العدد 452 - الإثنين 01 ديسمبر 2003م الموافق 06 شوال 1424هـ

الصحف العبرية: لم نسمع عن يهود محتشدين في العالم يطلبون السفر إلى «إسرائيل»

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

مازال يشغل بعض المعلقين الإسرائيليين الموقف الأوروبي السلبي تجاه الدولة العبرية. والذي ظهر من خلال استطلاع للرأي أجرته المفوضية الأوروبية وأظهر ان غالبية الأوروبيين تعتبر «إسرائيل» البلد الأكثر تهديدا للسلام العالمي. على رغم ان المفوضية الأوروبية جهدت في تقديم تفسيرات تقنية لاحتواء الانعكاسات السلبية لهذه النتائج.

وعلى رغم ان ألوف بن في «هآرتس»، اعتبر ان رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون «نفد» خلال زيارته الأخيرة إلى إيطاليا من حملة مناهضة لسياسة «إسرائيل» تجاه الفلسطينيين كان من الممكن أن يواجهها لولا الحزن الإيطالي على الجنود الذين قضوا أخيرا في العراق... فإن يائير شلفيز في «هآرتس»، دق ناقوس الخطر. وبعد أن اعتبر ان «إسرائيل»، هي الدولة الوحيدة في العالم التي تواجه خطر الإبادة على يد دولة مثل إيران تقوم بتطوير أسلحة نووية لتحقيق تلك الغاية. أسف لأن ثمة أصوات علت في الغرب تطالب بتحقيق ما ترنو إليه إيران، ولكن بطرق ملائمة أكثر، من خلال تحويل «إسرائيل»، إلى الدولة الوحيدة في العالم التي يعتبر وجودها مهدَدا سياسيا وأخلاقيا. ولفت شلفيز، إلى ان الدليل الأوضح على ذلك هو نتائج استطلاع إيطالي للرأي أظهر ان 17 في المئة من الإيطاليين يعتقدون ان «إسرائيل»، يجب أن تختفي من الوجود.

وتساءل شلفيز، في هذا السياق ما إذا كان المركز الذي أجرى الاستطلاع قد فكر بأن يسأل السؤال نفسه عن وجود «إسرائيل»، ولكن هذه المرة عن إيران أو سورية أو كوريا الشمالية؟ إلاّ ان شلفيز، حاول في الوقت عينه تبرير الرغبة لدى البعض لا سيما الأوروبيين بأن تختفي الدولة العبرية، مشيرا إلى ان السنوات الثلاث الأخيرة من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، كانت فرصة للتأكيد على ان من المستحيل حل هذا النزاع، وبالتالي بات لدى الأوروبيين اعتقاد بأن «المستوطنة» اليهودية في الشرق الأوسط تحولت إلى تهديد دائم للسلام في العالم. من هنا رأى شلفيز، ان إيجاد حل عادل وشامل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي هو السبيل الوحيد لوضع حد للعداء الأوروبي والعالمي لـ «إسرائيل».

ولاحظ أبراهام تيروش في «معاريف» ان الكثير من اللاساميين يختبئون وراء الادعاء بأنه ليس لديهم شيء ضد اليهود بل فقط ضد سياسة وأفعال «إسرائيل». وهم يستغلون عثرات إسرائيلية وأضرارا بالفلسطينيين تصور جيدا فيما الإعلام الإسرائيلي يجد صعوبة!! في مواجهة تقارير وصور عن قتل نساء وأطفال أثناء «تصفية مركزة» لمطلوب، عن الفقر والجوع في مخيمات اللاجئين وعن اقتلاع شجر الزيتون لمزارعين فلسطينيين بسطاء. فتتحول هذه إلى وقود في محركات اللاسامية. لكنه رأى انه عندما تتسبب سياسة «إسرائيل» بأضرار ليهود الشتات، توجد هنا مشكلة.

وإذ أشار إلى ان قلة هم يهود الشتات اليوم الذين يتهمون «إسرائيل» وينتقدون سياستها، إلاّ انه أكد انه إذا تزايدت موجة اللاسامية، قد ينظر إليها أكثر وأكثر من قبل يهود الشتات على انها مذنبة بضائقاتهم وكعبء عليهم، وسيطلبون منها تغيير سياستها وسلوكها إزاء الفلسطينيين. وشدد على انه منذ اللحظة التي تؤثر فيها سياسة «إسرائيل» وأفعالها على حياتهم وتعرضهم للخطر، مسموح ليهود الشتات بالتدخل. ورأى الكاتب العبري، انه لا ينبغي لـ «إسرائيل» أن تحدد لنفسها سياسة ترضي اللاساميين فهذا لن يساعد لكن عندما تنفذ سياستها، يجب عليها الامتناع عن أعمال سيئة بحد ذاتها وتلعب أيضا لصالح اللاساميين. على الأقل ألا تكون «مذنبة».

واستعادت هآرتس، في افتتاحية مبادرات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي أعلن عنها في الفترة الأخيرة والتي تقوم جميعها على أساس «حل الدولتين»... مثل «اتفاق جنيف» التي كانت ثمرة محادثات جرت بين شخصيات إسرائيلية على رأسها الوزير السابق يوسي بيلين، وأخرى فلسطينية وعلى رأسها الوزير السابق ياسر عبدربه... وحملة «صوت الشعب» وهي التي بادر إليها الرئيس السابق لجهاز «شين بت» عامي أيالون، ورئيس جامعة القدس ساري نسيبة.

كما استعادت الصحيفة العبرية مواقف لشخصيات إسرائيلية تنتقد سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، لا سيما مواقف رئيس هيئة الأركان موشيه يعالون، وتصريحات أربعة رؤساء سابقين لجهاز شين بت، من بينهم أيالون نفسه، والتي يشددون فيها على ان السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين تقود «إسرائيل»، إلى الكارثة. إلى جانب هذه المبادرات والمواقف، لفتت هآرتس، إلى مشكلة النمو الديموغرافي التي تهدد دولة «إسرائيل».

وأوضحت انه بعد عدة سنوات سيصبح عدد سكان الفلسطينيين بين نهر الأردن والبحر المتوسط مساويا لعدد السكان اليهود. ومن هنا وبعد كل هذه الاستعادات حذّرت الصحيفة العبرية، من انه إذا لم يتم استغلال هذه الطروحات وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام مبني على أساس «حل الدولتين» فإن الدولة العبرية ستشهد ارتفاعا في الدعم الفلسطيني والدولي لقيام دولة تضم الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ويغلب عليها الطابع الفلسطيني. وخلصت الصحيفة العبرية إلى القول ان المبادرات والخطط الكثيرة والدعم الذي تحصده تعكس تنامي انعدام الثقة لدى الشعب الإسرائيلي تجاه مواقف حكومته. غير انها أسفت في ختام افتتاحيتها لأن الكوكبة السياسية اللازمة لترجمة هذه التطورات الإيجابية إلى زخم سياسي، لم تولد بعد.

وتناول ألوف بن في «هآرتس»، الموضوع من خلال تسليطه الضوء على نتائج زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأخيرة إلى إيطاليا، والمناخ المؤاتي الذي ينعم به شارون في هذه الفترة. واستهل بن، مقالته بالتذكير بأن زيارة شارون، إلى روما في صيف العام 2001 قد قوبلت بمظاهرات حاشدة معارضة لرئيس الوزراء الإسرائيلي.

غير انه لاحظ ان الوضع اليوم تغيّر، فالمتظاهرين الذين نددوا بزيارة شارون، العام 2001، قد اختفوا وحلت مكانهم أكاليل الزهر حزنا على الجنود الإيطاليين الذين قضوا في العراق. ورأى بن، ان الحزن الوطني في إيطاليا، التي تتعرض لأول مرة لضربة ممن أسماهم «الإرهابيين» العرب، شكل خلفية مناسبة لزيارة شارون. هذا من جهة ظروف الزيارة، أما من جهة المضمون والنتائج، فلاحظ بن، ان الزيارة كانت إيجابية لـ «إسرائيل»، لأن رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، تفادى توجيه أي انتقاد للدولة العبرية، ما عدا عتبا صغيرا على الدولة العبرية لأنها لم تشرح أهمية الجدار الفاصل كما يجب.

ولاحظ بن، أيضا ان تعبير الأوروبيين اخيرا عن كرههم للإسرائيليين والاعتداءات «الإرهابية» الأخيرة في أوروبا (يقصد الهجمات التي تمت اخيرا في تركيا)، شكلت فرصة سانحة لشارون، كي يلعب دور المتهم (بكسر الهاء) وليس المتلقي للاتهامات فحسب.

غير ان بن، اعتبر ان ثمة تناقضا في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، ففي حين طلب من الأوروبيين أن يطوروا علاقاتهم التجارية مع «إسرائيل» بغض النظر عن المسألة الفلسطينية، اشترط أن تعتمد التجارة الأوروبية الإيرانية على وقف طهران برنامجها النووي، في إشارة من الكاتب إلى ان شارون، يرى ان مسألة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لا يجب أن تؤثر على العلاقات التجارية مع الأوروبيين، في حين يعتبر ان مسألة البرنامج النووي الإيراني يجب أن يكون عقبة في وجه التبادل التجاري بين طهران والدول الأوروبية. ومن زيارة شارون، انتقل بن، للحديث عن المناخ المؤاتي الذي «يتحرك» فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم في «إسرائيل». فلاحظ ان العملية السياسية على وشك أن تبدأ، وان شارون، أطلق خلال زيارته إلى روما، عددا من الرسائل الإيجابية بشأن لقائه نظيره الفلسطيني أحمد قريع المرتقب، وحول موافقته المبدئية على وقف إطلاق النار واعترافه بالدولة الفلسطينية في حال تم القضاء على «الإرهاب».

غير ان بن، نقل عن مقربين من شارون، انه في حال كان قريع، يعتبر الهدنة الوسيلة الوحيدة لحل النزاع مع «إسرائيل»، فإن ما من أمل للتقدم في العملية السلمية. إلاّ انهم عبّروا عن أملهم في أن توحي مضامين تصريحات المسئولين الفلسطينيين بشأن استعدادهم لإعلان هدنة، بوجود خطة سرية للقضاء على «الإرهاب». وهذا الأمل يضيف بن، هو الذي دفع الإسرائيليين إلى بذل جهود من أجل إجراء حوار مع قريع وحكومته على رغم تبعيته للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

وعلى نحو لافت، تناول عكيفا الدار في «هآرتس» الأزمة الإسرائيلية. فذكّر انه قبل نصف قرن تقريبا حين كانت «إسرائيل»، لا تزال دولة صغيرة وفقيرة، أدت «الاعتداءات» على اليهود في العالم إلى تدفق المهاجرين اليهود إلى الدولة العبرية، غير انه في القرن الواحد والعشرين، وعلى رغم ان «إسرائيل»، قد توسعت وحصلت على ترسانة عسكرية هائلة، وعلى رغم الهجوم الأخير على الكنيسين اليهوديين في اسطنبول، فإنه لم يسمع أي شيء عن يهود محتشدين حول مراكز الهجرة في العالم يطلبون السفر إلى «إسرائيل». وأوضح الدار، ان الواقع هو ان ظاهرة معاداة السامية في العالم لن تحث اليهود على الهجرة إلى بلد مزقه «الإرهاب» وأثقلته البطالة والتصدعات الاجتماعية ويقف اليوم على حافة خسارة الطابع اليهودي

العدد 452 - الإثنين 01 ديسمبر 2003م الموافق 06 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً