العدد 457 - السبت 06 ديسمبر 2003م الموافق 11 شوال 1424هـ

حمير الجزائر

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

كبدي على حمير الوطن العربي فقد كانوا محسودين على عدم وعيهم وجهلهم بما يدور حولهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى كان من حكمته أن يعفيها مما يصيب المواطن العربي الذي منحه العقل لتقع كل «البلاوي» والمشكلات والمساءلة على رأسه من قبل أنظمته التي أوكلت شأنها إلى أجهزة الأمن. هذه الأنظمة الكريمة التي في معظمها تفرض قوانين الطوارئ عليه بمبرر ومن دون مبرر وحتى التي لا تعلن ذلك على المكشوف لتتهرب من لوم لجان وجمعيات حقوق الإنسان والأمم المتحدة ومدعي الديمقراطية في الولايات المتحدة وأوروبا توكل أمر مثقفيها ومفكريها وكتابها وصحافتها إلى إعلام لا يقل دوره في محاصرة المواطن. فالأول بيده تعذيب الجسد واعتقال المواطنين، أما الإعلام فإنه يعتقل العقل ويعذب المفكرين والكتاب بمحاصرة فكرهم فكلاهما إرهاب. الأول إرهاب جسدي والآخر إرهاب فكري وما قانون المطبوعات الجديد ثم ما رفع وزير الإعلام سيفا أطول منه صار يلوّح باستعماله في مختلف المناسبات إلا تأكيدا لذلك، والأخطر من هذا أن قيادة الإعلام تتحين الفرص لكي تقدم مزيدا من الضحايا إلى المحاكم وكأن ذلك سيضيف مزيدا من شهادات التقدير لدورها. تماما أشبه بشرطي مرور يعتقد أن رفع مكانته أمام مسئوليه من الضباط يأتي من خلال مضايقة سواق السيارات وفرض مخالفات عليهم. فكلاهما في ظنهما أن ذلك سيكون في صالحهما، ولكن حسب ظني أنهما بذلك يسببان حرجا للقيادات العليا، لأن أي مثقف أو مواطن تتم مضايقته من قبل أي جهاز من دون أن يأتي بعمل يستحق به العقوبة بحيث يقتنع أنه مذنب فعلا ويحاسب على مجرد زلات بسيطة فإن ذلك سيخلق رصيدا من الكراهية في أعماقه.

وكبدي على الحمير فإننا حسدناها على عدم إحساسها فإن كانت أفلتت من مقصلة أجهزة الأمن ومحاصرة وزارة الإعلام فإنها لم تسلم من مقصلة الجزارين الذين ذبحوا أكثر من 1500 حمار محترم أكّلوه الشعب الجزائري بتوزيعه على المطاعم وبذلك صارت هي أيضا ضمن الضحايا. فإن كان المواطن العربي صار ضحية أجهزة الأمن والإعلام فقد صار الحمار العربي ضحية جشع الجزارين.

و أضيف على قول الشاعر:

ومن لم يمت بسيف «جهاز الأمن» مات

بغيره تعددت الأسباب والموت واحدُ

العدد 457 - السبت 06 ديسمبر 2003م الموافق 11 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً