حين نشعر بالضياع والتشتت... حين نشعر بالألم والفراق والتمزق، حين تنتفض أقلامنا وتكاد تنطق، حين تتبعثر أحلامنا وتتمزق كسحابة صيف أبحرت في سماء الأمنيات، حين لا نجد من يفهم «خربشاتنا» على صفحات الزمن، حين تتباعد خطواتنا وتغوص أرجلنا في أوحال الدنيا، فمن يسمعنا ومن يفهمنا ومن ينتشلنا من واقع مسموم بل من بيت الهموم وأوتار الغموم؟.
أسئلة لا تبدو حائرة في ذاتها، عبارات تبدو متشابكة حروفها، فكلنا في ضياع لا أمان لمستقبلنا لا أنا ولا غيري ولا حتى أبنائي فكل من في عمري يبني حلمه حتى يستطيع تحقيقه في المستقبل وأنا اشعر أن كل أحلامي تتلاشى. لماذا؟ هل لأنني لم ولن أجد ما يساعدني على الوصول إلى حلمي...؟ أم الآمال التي أرى الكثيرين من حلموا بها لم يستطيعوا تحقيقها. فمعظم الشباب جالسون في بيوتهم والفراغ يغشي أعينهم لا ينطقون إلا بكلمة «ملل».أليس هذا يجعلهم يسيرون في طريق الضياع ويقتربون منه شيئا فشيئا؟! إن ما أراه يحبطني.. ماذا لو أكملت الإعدادية ومن ثم الثانوية، هل سأحصل على كرسي في الجامعة؟ كيف سأحصل عليه والأجانب يزاحمونني في كل مكان، في مدرستي، في جامعتي، في بيتي، في الأسواق في مركزي الصحي؟ لو افترضت أنني حصلت على كرسي في الجامعة هل سأحصل على الوظيفة التي أريد؟ هل سأحصل على ما أتمناه حتى أواصل حياتي بأمانة وشرف؟
تنعقد الإجابة في لساني فلا تستطيع الخروج. فأنا لا أدري إن كنت سأضمن مستقبلي ومستقبل عيالي والأجيال!! إنني أملك صورة مشوشة عن المستقبل لا أستطيع تصورها أو حتى توقعها، فهناك حاجز حائل بيني وبين حلمي... كلما وقع نظري في مكان في العالم أجد الغش والرشوة والربا أصبحت محرمات عادية، أصبح العمل من دون رقابة أو حتى من دون حسيب، كأن لا شريعة ولا دين، فمعظم الشباب في ضياع وترف لاهون عن شيء يسمى كتاب الله وسنة رسوله. ولكن مهما قلت ومهما كتبت ما الفائدة، هل سيتغير شيء من الواقع شيء؟ هل سأستنشق الهواء النقي؟ البحارردمت والمصانع والمجمعات والمباني امتدت إلى القرى والمدن. من المستفيد نحن أم الآتون أم شباب اليوم؟ «لا أظن ذلك». كل ما يجري لا يكون في مصلحة أحد سوى فئة معينة لا تفكر إلا في نفسها غير آبهة ولا مهتمة لأحد.
كلها أسئلة تدور في خلدي فهل من أحد يجيبني؟ وهل من أحد يستطيع أن يشعرني بالأمان؟ وأين الأمان وأنا أرى الشرق والغرب تكالبا على إسلامي وقرآني وأصبحا يتدخلان في كل صغيرة وكبيرة في حياتي وحتى قراراتي... فأنا لا أستطيع أن آخد القرار الذي يناسبني فلكي أعيش في هذا العالم المترامي الأطراف لا بد أن آخذ القرار الذي يناسب الاستكبار في هذا العالم.
تقي حسن سند
العدد 462 - الخميس 11 ديسمبر 2003م الموافق 16 شوال 1424هـ