العدد 456 - الجمعة 05 ديسمبر 2003م الموافق 10 شوال 1424هـ

الصحف الأميركية: زيارة بوش... رمز للاحتلال الفاشل أم للحرب الناجحة؟

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

بعد يوم واحد من الزيارة السرية للرئيس الأميركي جورج بوش للعراق التي رجح المراقبون انها استهدفت إطلاق حملته الانتخابية من بغداد، اتهم تقرير داخلي للجيش الأميركي إدارة بوش بالتردد في إعلان القوات الأميركية قوة احتلال في العراق، موضحا ان ذلك أعاق بشدة عمليات إعادة الاعمار وأسفر عن خلق فراغ سياسي سارع آخرون إلى سده، فضلا عن تنامي الريبة والعداء تجاه القوات الأميركية التي تواصلت الهجمات عليها. هذه الزيارة، أجمع المراقبون أيضا على اعتبارها أشبه بعملية تسلل تحت جنح الظلام، إلى مطار العاصمة العراقية المحتلة، نظرا إلى السرية التامة التي أحيطت بها وخصوصا ان البيت الأبيض عمل جهده على إخفاء أنباء الرحلة، ولم يعلنها إلا بعدما أصبحت الطائرة الرئاسية خارج أجواء المنطقة في طريق العودة إلى واشنطن.

هذه الزيارة أثارت أيضا ردود فعل متناقضة داخل الولايات المتحدة وأحرجت الديمقراطيين، اذ جعلتهم يعتبرونها ضرورية لرفع معنويات الجنود، لكنهم في الوقت ذاته، واصلوا هجومهم على سياسة بوش في العراق. وأمل السناتور جون كيري أن يكون لدى بوش الوقت لتصحيح ما وصفه بسياسته الفاشلة في العراق. وعبر فريق الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك عن موقف أكثر حدة، اذ قال الناطق باسمه جمال سيمونز: ان «الزيارة تأكيد لانعدام الأمن في العراق». وانصب اهتمام الصحف الأميركية على متابعة الزيارة الحدث وتحليل أهميتها في الوقت الحاضر وخصوصا في ضوء تعرض الإدارة الأميركية لانتقادات شديدة في وسائل الإعلام. إذ يتعرض بوش شخصيا لحملة انتقادات واسعة بسبب عدم حضوره جنازات الجنود الذين يقتلون في العراق. ووصف المؤرخ الأميركي دوغلاس برينكلي الزيارة بأنها مخططة بإحكام مطلق وهي لحظة تاريخية في حياة الرئيس بوش... وستكون لها انعكاسات غير عادية ومؤثرة على نفسية الأميركيين. وكتبت دانا ميلبانك في «واشنطن بوست» مقالة على خلفية زيارة بوش المفاجئة للعراق. ورأت أن بوش، بدا خلال الزيارة كزعيم يدرك تماما أبعاد الوضع الفوضوي والخطير في العراق، والذي عزم في الوقت نفسه تأكيد الشعب العراقي أن الولايات المتحدة، لن تقوم مطلقا بقطع مهمتها في العراق والفرار بعيدا. غير ان ميلبانك، أكدت انه من السابق لأوانه بعُد معرفة ما إذا كان مشهد الرئيس بوش، في سترته العسكرية سيصبح رمزا للقائد الصلب أو رمزا للتظاهر غير المبرر بالشجاعة. إلاّ انها أشارت إلى ان ثمة أمرا أكيدا واحدا ألا وهو ان زيارة بوش المفاجئة للعراق، جعلت الرئيس الأميركي ملزما بشكل أكبر بتحقيق نتائج إيجابية في العراق. وتابعت أن ما من شيء غريب في أن يقوم بوش، بزيارة مناطق تعمها الحرب في فترات الأعياد، فالرئيس السابق بيل كلينتون، قام بزيارة كوسوفو في عيد الشكر العام 1999. والرئيس الراحل ليندن جونسون، زار فيتنام في عيد الميلاد العام 1967. وختمت ميلبانك، مشددة على أنه من المبكر معرفة مدى تأثير الزيارة على الرأي العام الأميركي أو العراقي. وأضافت انه سيكون على التاريخ أن يحكم ما إذا كانت زيارة بوش، ستكون رمزا للاحتلال الفاشل أو للحرب الناجحة. وذكرت «واشنطن بوست» في خبر افتتاحي حمل عنوان «نوفمبر... الشهر الأكثر دموية في العراق» ان شهر نوفمبر/تشرين الثاني كان الشهر الذي شهد أكبر عدد من القتلى الأميركيين منذ الغزو الأميركي للعراق، وذلك بحسب أرقام وزارة الدفاع «البنتاغون». ومع نهاية شهر نوفمبر وصل عدد القتلى الرسمي إلى 79 قتيلا متخطيا عددهم في شهري مارس/آذار حين وصل العدد إلى 65 قتيلا وإبريل/نيسان حين وصل إلى 73. وأوضحت الصحيفة الأميركية ان هذا الارتفاع في عدد القتلى يعكس فعالية واستمرارية عمليات من وصفتها بـ«الميليشيات» في العراق. وتابعت «واشنطن بوست»، ان حوالي نصف القتلى في شهر نوفمبر وقع خلال سقوط أربع مروحيات أميركية قضى فيها 39 جنديا. أما غالبية القتلى الآخرين فسقطوا بنيران «الميليشيات». كما نقلت الصحيفة الأميركية عن بعض المسئولين الأميركيين ان معظم الهجمات التي استهدفت الأميركيين في العراق، حصلت في وسط البلاد. ولاحظت «نيويورك تايمز»، في خبر افتتاحي ان المسئولين الأميركيين في إدارة بوش يعيشون حالا من القلق تفاقمت بسبب إدراكهم ان القوات المعادية للأميركيين في العراق، تلجأ إلى وسائل بسيطة ولكن فعالة لتنسيق الهجمات ضد الجيش الأميركي والمسئولين المدنيين والمتطوعين الأجانب في العراق. وعلّقت الصحيفة الأميركية على ذلك بالقول ان حال القلق هذه هي التي كانت وراء السرية غير الاعتيادية التي أحاطت بزيارة الرئيس بوش للعراق أخيرا. وتناولت «واشنطن بوست» في افتتاحية تحت عنوان: «مفاجأة عيد الشكر»، زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش للعراق. ورأت ان الرئيس بوش، بوجوده شخصيا في بغداد، أكد التزامه الشخصي والعميق بالحملة العسكرية المكلفة التي كان يحاول أن يبقي مسافة بينه وبينها. وأضافت انه أعاد التشديد على التزام الولايات المتحدة، بمتابعة مسيرتها في العراق، على رغم ان البعض بدأ يشك في احتمال انسحاب الأميركيين من البلاد. وأضافت الصحيفة الأميركية أن الطبيعة السرية للزيارة تدل بشكل واضح على تفاقم الوضع الأمني في العراق. وختمت افتتاحيتها بالقول ان تحقيق المستقبل المزهر للأطفال العراقيين كما وعد الرئيس الأميركي خلال زيارته، أمر بعيد المنال، من هذا المنطلق رحّبت «واشنطن بوست»، بالالتزام الشخصي للرئيس بوش بالمسألة العراقية. وتحدثت «فايننشل تايمز» (البريطانية) عن زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش، إذ لفتت إلى انه اجتاز نصف الكرة الأرضية ليقضي ساعتين ونصف الساعة فقط مع القوات الأميركية في العراق. مشددة على حرص مسئولي البيت الأبيض على إخفاء الزيارة لدرجة كبيرة إذ ان زوجة الرئيس الأميركي لورا بوش، لم تعرف بها إلاّ قبل 48 ساعة فقط من موعد إقلاع الطائرة. ورأت «فايننشل تايمز»، ان زيارة بوش هذه للعراق إشارة واضحة إلى ان بوش، ما زال ملتزما بتعهده بدعم الوجود الأميركي في العراق، وحرصه على مواجهة التحدي الرئيسي له في الانتخابات الرئاسية القادمة (أي النجاح في العراق). ونقلت «واشنطن بوست»، في خبر افتتاحي عن مسئولين أميركيين رفيعي المستوى انه بعد أقل من أسبوعين على مراجعة خططها لنقل السلطة إلى العراقيين، تقوم إدارة الرئيس بوش، بإجراء مراجعات جديدة على تلك الخطط قد تتضمن انتخاب حكومة انتقالية في محاولة لتهدئة رجال الدين الشيعة الأبرز في العراق. وأكد المسئولون ان الإدارة الأميركية أُجبرت على تنظيم انتخابات من أجل إرضاء مطالب آية الله علي السيستاني. وأوضحت الصحيفة الأميركية نقلا عن مصدر سياسي شيعي بارز، التقى السيستاني، أخيرا ان آية الله السيستاني أوضح له انه يريد أن يتم اختيار أعضاء الحكومة الانتقالية من خلال انتخابات مباشرة. وتابع ان السيستاني، سيصدر فتوى دينية يبرز فيها وجهة نظره. وأوردت «واشنطن بوست»، اعتراف مسئولين في الإدارة بأن معارضة السيستاني، مشروع إجراء انتخابات غير مباشرة وفقا لخطة تم الاتفاق عليها بين الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر، ومجلس الحكم الانتقالي أدخلت الإدارة في حيرة ودفعتها إلى التفكير في إجراء تعديل على الخطة. ونقلت عن المسئولين ان الخطة التي بموجبها سيجرى تسليم السلطة إلى العراقيين في 30 يونيو/حزيران المقبل ينبغي أن تستجيب جزئيا لمطالب السيستاني. وأوضحت الصحيفة الأميركية، ان عددا من أعضاء مجلس الحكم وخصوصا ممثلي الطائفة السنية والأكراد يتمسكون بالخطة المتفق عليها مع بريمر خوفا من أن تؤدي الانتخابات التي يطرحها السيستاني، إلى سيطرة الشيعة على المجلس نظرا إلى كونهم يشكلون غالبية السكان في العراق على رغم ان أحد مساعدي الرئيس الحالي لمجلس الحكم كوباد طالباني، أبلغ الصحيفة الأميركية، انه لا يرى ما يهدد تنفيذ الخطة. وعلى هامش الزيارة، أوردت «واشنطن بوست» في خبر افتتاحي أيضا ان دراستين أميركيتين جديدتين أظهرتا وجود ثغرات ضمن التقارير الاستخبارية التي استندت إليها الولايات المتحدة، لشن الحرب على العراق. وأوضحت الصحيفة الأميركية ان إحدى الدراستين التي أجراهما الخبير في شئون «الشرق الأوسط» والشئون الاستخبارية أنطوني كوردسمان، أظهرت ان العمل الذي قامت به وكالات الاستخبارات الأميركية والبريطانية خلال عشرة الأعوام الماضية، كان مليئا بالثغرات والمشكلات الاستخبارية. وأشارت الدراسة إلى ان التجربة العراقية برهنت على ان المخابرات الأميركية ليست مناسبة بعد لتؤسس لاستراتيجيا وعمليات تكتيكية ضد القوى النووية أو وضع تقديرات عن الحاجة إلى القيام بعملية استباقية. أما الدراسة الأخرى فقد أجراها رئيس معهد العلوم والأمن الدولي والمستشار في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ديفيد ألبرايت، وستنشر خلال الأسبوع المقبل، وأظهرت، من بين ما أظهرت، ان التصريحات عن حيازة العراق أنابيب تستخدم لإنتاج أسلحة نووية، كان يقوم بها المسئولون الأميركيون قبل أن تجتمع المؤسسة الاستخبارية للبت في الموضوع. وبالعودة إلى دراسة كوردسمان، فإنها أكدت ان الضعف في جمع المعلومات الاستخبارية عن أسلحة الدمار الشامل يكمن في ان البحث كان يجري استنادا إلى مشروعات مدنية تجمع بين برامج عالية السرية وأخرى علنية وان مراجعة تلك المشروعات كانت من النادر أن تجرى على يد محللين يعملون في مجال الانتشار النووي. وتفيد الدراسة أيضا ان مشكلة استخبارية برزت أيضا قبل الحرب على العراق، ألا وهي ان الجهد الاستخباري كان يتركز في معظمه على إظهار صورة مضخمة لبرامج التسلح العراقية.

ماذا في الصحف العربية: محاولة لسحر الناخب الأميركي... باسم «الناخب» العراقي

وفي مقال تحت عنوان «السيستاني يربك بوش»... بعد زيارة بوش السرية للعراق إذ ذهب يبحث عن مادة جديدة لحملته الانتخابية، وتراجع بول بريمر عن خطته الأمر الذي يدل على رغبة في عدم التصادم مع الحوزة الصامتة، رأى جوزف سماحة في «السفير» (اللبنانية)، انه بات في الإمكان القول ان العراق الذي اكتشفته الولايات المتحدة هو غير العراق الذي تخيلته، وأن رهاناتها الكبرى فيه، وفي ما يتجاوزه، خاضعة، أو قد تكون خاضعة، لـ«فتوى» يصدرها رجل دين لم يحظ بريمر، حتى الآن، بمقابلته... ولم يهتم بالاستئناس برأيه قبل «التورط» في رسم مستقبل العراقيين. وختم بالقول: ان الارتباك يؤشر إلى ما يمكن اعتباره «عقب أخيل» السياسة الأميركية في العراق. فالمقاومة في بيئة محددة دفعت واشنطن إلى تراجعات كثيرة. غير ان تعميم الرفض ليشمل البيئة العربية في العراق يهدد البناء بكامله ويضع الولايات المتحدة أمام أسئلة في منتهى الصعوبة. وسخر قائلا : إذا حصل ذلك لن يستطيع كارل روف أن يخترع لبوش «ديكورا» ثالثا يفيد الحملة الرئاسية. واعتبر ساطع نور الدين في «السفير» أيضا ان زيارة بوش للعراق، هي خطوة جريئة فعلا، ومغامرة خطرة حقا، كان يمكن أن يدفع الرئيس الأميركي حياته ثمنا لها، على رغم انها نفذت بطريقة بوليسية مثيرة، استخدمت فيها عمليات التمويه والتخفي.. التي لا تليق برئيس الدولة العظمى المنتصرة في جميع حروبها. ورأى ان هذه الزيارة الدراماتيكية تعكس إلى حد بعيد وجها غير مألوف خارج الولايات المتحدة للرئيس بوش الابن، الذي اشتهر بانعدام المعرفة والخبرة في السياسة الخارجية، لكن قلة تعرف انه واحد من أمهر الساسة الأميركيين وأشدهم صراحة وعفوية في الشئون الداخلية. وسخر قائلا ان تلك الزيارة، قد تؤدي إلى رفع شعبية بوش في استطلاعات الرأي أو إلى المحافظة على المعدلات الحالية التي تزيد على جميع المرشحين الديمقراطيين للرئاسة، لكن المؤكد ان في جعبة الرئيس الأميركي الكثير من الأفكار والخطوات المثيرة التي تحاول أن تسحر الناخب الأميركي... باسم «الناخب» العراقي. وتساءل عبدالوهاب بدرخان في «الحياة» ما إذا كان الرئيس العراقي السابق صدام حسين، سيصدر بيانا من المخبأ يؤكد فيه ان الرئيس الأميركي هبط فعلا في بغداد لمشاركة جنوده وجبة عيد الشكر؟ لافتا إلى انه لو لم يظهر «الحاكم» بول بريمر والجنرال سانشيز، إلى جانب بوش، لكان في الإمكان التشكيك في أن الرئيس الأميركي كان في بغداد وخصوصا ان الشريط التلفزيوني لم يظهر أي شخصيات عراقية على رغم ان عددا منهم شارك في المناسبة. وسخر قائلا: ان الرئيس وجنوده كانوا في حاجة إلى مثل هذا الحدث ليتبادلوا رفع المعنويات. فكانت الزيارة ضرورة سياسية وإعلامية لذلك أقدم عليها بوش مع علمه ان المخاطر زادت ولم تتراجع. وشدد بدرخان، على انه إذا لم يكن الوضع تحسن فلأن إدارة الاحتلال ارتكبت أخطاء أو لأن الأجندة الخفية عرقلت حركتها. وإذ أكد أن الهدف الأميركي ليس إقامة حكم ديمقراطي في عراق موحد أرضا وشعبا ودولة بل هو ضمان سيطرة دائمة على البلد أيا كانت الوسيلة، سخر قائلا ان بوش، لم يقل صراحة «نحن هنا وسنبقى» لكن تصرفات العراقيين المتعاونين وسعيهم الدائب إلى التحاصص وتربصهم بعضا لبعض تبدو رسالة واضحة إلى الأميركيين كي يبقوا. وأسف بدرخان، في نهاية مقالته، لأن العراق يبدو اليوم وكأنه بلد سائب ولا أحد فيه يريد أن يحمل مسئولية بقائه لكل أهله. ورأت «الأهرام» (المصرية) ان الزيارة ليست حلا... الحل الوحيد للأزمة العراقية والورطة الأميركية هو إعادة السلطة إلى العراقيين وإنهاء الاحتلال وفق جدول زمني واضح يقنعهم بأن الهدف ليس احتلال بلدهم أو نهب ثرواته وإنما إسقاط نظام حكم صدام الذي جثم على صدورهم ثلاثة عقود وورطهم في حروب مكلفة بشريا وماديا. وفي مقال تحت عنوان: «جئت ولم أرَ لكني سأنتصر»، رأى سمير قصير في «النهار البيروتية»، انه في عصر الإمبراطورية، يفترض أن تكون زيارة الإمبراطور (أي الرئيس بوش) مناسبة لاستعادة القول المأثور الذي نطق به مؤسس الإمبراطورية الرومانية يوليوس قيصر: «جئت ورأيت وانتصرت». لكن قصير، سخر قائلا أن إمبراطور هذا الزمن مضطر إلى الاكتفاء بالجزء الأول فحسب، ولن يستطيع القول أكثر من انه جاء إلى تخوم بغداد ولم يرَ منها شيئا، فبات من الصعب عليه ادعاء الانتصار منذ الآن. وتعليقا على الزيارة السرية أكد قصير، ان من يعتقد أن هذه الزيارة الخاطفة لا تصب إلاّ في خانة السياسة الداخلية الأميركية، أو انها مجرد مناسبة لالتقاط بعض الصور التي ستُستخدم لاحقا في أشرطة الدعاية الانتخابية مخطئ، فعلى العكس، ان مثل هذه الزيارة، حتى وإن كانت دوافعها المباشرة داخلية، تفيد ان الإدارة الأميركية لا تملك إلاّ أن تحمل الشئون العراقية على محمل الجد، وانها ستظل على اهتمامها بها على الأقل طيلة السنة المقبلة. واستدرك قصير قائلا: ان ذلك لا يعني ان الرؤية الديمقراطية التي أعاد بوش طرحها ستصبح حقيقة، إنما يعني فقط، ان الولايات المتحدة ليست في وارد طي حلمها العراقي بسرعة. وإذ رجح أن يغيب معنى الرسالة عن أعداء الولايات المتحدة سواء أكانوا من أتباع نظام صدام أم من دعاة «الجهاد من أجل الجهاد»، أكد ان هذا المعنى لن يغيب عن الدول المعنية بالشأن العراقي التي تقيم حسابات أكثر برودة. مشددا على انه إذا كان الناخب الأميركي يملك متسعا من الوقت لاتخاذ قراره، وإذا كان العراقي المسلح والمناهض للولايات المتحدة غير مستعد لتغيير رأيه (أو مصلحته)، فإن الدول المجاورة في المقابل تدرك ان الفرق بين يوليوس قيصر وجورج بوش ليس في مصلحتها، ذلك انها المقصودة في المقام الأول بالشعار الذي يمكن استشفافه بين سطور خطاب الإمبراطور الأميركي: جئت ولا أحتاج إلى أن أرى حتى انتصر.

وقد يكون الكاتب الوحيد الذي خرج عن سياق انتقاد زيارة بوش هو رئيس تحرير السياسة الكويتية أحمد الجار الله في «السياسة» الكويتية إذ أشاد بزيارة الرئيس الأميركي جورج بوش السرية للعراق. واعتبرها جرعة أمل لطالبي الحرية... ورأى ان في الزيارة الكثير من جوانب البطولة والفروسية، والقليل من السياسة، وإن كانت المحصلة سياسية وفي صالح الرئيس الذي يتأهب ويتحضر لتجديد الولاية. مؤكدا ان الزيارة أدت إلى رفع معنويات الجنود إلى الذروة وفي مضاعفة آمال بعض الشعوب العربية التي أيدت حرب تحرير العراق وتحلم بخطوة أميركية تلي بغداد إلى هذه العاصمة أو تلك. واعتبر الجار الله، انه في كل الأحوال فإن من حظ شعوب العالم العربي ان الولايات المتحدة شعرت في يوم من الأيام ان أمنها الوطني قد تهدد، واعتدي عليه، وأن المخاطر على هذا الأمن تأتي من أفغانستان ومن العراق... موضحا ان من حظ هذه الشعوب العربية أن يحدث هذا الربط، لأن أميركا هي الوحيدة القادرة على إسقاط نظام طالبان وأسامة بن لادن، وفكره الإرهابي التكفيري وصدام حسين أيضا. وشدد الجار الله، على ان زيارة بوش المفاجئة للعراق تدلل، في فجائيتها، على ثقة عالية بالنفس، وعلى ثقة أعلى بالقضاء على الإرهاب بشكل أكيد ولاسيما أن المواجهة العسكرية معه أصبحت مواجهة مباشرة على أرض المعركة في العراق

العدد 456 - الجمعة 05 ديسمبر 2003م الموافق 10 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً