العدد 452 - الإثنين 01 ديسمبر 2003م الموافق 06 شوال 1424هـ

أين التخطيط لمستقبل البحرين؟

إذا كانت هناك خطط واقعية ومدروسة وطويلة المدى، فلماذا لاتزال هناك عقول جامعية متخرجة معطلة ومشلولة؟ لماذا لا توجد وظائف لهم؟ لماذا يجلس العشرات منهم في المنازل اليوم ومنذ زمن؟ وإذا راجعوا وزارة العمل قالت لهم عفوا تخصصاتكم «مشبعة» الآن راجعونا بعد فترة، وتمر الأيام والأشهر وربما السنون وهم يمارسون أفضل أنواع العبادة ألا وهو انتظار الفرج.

من كان المسئول عن التخطيط لهؤلاء؟ ومن المسئول اليوم؟ ومن سيحاسب في المستقبل عن ألوف من هؤلاء الخريجين؟ ما الحل لهؤلاء؟ هل هو تدريب بعض الخريجين منهم من قبل وزارة العمل في دورات لا تمت لتخصصاتهم بصلة؟ هذا يعني أنه لا توجد شواغر وظيفية في الوقت الحالي لتخصصاتهم فتقوم الوزارة مشكورة بدراسة سوق العمل وتوفر الدورات للاحتياجات المطلوبة. ولكن كثيرين من هؤلاء بعد انتهاء تلك الدورات يعملون في مجالات غير تخصصاتهم وغير ما أخذوه في الدورات!! أليس هذا تخبطا من قبل وزارة يجب أن تكون منارة التخطيط؟ ولكن السؤال الحقيقي، إذا كانت وزارة العمل تعرف أن بعض التخصصات مشبعة لكذا سنة، فلماذا لا تصدر لائحة بهذه التخصصات الممتلئة؟ لماذا لا تخبر طلاب الثانوية بذلك حتى يعرفوا أي تخصص يختارون في الجامعة؟ لماذا تسكت وإذا تخرج الطلاب ولم يجدوا فرص عمل في تخصصاتهم تكلمت؟ لماذا جعلتهم يسيرون في طريق ممهد وفي النهاية أصبح مغارة مظلمة؟ لماذا سكتت دهرا ونطقت كفرا؟ نعرف أن وزارة العمل تبذل قصارى جهدها في توفير فرص العمل أيا كانت، المهم أن تقضي على مشكلة البطالة، ولكن توفير فرص عمل في وظائف «مكانك سر» كنجار أو لحّام أو صباغ أو سائق يقضي المواطن طيلة عمره فيها من دون تغيير أو تبديل وبراتب هزيل يعد كذلك بطالة!

منذ كنا صغارا وكل عام يقولون لنا ان هذا العام سيكون آخر عام تقطع فيه الكهرباء و«نستبشر خيرا»، حتى إذا جاءت السنة التالية أظلمت الديار واستوحشت القفار وأشعلنا الشموع والنار!

أتحتاج في بلد صغيرة كبلدنا أن تضيع ساعات من عمرك في الازدحام المروري؟ أين ستكون البحرين بعد مرور 10 سنوات من الاختناقات المرورية؟ فإذا عرفنا أنه في 6 اشهر تم استيراد 15 ألف سيارة فعملية رياضية بسيطة لبعد سنوات، اذا افترضنا أن هذا الرقم سيكون ثابتا، على أقل تقدير ستكون هناك 300,000 سيارة بالإضافة الى السيارات الموجودة اليوم! كيف ستكون الحركة المرورية عندنا ونحن نلاحظ أن الخطط لدينا خطط طوارئ وليست حلولا جذرية؟ ولماذا لا تكون هناك مرتفعات وإشارات وعلامات إلا بعد الحوادث وتزايد الصرعى؟ عشرات ومئات الطلبات لرصف بضع مئات من الأمتار في مناطق كثيرة تلقى في سلة المهملات، بينما عشرات الكيلومترات ترصف في أيام قليلة لمناسبة وقتية فأين ذلك من نقص الموازنة؟

آلاف من الباحثين عن سكن كريم، أين سيعيش هؤلاء في ظل التخبط العمراني الواضح في المناطق الجديدة! ربما سيعيشون في قوارب عائمة قرب أعمالهم المجهولة! أين التخطيط اذا كان خريجونا لا يملكون رسالة ورؤية في حياتهم؟ لماذا لا يتخرج الطلاب من الثانوية والجامعة أكثر وعيا وإدراكا لما هو مطلوب منهم في المستقبل، بدلا من حشو رؤوسهم بمعلومات سرعان ما تتبخر وتضيع؟ أين التخطيط اذا كان الشخص بعد الدراسة والتدريب والتعب والكد والعمل، لا يستطيع أن يعيش حياة كريمة وأن يحلم بمستقبل له ولعائلته؟ أين التخطيط اذا كان الأجنبي مازال متربعا على عرشه، فوق ظهر المواطن، ويتقاضى أضعاف ما يتقاضاه الفقير ويأخذ ما لا يأخذه المسكين والصحف تصرخ باسم البحرنة؟! أين التخطيط والدراسات والبحوث يا مركز البحرين للدراسات والبحوث؟

من حق «إسرائيل» أن تبقى في هذه الأرض وتعيث فيها فسادا لأنهم يملكون عشرات من هذه المراكز العاملة الحقيقية والفعّالة. من حق «إسرائيل» أن تحلم بدولتها الكبرى لأنها قدّرت علماءها وكرمتهم بينما نحن ننسى العاملين؟! أين التخطيط اذا كان عندنا برلمان مشلول معطل تستنزف معاشات نوابه وامتيازاتهم خيرات البلاد؟ هل نحتاج إلى مئات السنين لنفكر في معالجة قضايانا؟ أليست وزارة تخطيط حقيقية واحدة تغني عن ألف برلمان من هذا القبيل؟ عندما نسمع أن دولا كانت نائمة مثلنا، قامت من سباتها وهي تعيش الآن أعواما أمامنا، حتى أن إحدى الشركات اليابانية لديها تخطيط الى 250 عاما من الآن، هل يعقل ذلك؟ ونحن لانزال في سبات عميق... هل يستوي الذين يعلمون ويعملون والذين ربما يعلمون، ولكن لا يعملون؟ هيهات انما يتذكر اولو الالباب .

من هنا نعرف المعنى الحقيقي للتخطيط، واذا أردنا ذلك فمن أين نبدأ، وليس التخطيط مجرد أضغاث أحلام، ولكنه حقيقة لم تعرفها إلا الشعوب الواعية، وليس التخطيط مكياج الشتاء حتى اذا ما جاء الصيف ذاب وساح. التخطيط هو مستقبل وأمل هذه الأمة. ولكن الحاضر عرفناه من دون تخطيط فهل سيكون مستقبل البحرين خيرا من حاضرها؟ كلنا أمل في ذلك.

حامد الحوري

العدد 452 - الإثنين 01 ديسمبر 2003م الموافق 06 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً