ربما تكون مبادرة النواب عبدالهادي مرهون وعبدالنبي سلمان ويوسف زينل من خلال الخطاب الموجه إلى رئيس مجلس النواب بعدم دستورية إرجاع القوانين إلى الحكومة لصوغها من جديد بداية التحسس لعمق «الأزمة الدستورية»، بعد أن كان إصرار النواب على أن طرح القضايا التي تهم المواطن أولى من الأزمة الدستورية، إلا أن ذلك لا يأتي إلا من باب التشريع، وهو الجانب المفقود الذي سيتحسسه النواب أكثر فأكثر كلما وضحت التوازنات السياسية داخل المجلس النيابي، وبان الفارق الموضوعي في حجم الأدوات الدستورية الممنوحة لكل الأطراف.
ما أشار إليه النواب هو الواجهة الخلفية للأزمة، بمعنى الإطار الشكلي الذي لا يغيّر من حقيقة التوازنات شيئا، أي لا يغيّر في معادلة المجلسين ولا في كون التجربة لا تحمل ضمانات بقائها من خلال القدرة على حلها من دون إرجاعها، ولا في حقيقة توزيع الدوائر الانتخابية الذي أفرز توازنات سياسية في تأثيرها بحجم الإشكالية الدستورية، ومع ذلك فما طلبه النواب غير دستوري بحسب دستور 2002 لأن صوغ القوانين جزء مقرر من دستور 2002، لم يشارك النواب إلا وهم على علم به.
الحقيقة الأهم أن كل التوازنات السياسية غير الدستورية الموجودة داخل المجلس - بعكس ما يذهب إليه البعض من تغليف المسألة بالبعد الدستوري فقط - ما هي إلا صورة باطنية لتوازنات مخلة في حال وجود المعارضة داخل المجلس، وذلك لكون حصص المعارضة الانتخابية قد توزعت على أكثر من طرف، فأضعف ذلك خيار بروز التكتلات بأجندتها الفعلية، وخلق حالا من التراخي السياسي داخل المجلس، وفي حال وجود المعارضة كطاقم كامل فلن يكونوا أفضل حالا من المجالس البلدية التي تعاني من تهميش المسئولين، بل سيضاف إلى ذلك أنهم جزء من تشريع محسوم سلفا لصالح السلطة، بما في ذلك العمليات السياسية الكبرى التي ترفضها المعارضة
العدد 454 - الأربعاء 03 ديسمبر 2003م الموافق 08 شوال 1424هـ