العدد 451 - الأحد 30 نوفمبر 2003م الموافق 05 شوال 1424هـ

هل يدفع باول بالقاطرة المغاربية إلى الأمام...؟

المصطفى العسري comments [at] alwasatnews.com

يبدأ الأسبوع المقبل رئيس الدبلوماسية الأميركية الجنرال كولن باول جولة مغاربية، ستقوده إلى أبرز دول المنطقة وهي المغرب والجزائر وتونس. هذا ومن المرتقب أن تتركز مباحثات باول المغاربية بالاضافة إلى موضوع محاربة الإرهاب، على موضوعات تخص بالأساس الشراكة الأميركية مع دول الاتحاد المغاربي المشلول، ضمن «مشروع إيزنشتات» الذي تهدف من خلاله واشنطن مواجهة الأوربيين في «حديقتهم الخلفية» باعتبار أن دول المغرب كانت على الدوام الامتداد الاستراتيجي للقارة العجوز، الأمر الذي لن يتم إلا بضغط مباشر من الولايات المتحدة على دول المنطقة خاصة الغريمين التقليدين، الجزائر والمغرب، اللذين ما انفكا ومنذ استقلالهما المجيد نهاية خمسينات وبداية ستينات القرن الماضي على مناكفة بعضهما البعض عبر ملفات مصطنعة في «صراع غير منطقي» على زعامة الشطر الغربي من الوطن العربي والذي وصل في بعض الأحيان إلى حروب مباشرة «كما هو الشأن بالنسبة لحرب الرمال 1963» أو «حرب الصحراء منتصف السبعينات»، وصولا إلى الحروب بالوكالة كما هو الشأن للنزاع في الصحراء الغربية عبر «جبهة البوليساريو».

وإذ كان المتتبعون للأوضاع في المنطقة قد تفاءلوا بانتهاء حقبة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي الذي كانت الجزائر من بين بلدانه والمعسكر الغربي الذي كان المغرب يدور في فلكه، فإن العكس هو الذي حصل بعد أن وصل الأمر بالعاصمتين إلى إغلاق الحدود البرية بينهما، واتهام الجزائر للمغرب بدعم الجماعات الإسلامية المسلحة. هذا من دون إغفال أزمة «الصحراء الشرقية» التي أثيرت في الآونة الأخيرة من قبل بعض الجمعيات والمنظمات المغربية للمطالبة باسترجاع الأراضي التي ضمتها فرنسا للغرب الجزائري خلال احتلالها للمنطقة.

وإذا كانت جولة باول المغاربية تدخل في إطار محاولة واشنطن تثبيت وجودها في المنطقة بعد أن رسخته في المشرق العربي سواء من خلال هيمنتها السياسية أو وجودها العسكري والأمني المباشر وغير المباشر، فإن المغاربيين ربما ينظرون إليها بعين الرضا لأن من شأنها إرغام ساسة المنطقة على «التطبيع البيني» بعد سنوات وعقود الجفاء التي كان الإنسان المغاربي هو المتضرر الوحيد فيها، إذ إن اختيار الإدارة الأميركية إيفاد أبرز وجوهها للمنطقة في هذا التوقيت له أكثر من معنى.

إذ إن جولة كولن باول تأتي أياما قلائل قبل قمة غرب المتوسط المعروفة اختصارا بـ «55» التي ستنعقد في تونس شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، والتي سيحضرها قادة المغرب العربي بالاضافة إلى قادة كل من البرتغال وإسبانيا وفرنسا وايطاليا ومالطا، والتي ستعرف مباحثات جانبية مغربية جزائرية بين الملك محمد السادس والرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.

كما أنها تأتي أسابيع فقط قبل انعقاد القمة المغاربية التي طال انتظارها بعد تجميد دوراتها الاعتيادية منتصف العقد الماضي بطلب من الرباط احتجاجا على ما اعتبرته تدخلا جزائريا مفضوحا في شئونها الداخلية بدعمها السياسي والدبلوماسي والإعلامي والعسكري لجبهة البوليساريو التي تستضيف هياكلها «السياسية والعسكرية» ومخيماتها بالجنوب الغربي من البلاد.

على أي فإن المغاربيين الغاضبين من السياسة الأميركية تجاه أشقائهم المشارقة سواء في فلسطين أو العراق، ينظرون بعين الرضى لزيارة الجنرال الأميركي للمنطقة لعله يصلح ما أفسده تعصب وعناد ساسة الجزائر والرباط، بعد أن نجح في تقليم أظافر الخطاب الثوري في طرابلس، وبعد أن استطاع الصيف ما قبل الماضي من احتواء أزمة جزيرة «ليلى» بين المغرب وإسبانيا. وإذا نجح باول في مسعاه «الإصلاحي» هذا، فإن هذا سيعني بوضوح أن التغيير في عالمنا العربي بات غير ممكن إلا إذا حمل بصمات أميركية... وهنا يكمن الواقع المر، إذ أن رأب الصدع بين الجزائر والمغربي وبالتالي الدفع بقاطرة المغرب العربي إلى الأمام سيكون موجها لخدمة المصالح الأميركية بالأساس والتي ترى في السوق المغاربي «كعكة شهية» بسكانها البالغ تعدادهم 60 مليون نسمة، وليس حرصا على المصالح القومية للمنطقة.

لأن حكام المنطقة لو شاءوا ذلك لأقدموا عليه منذ زمن، من دون انتظار لـ «خريطة الطريق» التي سيحدد محطاتها سعادة الجنرال

العدد 451 - الأحد 30 نوفمبر 2003م الموافق 05 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً