتها، فإن الدستور الأسري الموحد والمتفق عليه يسهل من المضي في الحياة ومواجهة كل الظروف والصعاب والحوادث المتوقعة وغير المتوقعة.
أخيرا - وهذا لا يعني شمولية الكلام - فإن روح التسامح والعفو والمحمل الحسن بين الزوجين، هي روح اساسية ولابد منها، فهما مازالا بشرين لا يمكن أن يعصما من الخطأ، وزلة يوم لا تنسي حسنات الدهر. ولذلك غض الطرف عن الهفوات الصغيرة والتقصير، مع التنبيه باسلوب هادئ ولطيف خال من التجريح والإهانة هي الوسيلة التي يتبعها من آمن بقدسية الرابط الزوجي، وكان قاصدا وراغبا في الاستمرار للمساهمة في خلق مجتمع قوي ومتين، يستحق الخلافة في الأرض.
خديجة جمعة لطف الله
العدد 462 - الخميس 11 ديسمبر 2003م الموافق 16 شوال 1424هـ