ربما كان العراقيون بحاجة ماسة الى فسحة قليلة من السعادة والضحك بعد تلك الكوارث المتتالية التي أحالت حياتهم الى جحيم يومي لم يفلت منه الكبير أو الصغير الرجل أو المرأة. وفي هذه المرة تبرع أحد الحمير لإدخال البهجة إلى قلوب العراقيين من خلال إثارة شغفهم المدفون الى الضحك، اذ تطوع للخدمة في صفوف «المقاومة» والقيام بقصف موقع أميركي وفندق شهير في بغداد.
هذا الحادث هز موقع القيادة الأميركية في بغداد وتطايرت شظاياه الى واشنطن اذ مقر الرئيس الأميركي جورج بوش، استنفرت في لحظاته الأولى القوى العسكرية كافة الأرضية منها والجوية في العراق لهوله ودقته وحسن تنظيمه، وتصورت وسائل الاعلام المختلفة ان «المقاومة» انتقلت من مرحلة الى أخرى اكثر تقنية وأفضل أداء بسبب حصولها على منصات لاطلاق الصواريخ كانت تخفيها سابقا والآن بدأت في استعمالها. وتبين أن هذه المنصات ما هي الا عربة خشبية متهالكة يجرها حمار واحد.
وهكذا تغيرت أمزجة الجنود الأميركان حينما وصلوا الى الحقيقة وطاردوا الحمار الهارب لالقاء القبض عليه مستخدمين المروحيات والمصفحات والدبابات لمحاصرة مكانه، وحين تم القاء القبض عليه استقبلهم العراقيون المحشدون في المكان بهالة من التصفيق لهذا الانتصار.
ومنذ اللحظات التي تناقلت فيها وسائل الاعلام خبر «الحمار المقاوم» بدأ العراقيون يضحكون كثيرا، وتنفرج قلوبهم وهكذا انطلقت موجة من «النكات والطرائف» العراقية عن «حمار المقاومة» فبعضهم طالب باعداد عريضة لمجلس الحكم تضم تواقيع آلاف العراقيين باقامة تمثال وسط بغداد يخلد هذا الحمار، وآخرون أطلقوا شعارات سياسية كثيرة حوله، منها: «أيها الأميركان أخرجوا من بلادنا وإلا حاربناكم بالحمير» وآخر «إذا عز الرجال فالبركة في حميرنا» وآخر «أيها الأميركان اعلموا أن حميرنا تقف معنا في خندق واحد»، ومنها أيضا «نطالب باعطاء الحمير حقوقها من البطاقة التموينية».
أما الطرائف التي أطلقها أهل بغداد على هدا الحمار فهي كثيرة جدا، ومنها «إن هذا الحمار كان طوال سنوات الحصار صامتا وملتزما بمبدأ الصبر ولكنه حين شعر بأن حياته أصبحت مهددة من قبل الاحتلال تطوع في صفوف المقاومة دفاعا عن حياته» ومنها أيضا «ان قوات المقاومة ضحكت على الحمار، وصورت له الأمر بأنه رحلة الى مزرعة اذ سيأكل الكثير من العلف، ولكنهم بدلا من أخذه إلى المزرعة أخذوه لمقاومة الأميركان، وبعد الحادثة تركوه وحده في ساحة الميدان، وكما شعر بالخديعة هرب فألقى الأميركان القبض عليه»
العدد 452 - الإثنين 01 ديسمبر 2003م الموافق 06 شوال 1424هـ