العدد 451 - الأحد 30 نوفمبر 2003م الموافق 05 شوال 1424هـ

تطوير «نظام الأسرة» إسلاميا: المغرب مثالا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

التجربة المغربية في تطوير الأحوال الشخصية ونظام الأسرة حَرِية بالدراسة، فهي تجربة متطورة جدا تعطي للمرأة حقوقا لم تعرفها من قبل بما في ذلك قضايا حرجة تتعلق بالطلاق والميراث والقوامة وغيرها من الأمور التي طالما وجدها من يعادي الطرح الإسلامي مدخلا للهجوم على مبادئ الدين الإسلامي السمحاء. المهم في التجربة المغربية حصولها على موافقة الإسلاميين الذين شاركوا بفاعلية لايجاد المخارج الفقهية لكثير من الجوانب الحرجة.

التجربة المغربية كانت منذ عدة سنوات مادة للدراسة، وكنت قد حضرت استعراضا لدراسة جامعية عن التجربتين المغربية والإيرانية في قضايا الأحوال الشخصية.

وكانت الدراسة (أعدها غربيون) قد وصلت إلى قناعة بأن الاسلاميين في إيران والمغرب لديهم القدرة على الاجابة على أكثر القضايا المعقدة برؤية واضحة لا تناقض النهج الإسلامي الموروث وتتواءم مع متطلبات العصر الحديث.

هذه التجارب الغنية مازالت محدودة التطبيق ولكن مع الزمن ستصبح قاعدة يعتمد عليها المسلمون وما هو غريب الآن على ما تعودنا عليه يصبح أمرا اعتياديا في الغد. فالطلاق، مثلا، بيد الرجل بصورة مطلقة، وهذا تم تأطيره وتحديده في التجربتين الإيرانية والمغربية، بل ان الطلاق يمكن ان يكون بيد المرأة ايضا من خلال شرط تضيفه في عقد الزواج.

ان النظام الأسري متخلف في كثير من جوانبه بسبب سيطرة الرجل المطلقة التي تحولت مع الأيام الى حال استعبادية يستطيع الرجل ان يفعل ما يشاء من دون حساب أو عتاب، ويستطيع ان يفسخ الزواج متى ما شاء، بينما تبقى المرأة أسيرة وخاضعة ما يقلل من دورها في الأسرة والمجتمع.

التقرير العربي للتنمية البشرية أشار الى أن أحد أسباب تخلف مجتمعاتنا هو اهمال دور المرأة، وهذا يعني اننا نضحي بنصف المجتمع في وقت نحتاج إلى ان نتحول فيه الى «مجتمع المعرفة» الذي لا يمكنه الاستغناء عن «عقول» وجهود كل فرد من أفراد المجتمع، امرأة أو رجلا.

التجديد في المجتمعات الاسلامية الذي بدأ أخيرا يختلف كثيرا عن التجديد الذي بدأ في القرن التاسع عشر في الدولة العثمانية. آنذاك وجدت الدولة العثمانية انها أصبحت غير مؤهلة لمواكبة عصرها، وباشرت في العام 1839 في مشروع «التنظيمات» وهو المسمى الذي اعتمدته لاعادة تنظيم الدولة على أسس حديثة. وقد واجهت الدولة العثمانية مسألة معقدة وهي «المساواة أمام القانون» والمساواة هنا هي مساواة المواطن سواء كان مسلما أم غير مسلم، رجلا أو امرأة.

واصطدمت بمفهوم التربية والتعليم عندما اضطرت إلى تأسيس «وزارة التعليم» ما يعني «سلب» علماء الدين هذه السلطة، اذ كانوا هم المسئولون عن تعليم الناس القراءة والكتابة والعلوم المختلفة. التعارض في الطرح والاسلوب أدى في النهاية إلى اسقاط الدولة العثمانية وقيام تركيا العلمانية التي حاولت التبرؤ من الدين الاسلامي لاعتقاد قادة «جمعية الاتحاد والترقي» العلمانية ان خلاصهم من الموروث الثقيل يقتضي القضاء على مفاهيم الدين وسلطان رجال الدين.

التجديد في قضايا معقدة له الآن أمثلة جيدة لا تفترض ما افترضه العلمانيون في أواخر أيام الدولة العثمانية، وهو ما يثبت قدرة النهج الاسلامي على التطور مع الزمن والاستجابة لمتطلبات العصر من دون الاخلال بالثوابت المتفق عليها بين جمهور المسلمين.

ونحن في البحرين بامكاننا ان ندرس التجربة المغربية ونحاول تطبيق ما ينفعنا وخصوصا مع وصول الحوار بشأن الاحوال الشخصية الى طريق مسدود، فلسنا اقل كفاءة من المغاربة والايرانيين فيما لو فتحنا آفاق التفكير المستنير

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 451 - الأحد 30 نوفمبر 2003م الموافق 05 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً