الذي أعرفه حسب معلوماتي المتواضعة عن السفارات أن دورها هو خدمة المواطنين في الخارج وفك أزماتهم وإرشادهم وحمايتهم في حين وقوعهم في أية مشكلة تحتاج تدخل المسئولين فيها، بمعنى أن السفارة عبارة عن حكومة مصغرة داخل البلد الآخر وليس دورها أن تكون أشبه بديكور شكلي للزينة يرفرف على مبناها علم الدولة التي تمثلها وتقف مجموعة من سيارات المرسيدس الفخمة أمامها وبها جيش من الموظفين لا يبدأ عملهم ولا يحللون أرزاقهم إلا إذا قامت مجموعة من كبار المسئولين بزيارة هذا البلد أو أسرهم ويكون دورهم محصورا في خدمة هؤلاء فحسب، أما أزمات المواطن ومشكلاته التي قد يتورط فيها من دون قصد وهذا وارد فهذا بحاجة إلى التماس من أسرته ورسائل تترجى فيها أسرة هذا المواطن من وزارة الخارجية لتقوم هي بدورها إذا أرادت أن تتعاطف مع قضيته أن ترسل إلى السفارة بتعليماتها بعدم الممانعة في متابعة مشكلته ومساعدته على حلها لأن السفارة لا صلاحيات لها. إذا كانت السفارة من دون صلاحيات ولا يحق لها مساعدة المواطنين وحل مشكلاتهم فما دورها؟ هل فقط نقل رسالة إلى الحكومة التي أقيمت فيها ربما مرة أو مرتين في السنة أو عملها هو كتابة التقارير عن السلوك السياسي لهذا الطالب أو ذاك وكأنها وكر للتجسس؟ لماذا تضم السفارة جيشا من الملحقين إذا كانت هي عاجزة عن خدمة المواطن؟
لماذا إذن تضم كل سفارة ملحقا ثقافيا وإعلاميا وملحقا عسكريا وملحقا صحيا وملحقا تعليميا وغيرها إذا هم مجرد (سامان ديكا) أي متفرجين باللغة الهندية؟
أتساءل لماذا تصرف الملايين على كل سفارة بينما هي من دون صلاحيات؟!
أعتقد أن خير مَنْ وصف السفارات الخليجية سفير سابق رحمه الله عاد في السبعينات مقدما استقالته، فلما سألته لماذا يا فلان؟ أجاب لأن دوري هو أن أقف في الصف مع بقية السفراء كل يوم لأستقبل ضيوف الدولة التي أنا فيها وخير أن يتم إرسال أحد خريجي الثانوية العامة يعرف كيف يلبس بشتا أنيقا وملابس لامعة من إرسال أصحاب الشهادات العليا، ومن الظلم أن يضيّع الإنسان طاقاته في عمل كهذا علما بأنه كان سفيرا لدولة تخدم المواطنين إلى درجة الدلال، ترى ماذا يجب أن يقول سفراؤنا إذن؟
العدد 458 - الأحد 07 ديسمبر 2003م الموافق 12 شوال 1424هـ