في بلادنا كل شيء يتم تحويله إلى قضية وتثار ضجة حولها بحيث أصبحنا نعوم على بحر من المشكلات وصرنا «مفضوحين» على الأقل في دول الخليج المجاورة وصارت صحفنا مضطرة لنشرها لأن الحبة صارت تتحول إلى قبة. يذكرني الامر بمشهد رأيته بنفسي عندما عاد أحد كبار السن من عشاق الأماكن المقدسة في العراق ويبدو أنه كان أول مرة يزور فيها تلك المزارات وكنا جالسين في محل المرحوم صالح الصالح في سوق المنامة فسأله أحدهم كيف وجدت العراق؟ ومن فرط حبه لذاك البلد والمزارات التي به قال: «أسكت يا ولد عمي ويش أقول لك؟ حبة العنب كبر البطيخة» فاتحا يديه على اتساعهما ليرينا حجم حبة العنب. ولا يشذ الناس في بلادنا عن هذه القاعدة في المبالغة، سواء على مستوى الجمعيات كما حدث بالنسبة إلى جمعية الوفاق التي دخلت في تحد مع وزارة الإعلام لعرض مسرحيتها (أبو العيش) بعدم اتباع الوسائل القانونية للتقدم بطلب إلى وزارة الإعلام وتحولت «حبة العنب الى بطيخة» وإلى قضية يتناقلها القاصي والداني وكأن معركة العلمين بدأت بين المحور والحلفاء، ووزارة الإعلام التي تتفنن في خلق معارك وقضايا من غير مبرر ما يضع الدولة في حرج كبير ولا تخرج من قضية حتى تدخل في أخرى تريد أن تحاكم هذا وذاك وتضايق عرض مسرحية تكاد تكون مرتجلة أشبه بمحاضرة أو ندوة يمكن أن تغمض عينيها عنها من دون أن تثير ضجة تكون الدولة في غنى عنها، كان يمكن أن تنتهي بعبارة قصيرة مهذبة تشبه الملاحظة المقاربة من الإنذار تقول فيها «نتمنى لمسرحيتكم النجاح، فنحن بحاجة حقيقة إلى إحياء عصر المسرح الذي تباطأ نشاطه في المرحلة الأخيرة غير أننا كنا نتمنى لو أشعرتمونا بذلك ما يجعلنا نضع تحت تصرفكم كل إمكانات الوزارة لو طلبتم ذلك».
وكانت القضية تنتهي من دون ضجيج وفضائح نحن في غنى عنها خصوصا والبحرين في فترة السياحة الشتوية هذه الصناعة التي لا تقل أهمية عن بقية الصناعات إن لم تفق بعضها في زيادة دخل البلاد التي تؤدي إلى خلق فرص عمل لمزيد من المحتاجين والعاطلين. وبقدر ما كان من واجب «الوفاق» احترام القانون بالقدر نفسه كان المطلوب أن تكون الوزارة مرنة وحكيمة في التعامل مع الموضوع
العدد 454 - الأربعاء 03 ديسمبر 2003م الموافق 08 شوال 1424هـ