العدد 462 - الخميس 11 ديسمبر 2003م الموافق 16 شوال 1424هـ

التكتيكات الأميركية في العراق بدأت تشبه الإسرائيلية

الصحف الأميركية:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

فيما تتواصل عمليات المقاومة العراقية، وتحتجز قوات الاحتلال الأميركية عدة آلاف من العراقيين بينهم مئات من المسئولين السابقين. ومن ضمن هؤلاء 40 من الخمسة والخمسين مطلوبا الرئيسيين من أركان نظام صدام حسين. واصل المعلقون الأميركيون رصد التطورات العراقية وبدا ان موضوع التعاون الإسرائيلي - الأميركي في العراق هو الأكثر إثارة بالإضافة إلى الربط بين الفشل الأميركي في العراق وملف الصراع العربي - الإسرائيلي، وبحسب «نيويورك تايمز»، فإن التكتيكات الأميركية في العراق بدأت تشبه تلك التي يلجأ إليها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين. أما العلاقة الفلسطينية - الإسرائيلية فقد سممت الحوار السياسي في الشرق الأوسط لذلك كان من المفترض أن يكون غزو العراق، هو بمثابة الدواء المضاد لذلك السم.

وعلّق الرئيس السابق لقسم شئون الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية باتريك لانغ من على موقعه على الإنترنت، على ما جاء في المقال الذي نشره سيمور هيرش في مجلة «نيويوركر» الأميركية والذي يفيد ان الولايات المتحدة تتلقى مساعدة من «إسرائيل» من أجل القضاء على المقاومة العراقية. وذكّر لانغ، أن الإسرائيليين، التزاما بعقيدتهم التي تستند إلى القوة القصوى والرد العسكري وترهيب السكان، قاموا بقتل أعداد لا تحصى من الفلسطينيين. وأضاف ان الدماء قد سالت بكثرة على الأرض المقدسة ولم تحصل الدولة العبرية على أي شيء في المقابل. وإذ ذكّر بكل ذلك تساءل هل هذا هو النموذج الذي يريد الأميركيون اتباعه في العراق؟ وهل تلك العقيدة التي لم تنجح في «إسرائيل/ فلسطين» (كما وردت عند لانغ) ستنجح اليوم في العراق؟ وهل يظن الأميركيون فعلا ان بإمكانهم ترهيب العراقيين السنّة؟

وكان سيمور هيرش في «نيويوركر» الأميركية قد أكد ان القوات الخاصة الأميركية في العراق تتلقى مساعدة سرية من «إسرائيل» وتستخدم أعضاء سابقين في حزب البعث. ونقل عن مصادر غير محددة من أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، ان القوات الخاصة الأميركية عملت بشكل وثيق مع عناصر كومندوس ووحدات استخباراية إسرائيلية خلال التحضير للحرب على العراق وذلك في قاعدة براغ في كارولاينا الشمالية كما في «إسرائيل». وأوضح هيرش، ان الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية قررتا الحفاظ على السرية المتعلقة بتعاونهما. لافتا إلى ان الحكومتين الإسرائيلية والأميركية تجدان انه من الأفضل لهما ألاّ تعطيا أية معلومات عما يدور من تعاون بين الأميركيين والإسرائيليين بشأن العراق. ولفت هيرش، إلى وجود نقاش بين الإسرائيليين والأميركيين عما إذا كان اتباع سياسة استهداف عدد كبير من الأفراد هو أمر فعال لإحلال الاستقرار في الأراضي العراقية خصوصا أن القوات الأميركية قد فشلت حتى الآن في الحصول على معلومات تفيدهم في مواجهة العمليات التي تطال الجنود الأميركيين وتودي بحياة الكثير منهم.

ونقل هيرش، عن مسئول إسرائيلي رفع المستوى، ان «إسرائيل» تحاول إقناع واشنطن، بأنه لا حاجة لها لأن تجهد للقضاء على «أصل» المقاومة لأنه بمجرد السيطرة على الأذرع المقاومة يمكن لجم الأعمال الانتقامية إلى حد ما. وأوضح المصدر انه على واشنطن، أن تسعى للحؤول دون ظهور أذرع مقاومة جديدة. ولاحظ الصحافي الأميركي، ان اعتماد الإدارة الأميركية على العمليات السرية يزداد، مشيرا إلى ان الأولوية لدى القوات الخاصة الأميركية هي القضاء على المتمردين البعثيين من خلال الاعتقال أو القتل. ولتحقيق هذا الهدف تشكلت فرقة من الأجهزة الخاصة في البحرية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي.آي.إي» وستقدم تقريرا عن عملياتها في يناير/ كانون الثاني المقبل. ولفت هيرش، إلى انه بهدف تحسين معلوماتهم، يستند الأميركيون إلى عناصر قدامى في حزب البعث لتدريبهم ومساعدتهم على التسلل والنفاذ إلى صفوف المتمردين. موضحا ان وظيفة المتسللين هي تأمين معلومات عن نشاط المتمردين ما يسهل على القوات الأميركية أمر القضاء عليهم. ونقل عن مصدر شديد الإطلاع من الـ «سي.آي.إي»، ان من بين العناصر التي يتم تدريبها لتنفيذ هذه المهمة، هو المسئول السابق عن العمليات الخارجية لأجهزة الاستخبارات العراقية فاروق حجازي. لافتا إلى ان حجازي، كان من أكثر الموالين المخلصين للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. وقد أبرم حجازي بحسب المصدر، اتفاقا مع الأميركيين بعدما اعتقل في ابريل/نيسان الماضي وهو سيساعد واشنطن، على إعادة تنشيط حركة الاستخبارات العراقية القديمة في العراق.

ولاحظت «نيويورك تايمز»، في افتتاحيتها التشابه بين العراق اليوم وفييتنام الأمس لاسيما في اللافتات العسكرية التي تشير مثلا إلى وجوب تدمير قرية ما من أجل إنقاذها وغيرها من الأمور الكثيرة التي لا يمكن إحصاؤها. وتبنت الصحيفة الأميركية في هذا السياق ما قاله الكاتب الأميركي ديكستر فيلينكس، في الصحيفة نفسها إن التكتيكات الأميركية في العراق بدأت تشبه تلك التي يلجأ إليها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين. وأوضحت ان العلاقة الفلسطينية - الإسرائيلية قد سممت الحوار السياسي في الشرق الأوسط لذلك كان من المفترض أن يكون غزو العراق، هو بمثابة الدواء المضاد لذلك السم. وعرضت «نيويورك تايمز»، رؤيتها للوضع العسكري والأمني في العراق، فلاحظت ان عناصر الميليشيات يستهدفون القوات الأميركية ما يحذو بتلك القوات أن تقوم برد عسكري يؤدي إلى خسائر بشرية في صفوف المدنيين أو إلى وقوع بعضهم في الأسر بينما يقومون بالبحث عن لقمة عيشهم. كل ذلك توضح، الصحيفة الأميركية لأن القوات التي قامت بغزو العراق الذي ينتمي إلى حضارة مختلفة. وكررت الصحيفة الأميركية موقفها الثابت من ان الأمم المتحدة هي القادرة على إعادة بناء العراق نظرا لأن القوات الأميركية غير مجهزّة بشكل جيّد من أجل القيام ببناء دولة تختلف عنها حضاريا وثقافيا. غير انها استدركت في الختام بأنه حتى لو كانت الإدارة الأميركية راغبة في الخروج من العراق فإن عليها أن تدرك انه أمر من غير السهل تنفيذه.

وتطرقت خبيرة في شئون «الإرهاب» في جامعة ويسليان الأميركية مارثا كرينشو في موقع المعهد الأميركي للسلام، في مقال تحت عنوان «لماذا أصبحت الولايات المتحدة هدفا للإرهاب» إلى أسباب العداء للولايات المتحدة حول العالم الذي هو الحافز الرئيسي للإرهاب الذي يستهدف المصالح الأميركية. ولاحظت كرينشو، وجود عدة اتجاهات في الولايات المتحدة لتحليل أسباب «الإرهاب». وأولى تلك الاتجاهات يفيد بأن «الإرهاب» ضد الولايات المتحدة، له جذور حضارية بمعنى ان أعداء الولايات المتحدة، «يكرهون» الأميركيين بسبب ثقافتهم وقيمهم من تحرر وعلمانية وديمقراطية وحرية وتسامح. وتابعت ان شريحة كبيرة من الأميركيين تعتبر ان الإسلام وراء المواقف السلبية من نمط العيش الأميركي والغربي. لذلك فإن الموالين لهذا التوجه مقتنعون بأن الطريق الفضلى لوضع حد لظاهرة «الإرهاب» هي تغيير التوجه الفكري لدى الخصم. وانطلاقا من هذا تقوم الولايات المتحدة بتعزيز علاقاتها الدبلوماسية من أجل التخفيف من المعاداة للأميركيين ونشر صورة جيّدة عنها حول العالم، إلى جانب دعم الإصلاحات التربوية في الدول الإسلامية من أجل تعزيز الفهم والموضوعية لاسيما لدى الشباب بالإضافة إلى تشجيع الاعتدال في مواجهة التطرف والجهاد. وأشارت في هذا السياق إلى ان الموالين للحرب على العراق يأملون في أن يتحول هذا البلد إلى مثال حي على القيم التي يتمنى الأميركيون نشرها في جميع أنحاء العالم الإسلامي. غير ان الخبيرة الأميركية شددت على ان انعدام الأمن في العراق إلى جانب الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها هذا البلد بالإضافة إلى الاحتلال العسكري قد أدت جميعها إلى تغذية الشعور بالعداء للولايات المتحدة حول العالم وتأكيد مقولة أسامة بن لادن بأن الحرب على «الإرهاب» ليست سوى حجة للحرب على المسلمين.

إلى جانب ذلك، لفتت كرينشو، إلى وجود اتجاه ثانٍ يقول إن سبب «الإرهاب» يكمن في الشعور بالحسد من الولايات المتحدة بسبب ثرواتها وهيمنتها على العالم، ما أدى إلى بروز شرخ بين الولايات المتحدة ودول العالم الإسلامي بدأ يتّسع أكثر فأكثر بفعل العولمة. وخلصت إلى ان هذا الاتجاه يعتبر ان «الإرهاب» هو سلاح الضعيف ضد القوي. ويقترح إزالة الفروقات بين الدول الفقيرة والدول الغنية كي تختفي الحوافز التي تحرّض على «الإرهاب». وأضافت أن مؤيدي هذا الاتجاه على قناعة بأن عراقا مزدهرا سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح غير انها اعتبرت ان النجاح الاقتصادي في العراق لن يؤدي إلى نهوض اقتصادات الدول الأخرى في المنطقة. مؤكدة أن حليفا عراقيا مستقرا وغنيا سيساهم في توسيع نفوذ الولايات المتحدة وبالتالي سيؤدي إلى اتساع ظاهرة كره الأميركيين لاسيما في الدول النامية. واستدركت بأن الواقع يشهد بأنه حتى الولايات المتحدة، هذه القوة العظمى، لم تستطع حتى الآن إعادة الكهرباء إلى العراق وحماية الموارد المائية وأنابيب النفط، مشددة على ان فشل الأميركيين في العراق، ناجم عن افتقارهم إلى الإرادة وليس إلى القدرة. أما الاتجاه الثالث فيفيد بأن «الإرهاب» ناتج عن بعض حالات الظلم التاريخي الذي تتحمل الولايات المتحدة مسئولية وقوعها لا سيما على مستوى النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي ما يعني، بحسب مؤيدي هذا الاتجاه، ان إيجاد حل سلمي لهذا النزاع سيساهم في وضع حد «للإرهاب»، وان الانتصار في الحرب على العراق، سيطلق حملة التغيير في الشرق الأوسط وسيلجم المجموعات الفلسطينية التي كانت تتلقى الدعم المادي من صدام حسين. غير ان الواقع، تلاحظ كرينشو، يشهد على ان الاحتلال الأميركي للعراق لم يؤدِ سوى إلى نشوء حالات جديدة من الظلم إلى جانب ظهور مجموعات «إرهابية» جديدة في البلاد. هذا وأوردت الخبيرة الأميركية في شئون «الإرهاب» فهمها الشخصي لتفسير هذه الظاهرة. فاعتبرت ان المنظمات والمجموعات «الإرهابية» لديها أهداف سياسية محددة، وإقامة دولة إسلامية هو أحد أبرز تلك الأهداف على رغم كونه غير واقعي. وأضافت انه لتحقيق تلك الأهداف، ترى تلك المنظمات انه لابد من حشد دعم شعبي. من هنا جاءت فكرة استهداف المصالح الأميركية في العالم لأنه يضع المنظمات «الإرهابية» في مرتبة القوي في نظر الشعوب المسلمة لأنها تستهدف قوة عظمى هي الولايات المتحدة. وإذ لفتت إلى ان تغيير مواقف الشعوب تجاه الأميركيين سيكون صعبا وبطيئا، أكدت ان الوسيلة الوحيدة لردع المنظمات «الإرهابية» هي منعها من الحصول على الموارد المالية ووضع حد لقدرتها على تجنيد المقاتلين لأنها تستمد من عملياتها ضد الأهداف الأميركية مصدر قوتها وشعبيتها وشرعيتها في نظر الشعوب المسلمة.

ومقولة «فتش عن إسرائيل» لم تغب عما كشف عنه جيفري شتاينبرغ في موقع إكزكيوتف إنتلجنس ريفيو (الأميركي) على الإنترنت نقلا عن مصدر مطلع في واشنطن، من ان سلسلة من المناقشات الحامية جرت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي خلف أبواب مغلقة في مكتب نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، وكان موضوعها الرئيسي هو البحث في ضرورة شن حملة تشهير ضد المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية ليندون لاروش أم لا بسبب حملته المستمرة منذ عام تقريبا لفضح نائب الرئيس بصفته مسئول عن حرب العراق الكارثية والمخططات الرامية إلى شن سلسلة من التدخلات العسكرية الجنونية في المستقبل وكل ذلك بغرض الترويج لإمبراطورية أميركية. وأوضح المصدر انه بينما عارض بعض مساعدي تشيني السياسيين مثل هذه المواجهة الرعناء ضد لاروش، أصر بعض من وصفهم بالمهووسين في مكتب تشيني ومنهم تشيني نفسه وكبير موظفي مكتبه لويس ليبي، على ضرورة ألاّ تمر حملات لاروش من دون رد. وتابع المصدر بأن تشيني وجماعته قد أطلقوا العنان لحملة خدع قذرة ضد المرشح الديمقراطي للرئاسة بنشر الهجوم البذيء على لاروش، بقلم من وصفه بكاتب المحافظين الجدد كينيث تيمرمان في مجلة «إنسايت» البريطانية في 24 أكتوبر الماضي على خلفية التحقيقات الجارية عن شرعية مكتب الخطط الخاصة التابع للبنتاغون. وأضاف شتاينبرغ، ان الترويج لهجوم تيمرمان، يتم من قبل أحد مروجي فكر المحافظين الجدد فرانك جافني، من على موقعه على الإنترنت الخاص بمركز السياسات الأمنية. وأوضح شتاينبرغ، ان تيمرمان، اتهم ليندون لاروش، بالوقوف وراء التحقيقات الجارية عما وصفه تيمرمان، بأنه مكتب تخطيط شرعي وفعال خاص بالعراق. موضحا بأن القضية بدأت حين اتهم لاروش، المحافظين الجدد الذين أسماهم «أبناء الشيطان» بأنهم كانوا يديرون عملية استخبارية خبيثة في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» تهدف إلى تزييف معلومات استخبارية وجر الولايات المتحدة، إلى حرب غير ضرورية، وكل ذلك نزولا عند رغبة «إسرائيل»

العدد 462 - الخميس 11 ديسمبر 2003م الموافق 16 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً