كثر الحديث في الآونة الأخيرة ومنذ عصر النهضة عن حقوق الإنسان وانتشر هذا المصطلح بين الأمم وخصوصا دول العالم التي بدأت تسمع عن حقوق الانسان والدساتير والحريات السياسية، ولكن هذه الحقوق الوهمية هي في حقيقة أمرها (كلمة حق يراد بها باطل).
يشير هذا المصطلح إلى الحقوق التي يُعتقد ان كل البشر ينبغي ان يتمتعوا بها لكونهم (آدميين) ينطبق عليهم الشرط الإنساني. أي أنها استحقاق طبيعي لإنسان ليس من حق أية جهة أن تمنعه أو تقوضه.
أصدر (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 1948م بعد أن بدأ العالم أخيرا يحاول التقاط انفاسه ليستعيد الحياة من جديد أملا في أن لا يتدهور الوضع السياسي الدولي وينتج حربا ثالثة، وبعد أن خسر العالم الملايين من البشر سعت الدول الغربية المشاركة في هذه الحرب لوضع هذا الإعلان وصوغه وفق رؤيتها الثقافية وحضارتها المنهارة فجاء الإعلان العالمي - كما يسمى - يحمل في طياته افكارا وايديولوجيات المجتمع الغربي التي لا تنطبق بالضرورة على المجتمعات الأخرى وخصوصا مجتمعنا الاسلامي كونها تفصل الدين عن الدنيا و(أرادوا إصلاح أمور الدنيا بإفساد الدين، وأرادوا تقويض العقيدة بالايديولوجية، فاستعاضوا بالناقص عن الكامل وقصروا جهدهم على الحقيقة بعد أن استغنوا عن الحق).
جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بديباجته القوية مقرا حقوق الانسان في الحياة والحرية والكرامة وإلمساواة أمام القانون... ومن يستقرئ هذه الحقوق يدرك سلفا انها بعيدة كل البعد عن الجانب العقائدي واتصال الإنسان بخالقه، والقيم الروحية التي تحيي الضمير الانساني، كما يدرك أنها حقوق فردية يتمتع بها أصحاب السلطة والنفوذ أما البسطاء والضعفاء فإن هذا الإعلان يضمن لهم حرية الأفكار والتطلعات والأماني من دون ان يدركوا ان سبل الوصول اليها وانتزاعها، أو حتى دفع القهر والظلم عن انفسهم لانها حقوق شكلية ليست إلزامية تفتقد آلية التنفيذ فهي تمنح الإنسان حرية التعبير مثلا ولكنها تمنع شعوبا من حق تقرير مصيرها! تجدد السجال مرة أخرى عن هذا الإعلان وذلك عندما انعقد المؤتمر العالمي لحقوق الانسان في فيينا العام 1993م إذ طالبت بعض الدول بإسقاط صفة العالمية عن هذه الحقوق واستبدالها بمبدأ النسبية ولكن ذلك لم يتحقق نظرا للثقل السياسي الذي تتمتع به الدول الواضعة لهذا الإعلان وتسابق الدول الاخرى لنصرتها كالمعتاد! وللتعتيم على الانتهاكات الإنسانية التي تمارسها ضد شعوبها.
هذه الحقوق التي أقرتها جماعة من البشر وأعطتها صفة الشمولية والعموم وغلفتها بعبارات جذابة براقة تخطف الأبصار لن تسمو أبدا للعدل الإلهي وشريعة السماء فنحن لسنا بحاجة إلـى أفكار وتصورات وايديولوجيات غربية تملي علينا حقوقنا، فديننا الحنيف أعطى كل فرد حقوقه، وبين ما عليه من واجبات وضوابط يلتزم بها اتجاه نفسه واسرته ومجتمعه فلا بديل لشريعة آلهية انزلها المولى للناس كافة تصلح لكل زمان ومكان.
رسالة سلمان علي
العدد 462 - الخميس 11 ديسمبر 2003م الموافق 16 شوال 1424هـ