العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ

ماذا لو توجهت وزارة الإعلام إلى دور آخر؟

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لعل السؤال الذي يتردد من دون جواب شاف منذ البدء بعهد الاصلاحات في مطلع العام 2001 هو: لماذا لم يتغير دور وزارة الإعلام إلى الآن؟ ولماذا تمارس وزارة الاعلام دورا يثقل المسيرة الاصلاحية ويثير الشكوك لدى الآخرين بدلا من مواكبة العملية الاصلاحية؟

فلا نكاد «ننجو» من أزمة لا داعي لها من الأساس إلا وندخل في أخرى، ولعل استدعاء رئيس جمعية المهندسين سعيد العسبول لمحاسبته على السماح بعرض مسرحية في الجمعية ليست سوى الحلقة الأخيرة في هذا المسلسل؛ فرئيس جمعية مهنية مهمة يتم استدعاؤه للنيابة ويتم تعكير صفو العيد عليه وعلى المواطنين لأن وزارة الاعلام تقدمت بدعوى ضد مسرحية!

الغريب العجيب في الأمر هو أن هناك مسرحيات أخرى تعرض، ولكن ولأسباب غير معروفة قررت الوزارة رفع الدعوى لمنع هذه المسرحية ومحاسبة من يسمح بها!

مسلسل غريب من الاجراءات لا يفهم الهدف منها ابدا. فبدءا بقانون صحافة يتناسب مع دولة غير ديمقراطية، إلى ملاحقة الصحافيين ومن ثم التدخل في شئون تقنية المعلومات وحجب المواقع الالكترونية، ثم التحيز لجمعية تقنية معلومات في مواجهة جمعية أخرى، ثم مصادرة نحو ثلاثين كتابا من مهرجان للكتاب، ثم رفع دعوى ضد مسرحية.

هذه الجهود - التي تكلف الدولة الاموال لأنها تتطلب موظفين ومراقبين وملاحقين وقضاة - كلها تصب في الاتجاه المعاكس للنهج الاصلاحي الذي دشنه جلالة الملك. ماذا لو تم توجيه هذه الجهود لخدمة الاصلاح بدلا من تعكير العيد وتشويش الاجواء بمحاكم ومساءلات ومصادرات وتدخلات هنا وهناك...؟

المشكلة أن نتيجة المنع في أكثر الأحيان تكون عكسية، فالمواقع الالكترونية اشد تطرفا والكتب لا يمكن منعها في عصر الانترنت، والتحيز لصالح جماعة معينة في تأسيس جمعية خاصة بالانترنت لم يقدم أو يؤخر شيئا.

ماذا لو توجهت كل هذه الجهود التي تبذلها الوزارة في الاتجاه المعاكس، وفسحت المجال أمام حركة الابداع ورفعت شأن الانتاج المسرحي والاعلامي بدلا من البرامج التلفزيونية التي لم تحظ بتقدير النقاد أو إعجاب الجمهور؟ إن المال الذي يصرف على تعكير الصفو أكثر من الذي يصرف على تشجيع الحريات المسئولة. ثم إن هناك أدوارا تنتظر الوزارة مثل تشجيع السياحة والتراث والثقافة. فالتطورات الأخيرة في مجال التراث كلها تقريبا بفضل جهود فردية وجهود أجنبية (فرنسية ودنماركية وغيرها)، كما هو الحال مع البرامج النوعية التي تشرف عليها الشيخة مي آل خليفة، لماذا لا توجه الجهود لدعم هذا الدور المشرف؟

لماذا لا تتم الاستجابة لنداءات رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين خالد كانو الذي طالب بدعم قطاع السياحة قبل فوات الأوان؟ واذا كانت الوزارة لديها الطاقة والحماس الذي نشهده عندما تتم مصادرة كتب ومنع مسرحية، فلماذا لا نستفيد من هذا الحماس فيما يفرحنا جميعا ويرفع سمعة البحرين عاليا؟

إنها أمنيات مخلصة ونأمل من إخواننا وأخواتنا في وزارة الاعلام أن يأخذوها بحسن ظنهم وأن يحسنوا الظن بالآخرين، فذلك هو سبيل التقدم والاصلاح. فنحن لا نرى من سوء الظن إلا تضييع الفرص على البحرين، وفسح المجال لمن يود التشكيك في الانجازات التي تحققت. والمشككون لهم أنصار في هذا المجال، وأهم مناصر لهم وزارة الاعلام ذاتها من خلال ما تقوم به من اجراءات وما تتقدم به من شكاوى تؤدي في النهاية الى تدخل النيابة والقضاء ثم ارتفاع اصوات الاحتجاج بما يتسبب في ازعاج الجميع بنتائج عكسية لكل ما أرادت الوزارة تحقيقه

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً