قرأت مسحة من الحزن والتأمل والألم على وجهه أكثر من الباقين ولم أتعرف على السبب إلا بعد أن تباسطت معه وبعد أن واسيته وهدأت نفسه إذ ذكرت له كل ما أملكه في قاموس العبارات التقليدية عن القدر ودخوله الجنة وما إلى ذلك.
صحيح أن الجميع كل من له صلة قرابة أو صداقة بالمرحوم خالد الخان أو حتى ممن تعرف عليه عاشوا أجواء من الضيق والإحساس بأن إنسانا طيبا ومهذبا قد رحل مبكرا عن الدنيا لكن الذي أضاف على هذا الإحساس مزيدا من الحسرة أن المرحوم قد شذ عن قاعدة الكثير من أمثاله من المسئولين، فهو لم يتلوث ولم يسقط صريع وحل «الكوميشنات» خصوصا في موقع حساس كوكيل لوزارة الكهرباء التي كل قطعة وكل محول فيها (إبذيك الحسبة) وحين يغادر أحد المسئولين في الوطن العربي وهو خال من أثقال الأخذ من المال العام، فسيدخل مباشرة إلى الجنة حسب ظني.
المرحوم خالد الخان كما يذكر زملاؤه رحمه الله كان أشطر تلميذ في الفصل في مادة الرياضيات وصل إلى حد أن المدرس حين كان يحل إحدى المسائل المعقدة يسأله ما هو الجواب عندك! فإذا وجد أن جوابه مطابق لجوابه يطمئن المدرس على صحة حله وربما هذه إحدى الآليات التي جعلته بعد تخرجه من دراسته الجامعية بالخارج أن يكون محل اهتمام القيادة العليا به.
والمرحوم من عائلة معروفة حكموا بستك وكانت حاضرة المنطقة المجاورة كما ورد في كتاب الدخيل والذكير وغيرهما ممن أكدوا هذه المعلومات بالتواريخ والأسماء، بل إن الدخيل كان بحثه من الدقة بمكان أن ذكر تسلسل أسماء حكامهم إلى أن أوصلهم إلى جدهم العباس عم الرسول (ص) مرورا بالدولة العباسية، بل إنه ذكر معاركهم ضد الحكومة المركزية في إيران وصراعهم مع بعض حكام عمان ومحاولات كل منهم في السيطرة على حكم الساحل.
المهم أن الأخ الذي قرأت مسحة الحزن والتأمل والاستنكار في عينيه الذي كان بجانبي سألته هل هو قريبك؟ فأجاب لا، بل كنت أعمل في الوزارة نفسها غير أني لم أجد مسئولا في تواضعه وهدوئه ونظافته وصفات أخرى نفتقدها في كثير من المسئولين
العدد 450 - السبت 29 نوفمبر 2003م الموافق 04 شوال 1424هـ