العدد 461 - الأربعاء 10 ديسمبر 2003م الموافق 15 شوال 1424هـ

ما بعد «أبو العيش» الإصلاح وليس الانشقاق

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

على رغم كل السلبيات التي بدأت تتضح أكثر فأكثر ما بعد مسرحية «أبو العيش» في طريقة العمل السياسي الذي تشرف عليه جمعية الوفاق، فإن الناشطين السياسيين داخل اتجاه الوفاق لم يتطرقوا إلى موضوع «الانشقاق»، وهي نقطة إيجابية تحسب لهم. فالأكثرية هم من الذين يغلبون المصالح العامة على المصالح الخاصة، والأكثرية هم من الذين قدموا الغالي والنفيس دون تردد عندما احتاجت الأمة إلى تضحياتهم، والأكثرية كانت صامتة حبا في الحفاظ على وحدة الصف أكثر من أي شيء آخر ربما كان هذا ما يعتقد من أمسك واحتكر إصدار «الوصفات السياسية المختزلة جدا».

لم يعلُ صوت داخل صفوف الوفاق يدعو إلى الانشقاق ولكن خرجت الاصوات تطالب بالاصلاح الداخلي وبمراجعة الامور بعقلانية بعيدا عن الحماس والتأجيج الذي «يستمتع» البعض بإثارته حتى لو كانت النتائج عكسية عليه وعلى غيره...

الحديث الذي برزت فيه فكرة او احتمال الانشقاق كان قبل تأسيس الجمعية عندما اختلفت رموز الاتجاه الذي ورثت «الوفاق» قيادته على ضرورة او عدم ضرورة وجود جمعية اهلية سياسية تمثلهم. آنذاك انعقد «اجتماع طارئ» جمع بعض الرموز وعلماء الدين الكبار تداولوا الأمر فيما بينهم وقرروا تأييد تأسيس جمعية حفاظا على الصفوف بعد ان انطلقت دعوة للانشقاق فيما لو لم يسمح بتأسيس جمعية.

مر الاتجاه بمخاضات عدة بعد تأسيس «الوفاق» ولكن لم يعلُ صوت يدعو إلى الانشقاق فيما عدا خروج اتجاه «الجبهة الاسلامية» وتأسيس «جمعية العمل الاسلامي». ولكن ذلك لا يعتبر انشقاقا فاتجاه الجبهة كان دائما يتبع نهجا موازيا، والغرابة كانت في اندماج الاتجاهين في بادئ الامر. ومع ذلك فلقد اتبعت جمعية العمل الاسلامي خطا متكاملا مع الوفاق ضمن الاجندة العامة للمعارضة.

اتجاه الوفاق يتكون من تأثيرات متداخلة فيما بينها، ولكن ما يجمعها من جذور ومن توجه عام يدفع بتلك التأثيرات للعمل في اطار واحد. ولكن المشكلة ان التأثيرات والتوجهات (وهي لا تقل عن خمسة انواع من التأثيرات) ولكي تعمل مع بعضها الآخر لا بد وان تتنازل عن كثير من الامور حفاظا على الوحدة بينها. مثلا، «الوفاق» اختفت عن الحوار الوطني العام اثناء اشتداده بشأن موضوع «الاحوال الشخصية» والسبب في ذلك هو تصدي علماء الدين بقوة للموضوع ما حدا بهم إما إلى الصمت أو تأييد ما طرحه العلماء. علماء الدين المؤثرون على اتجاه الوفاق (وهم الشيخ عبدالامير الجمري قبل ان يقعده المرض ويعزله عن الساحة، والشيخ عيسى أحمد قاسم والسيد عبد الله الغريفي والشيخ حسين نجاتي وآخرون) ليسوا ضمن الجمعية ولكنهم يتصدرون الاتجاه «دينيا»، والعلاقة معهم في غاية التعقيد وليست واضحة، ولذلك فإن قياديي الوفاق «يتقربون» اثناء الحوارات المهمة او الانتخابات من هذا الرمز او ذاك سعيا لتقوية مواقفهم.

هذه التشكيلات والتعقيدات مصدر قوة وضعف في آن واحد، والناشطون في «الوفاق» يحبذون الصبر على ذلك سعيا لممارسة الاصلاح من الداخل، وهذا ما بدا أكثر وضوحا ما بعد «أبوالعيش». فعلى رغم تصاعد الانتقادات والدعوات لمراجعة الامور بقي الجميع يتحدثون ضمن اطار الوفاق وليس خارجه. وهذه سمة حسنة تحسب لهم، ونأمل ان ينتج عنها «وفاق» ايجابي (وليس سلبيا او محتكرا لأقلية متشددة تفعل ما تشاء من دون حساب) يحرك المسيرة على اسس واضحة وضمن استراتيجية اكثر عمقا وبعدا، وفي ذلك خدمة للبحرين و«الوفاق» في آن واحد

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 461 - الأربعاء 10 ديسمبر 2003م الموافق 15 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً