عندما كان الأستاذ الجامعي وليد زباري يلقي محاضرة عن استهلاك المياه في البحرين وما يواجهه هذا العنصر الحيوي من أزمة خانقة، وكم هي كلفة تحلية لتر واحد من المياه في مقابل الوفر الذي يحققه توفير لتر واحد في المقابل، مال عليّ أحد الموغلين في العمل السياسي وهمس: «يبدو أن العمل السياسي هراء أمام هذه القضية الخطيرة».
ليس الأمر كما بدا، إذ إن الحياة ليست مسلسلا تلفزيونيا له قصة واحدة مركزية، وتنتهي نهاية حاسمة تتوقف عندها كل القصص الصغيرة المرتبطة.
فالملفات التي تسمى بـ «الساخنة» يعول عليها في إصلاح الحال، ولكن هناك أيضا ملفات أخرى، ويعمل عليها أناس آخرون، ربما تبدو أقل أهمية و«سخونة»، وربما ليست لها آثارها الظاهرة المدوية، ولكن لا يمكننا القول إننا قد حققنا فيها تقدما، إذا ظلت بقية الملفات مؤجلة إلى حين الانتهاء من «العمل الأساسي».
فما فائدة حل مشكلة البطالة (مثلا) في مجتمع يعاني الأمراض ولا يقوى أصحابه على العمل والإنتاج بشكل جيد بسبب التلوث البيئي ونقص الوعي الصحي؟ وكيف نكافح الفساد الإداري، ونحن نفسد الطرقات ونستهين بالممتلكات العامة ونبدد أوقات الوزارات التي نعمل فيها، حتى لو كان هذا التبديد في سبيل تنظيم ندوة ستعقد مساء، أو مسيرة ستنطلق عصرا؟ كيف لنا أن نصل إلى نهوض اقتصادي، وقضية مثل المياه تزداد قتامة؟
إن الخطأ الذي نقع فيه دائما هو تصور مستوى واحد للحلول، والاندهاش لايزال يأخذنا بالمشروعات السياسية وحدها، والنظر إلى من يعملون على القضايا الأخرى المجتمعية على أنهم أقل شأنا، وربما أقل جرأة لأنهم لم ينضموا إلى نهر العاملين في الملفات الكبرى.
والرأي، أن كل من يعمل خالصا لوجه الوطن، يغرس نباتا طيبا في مكان ما من هذه الأرض، سواء زرع شجرة عملاقة، أو بسط الأرض بالعشب، وذلك لتكتمل اللوحة التي نود أن نراها مستقبلا
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 445 - الإثنين 24 نوفمبر 2003م الموافق 29 رمضان 1424هـ