العدد 454 - الأربعاء 03 ديسمبر 2003م الموافق 08 شوال 1424هـ

جامعة البحرين تحتفي بإدوارد سعيد على طريقتها الخاصة

الصخير - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

أقامت كلية الآداب تحت رعاية عميدها إبراهيم غلوم في جامعة البحرين صباح الثلثاء الماضي ندوة «إدوارد سعيد داخل المكان» تخليدا لذكرى الراحل، وإسهاما من الكلية في محاولة لمقاربة فكر سعيد، وقراءة منجزه الفكري والنقدي والأدبي والسياسي من خلال عدة منظورات تقدم بها نخبة من أساتذة الكلية.

وقد تنوعت الفعاليات المصاحبة للندوة لتشتمل على عروض لأفلام وثائقية ومقابلات أجريت معه لاسميا تلك المقابلة الساخنة التي أجرتها معه قناة الـ «بي بي سي» في برنامج «هارد توك»، في أعقاب قيامه برجم بعض الصهيانية في الجنوب اللبناني، إضافة إلى فيلم آخر تناول فيه فكر سعيد من خلال مؤلفه ذائع الصيت «الاستشراق»، كما قدم عدد من الفنانين التشكيليين بعض البورتريهات لإدوارد سعيد، أو من خلال محاولة مقاربة لمحة من الطيف والحزن الفلسطينيين، شارك فيها كل من: راشد العريفي، خليل الهاشمي، عبدالجبار الغضبان، عباس يوسف، لبنى الأمين، جعفر العريبي، وحيدة مال الله كل منهم قدم لفتة تكريمية تقديرا للراحل... كما قام الطالب زهير السعيد برسم عدد من البورتريهات أثناء انعقاد الفعالية.

وتجيء ندوة سعيد داخل المكان في الوقت الذي طالب فيه مجلس النواب الأميركي بمحاولة تصفية آثار سعيد، بعد أن نثر رماده في لبنان، وتهديد الجامعات التي تتعاطى معه بحجب المساعدات المالية عنها، بهدف تأكيد أطروحات المحافظين الجدد والمسيحيين المتصهينين، والتوافق مع السياسة الخارجية الأميركية، وهي لمحة لافتة من كلية الآداب، للاعتراف بفضل الرجل، وتقديرا لقيمته وعطاءاته - وإن كانت اللمحة متأخرة كما هي العادات العربية الراسخة -.

وشارك في الندوة التي افتتحها إبراهيم غلوم بكلمة عن دور إدوارد سعيد في الحقول المعرفية، وشارك فيها كل من: عبدالله يتيم، كولن كالفن، محمد السيد، منيرة الفاضل، نهى بيومي، نادر كاظم، وأدار الندوة عبدالكريم حسن.

وتناول الوكيل المساعد للمطبوعات والنشر في وزارة الإعلام والمحاضر في قسم العلوم الاجتماعية عبدالله يتيم في بحثه «إدوارد سعيد في مواجهة التمثيلات الأنثروبولوجية» وهي ورقة مفارقة عن كل ما قدم إذ ركزت الورقة على جهود الأنثروبولوجي الإنجليزي إرنست غيلنر والذي اتهمه سعيد سابقا بأنه مستشرق، يكتب عن مجتمعات لا يفقه من لغتها شيئا، وأنه امتداد للممثلين المستشرقين التقليدين، ليضع بعد سرد مجهودات غيلنر وكم إنتاجه في مواجهة سعيد من حيث كم الإنتاج، ويخلص أن سعيد لا يحق له هذا الهجوم الكاسح، ثم يعرض لبعض النقودات لعمل سعيد إنطلاقا من مأزق الهوية الذي يعانيه، ومن نقده اللاذع للمختلفين معه، وأحكامه المسبقة في النظر للأمور.

وركز كولن كالفن من مركز الدراسات الأميركية على تأكيد أطروحة سعيد القاضية بضرورة فهم المجتمع الأميركي بطرق علمية، من خلال تأسيس مراكز دراسات تتمتع بالحس المنهجي من أجل فهم أفضل لهذا المجتمع ولثقافته بعيدا عن الإكراهات السياسية التي تمثلها الطغمة الحاكمة، مركزا لها استقلاليتها وحريتها. وهي الدعوة نفسها التي كان سعيد قد وجهها من قبل في كتابه «الاستشراق» بشأن سطحية الفهم الغربي للعالم العربي.

أما محمد السيد من قسم الإعلام والسياحة والفنون فقد تناول إدوارد سعيد بوصفه ناقدا إعلاميا، مركزا في ورقته على الكيفية التي اخترق بها سعيد الإعلام الأميركي من خلال استبطانه لعدد من المفهومات التي فعلها فوكو لاسيما السلطة والمعرفة، ثم قرأ الإعلام الأميركي بواسطة هذه الثنائيات وغيرها من مفهومات فلسفية، وخصوصا في نظره للإسلام وللقضية الفلسطينية.

وعالجت منيرة الفاضل من قسم اللغات الأجنبية في ورقتها «إدوارد سعيد وما بعد الكولونيالية» الدور المؤسس لإدوارد سعيد في ترسيخ ما يعرف بدراسات ما بعد الاستعمار بوجه خاص، وتأثيراته الأخرى على الحقول المعرفية الأخرى التي خاض فيها، مقدمة لمحات مختلفة عن منهجية علميه الثقافي والفكري، معتمدة على كشوفاته، وما يسندها من مرجعيات مختلفة مثل ميشيل فوكو وغرامشي، واختلافه عنهما.

في حين أفردت نهى بيومي من مركز الدراسات الفرنسية ورقتها للبحث في الجانب الأدبي من تجربة سعيد وذلك بمقاربة سيرته «خارج المكان» تحت عنوان: «الخاص والعام وقلق الهوية، قراءة طباقية لسيرة إدوارد سعيد الذاتية» إذ تؤكد أن دين فوكو على سعيد كان حاضرا في هذه السيرة من خلال رحلة كشفه عن رؤيته لذاته وللآخر، باعتماده فرضية النظام المعرفي الشارط للتفكير قد كشف في سيرته عن «عالمين مختلفين كليا بل متعاديين»، ومن هذا الاستخلاص تمضي الورقة في استشفاف تشظي الهوية بالاعتماد على مفهومي التناغم والتنافر.

وقرأ نادر كاظم طرائق التلقي العربي لكتاب سعيد «الاستشراق» كاشفا عن التزييف والحيف في هذا التلقي، إذ أن «الاستشراق» لم يستقبل استقبالا جيدا، بل وصف كاظم هذا التلقي بالهشاشة والضحالة والبؤس، أو بطريقة تجزيئية، لخدمة خط أيديولوجي بحد ذاته، أو بوصفه - أي سعيد - أحد عملاء المخابرات الأميركية.

وقبل بدء الندوة قدم نادي المسرح ونادي الموسيقى في الجامعة مقطوعة موسيقية بالمناسبة قدمها الطالب حسين علي وهي من تأليفه ومهداة إلى روح إدوارد سعيد، فيما قدم نادي المسرح لوحة سينوغرافية أخرجها إبراهيم خلفان بالمناسبة. كما نظمت الكلية على هامش الندوة معرضا مصغرا لبعض مؤلفات سعيد





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً