كسرت زيارة العمل التي قام بها منذ ثلاثة أيام رئيس وزراء إسبانيا خوسيه ماريا أثنار للمغرب على رأس وفد يضم ثمانية وزراء في إطار أعمال الاجتماع السادس للجنة العليا المشتركة «المغربية - الإسبانية» الحدة التي كانت سائدة على مستوى العلاقات بين البلدين لوقت قريب. ففي المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد جولة الاجتماعات مع نظيره إدريس جطو واستقباله ووزيرة خارجيته آنا بالاثيو من قبل العاهل المغربي الملك محمد الخامس، بدا أثنار مرتاحا للغاية للتقدم الحاصل من خلال إجابته عن الأسئلة. وعلمت «الوسط» من مصادر مقربة من الوفد الإسباني أن قرارات كثيرة ومهمة في مختلف المجالات اتخذت خلال هذه الزيارة، التي ستظهر نتائجها قريبا.
ومن أبرز المؤشرات على هذا التقدم، عدا اتفاقات التعاون المتعددة منها على سبيل المثال لا الحصر، موضوع الهجرة السرية و«الإرهاب» اللذان يقلقان مدريد. والنداء الذي وجهه الطرفان، والداعي إلى اعتماد «حل سياسي توافقي» بشأن مشكلة الصحراء الغربية. ما نشرته الأوساط المراقبة على أنه تحول نوعي في الموقف الإسباني الذي كان يدعم بشكل غير مباشر جبهة البوليساريو، مستخدما هذه الورقة في فترات التأزم مع الرباط بهدف زيادة الضغط السياسي عليها. من ناحية أخرى، تؤكد مصادر الخارجية المغربية أن الطرفين توصلا إلى تدوير الكثير من زوايا نقاط الخلاف الرئيسية حتى لو لم يتم حلها بصورة نهائية، في طليعة ذلك ملف الصيد البحري. ومن الخطوات الإيجابية التي تثبت نجاح هذه الزيارة، تقديم مدريد لخط افتراضي بلغت قيمته 270 مليون يورو، إضافة إلى عشرة ملايين أخرى خُصصت لدراسات الجدوى المتعلقة بالمشروعات المشتركة.
في السياق نفسه، ذكرت مراجع مقربة من الوزير الأول المغربي إدريس جطو، الذي قاد المباحثات مع أثنار، أنه تم الاتفاق على تحويل جزء من الديون الإسبانية المترتبة على المغرب إلى استثمارات. ويشار إلى أنه في عز التأزم في العلاقات بين البلدين، بقيت مصالح الطرفين الأساسية، أمنية وعسكرية وثقافية ومالية بمنأى عن التجاذبات الحاصلة. ولابد هنا من التذكير بأن المغرب بادر في الشهرين الماضيين إلى تقديم لفتات اقتصادية ذات مدلولات سياسية لمدريد بحيث وقع معها اتفاقين للتنقيب عن النفط في المناطق المتنازع عليها في المياه الإقليمية، ما يؤكد استراتيجية العلاقات بين البلدين.
باختصار، بددت زيارة أثنار هذه الشائعات ولمرة أخيرة، عن قيام محور إقليمي متوسطي بين الجزائر وإسبانيا على حساب المغرب. وعلمت «الوسط» أن مدريد ستقوم إلى جانب باريس بدور في تقريب وجهات النظر بين الجارين المغاربيين بدءا من العام المقبل
العدد 462 - الخميس 11 ديسمبر 2003م الموافق 16 شوال 1424هـ