استطاعت المرأة العربية بعد نضال طويل أن تحصد بعضا من المكتسبات التي لا تقل حجما عن الرجل... فبعد أن كانت مكتسبات التعليم والخروج إلى سوق العمل حكرا على الرجل أصبحت المرأة اليوم قادرة على مواصلة التعليم، بل وتنافس الرجل في مواقع العمل المختلفة. وعلى رغم ما حدث من تطور إيجابي لصالح المرأة العربية في هذين المجالين فإنها اليوم بدأت تتذبذب في مواقفها وفي طرح قضاياها لانصافها مع الرجل وخصوصا فيما يتعلق بحقوقها المدنية.
واذا أردنا أن نتصفح التاريخ فنجد ان الصالون الأدبي الذي اسسته الأديبة اللبنانية مي زيادة والذي ضم وجوها فكرية وثقافية من القاهرة قد شكل في واقع الأمر منعطفا في العلاقات الحضارية بين الجنسين أي بين المرأة العربية والرجل العربي.
أيضا فقد أّثرت النقاشات الحادة التي أثارها قاسم أمين وغيره من مناصري تحرر المرأة في مطلع القرن الماضي، اذ وجدت المرأة المصرية لنفسها فرصة سانحة للمشاركة في أول تظاهرة نسائية عرفها العالم العربي، وذلك في ظل التعبئة القومية ضد الاستعمار الأجنبي.
فجاءت ثورة 1919 ضد الانجليز وفيها سارت النساء المصريات للمرة الأولى في الشوارع، وكان من بينهن مؤسسة «اتحاد النساء المصريات» هدى شعراوي؛ فشعراوي لم تكتف بالخروج في مظاهرة نسائية، بل كانت أهدافها مزدوجة من تحرير المرأة في بلادها إلى مقاومة الاحتلال معبرة بآرائها بجرأة، كاشفة وجهها علانية أمام الناس مزيحة بذلك النقاب الذي كان يفرض على مثيلاتها في تلك الفترة في ظل أحكام الدولة العثمانية.
لقد كانت النساء في ذلك الوقت يطرحن قضاياهن بأساليب أدت في الوقت الحاضر إلى تحقيق بعض الانجازات التي تتمتع بها المرأة العربية.
إلا أنها لاتزال قيد الموروثات الاجتماعية التي تتحكم فيها أعراف وتقاليد النظام الأبوي الذي لاتزال آثاره تعرقل طريق المرأة في شتى النواحي فأصبحت بذلك أسيرة للقوالب الاجتماعية والأسرية التي تصنع لها شكلها ومستقبلها.
إن أساليب اليوم تختلف، فهناك إهمال واضح وتجاهل لحقوق المرأة عموما. فالكثير من نساء المنطقة مازلن يعشن هاجس الخوف من التحدي... لهذا ظلت قضايا نسوية كثيرة معلقة أو محفوظة في خزائن الرجل من دون حل، مع ان المرأة والرجل يشكلان معا اساس البناء والتقدم في المجتمع الإنساني
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 462 - الخميس 11 ديسمبر 2003م الموافق 16 شوال 1424هـ