ليست هذه مناقشة أحقية كل أتباع مذهب في تمثل مذهبهم في مناهج التربية الإسلامية، ولكنها تساؤلات تشبه ما يسمى بـ «العصف الذهني» التي تترك الأمر مفتوحا لجدية الطرح وعدم الارتجال في شأن مهم كهذا، فإن شعار تدريس المذاهب الإسلامية في المدارس الحكومية برّاق وجميل على أن يكون التطبيق بالجمال نفسه.
نتساءل: هل من الممكن أن يدرس الطلبة «كل» مسألة في الدين، على خمسة مذاهب؟ هل من الممكن أن تستوعب الحصتان الأسبوعيتان للتربية الإسلامية كل هذا الكم الكبير من الاختلافات المتنوعة؟ ألا ينافح دعاة التقريب بين المذاهب عن أن نقاط الاتفاق الفقهي بين المذاهب الخمسة أكثر من نقاط الاختلاف... فلماذا إذن يتم التفصيل ولا يتم التركيز على المسائل المتفق في شأنها ويترك التفصيل لطلاب المعاهد الدينية بصفتهم متخصصين؟ أين تكمن «الوحدة الوطنية» في القول بأن المذهب الفلاني يقول برأي يناقضه المذهب الآخر 180 درجة أحيانا؟ هل هناك تصور لتدريب معلمي التربية الإسلامية كي يكونوا موضوعيين في شرح كل مسألة مختلف بلا تحيز أو إقصاء؟ هل فلسفة مناهج التربية تقوم على تعليم العبادات، بدءا من الأذان، الوضوء، الصلاة، الصيام، الزكاة والخمس، الحج (وكلها مواضع اختلاف)، وهي علاقات الفرد بربه، أم التركيز على علاقة الإنسان بالإنسان والمجتمع، وترك العبادات وتعليمها إلى دور العبادة والبيت والجمعيات والمراكز الدينية؟ لدينا ثلاثة مذاهب إسلامية رئيسية، فهل من الحكمة تدريس المذاهب الخمسة؟ وكم يلزم أن تكون نسبة المنتمين إلى المذاهب الأخرى (الخمسة وغيرها من المذاهب الإسلامية كالزيدية والاباضية) من المجتمع ليتم إدخالها في المناهج؟
قائمة الأسئلة تطول، والمساحة تضيق، ويجب على المشرعين والتربويين أن يدخلوا ورش عمل بناءة وصادقة وحقيقية حتى يتمكنوا من التوصل إلى ما يلم شعث أهل هذا الوطن بدل البلبال الحاصل نتيجة الرعونة
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 449 - الجمعة 28 نوفمبر 2003م الموافق 03 شوال 1424هـ