منا من انتهى من شهر رمضان وقد أوتي الكتاب بيمينه، وسيحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله - يوم العيد - مسرورا - لشيء بسيط وعظيم انه اعطى واتقى وصدق بالحسنى، فلا غريب ان ييسر لليسرى.

هو ذاك من انشرح صدره ووضع عنه وزره فليس غريبا اذا ان يرفع الله ذكره بين البشر.

بالأمس كان يقول راندل: «ازرع البسمة في وجهك، تحصد السعادة في قلوب الناس»، لكني والحق يقال: «رأيت قبل العشر الأواخر من ليالي شهر رمضان بعض من راح يطرق بيوت الفقراء ليزرع ابتسامة على وجوه اطفال سمعوا بالعيد بيد انهم لم يروه... هذه المرة سيشاركوننا العيد بثياب جديدة تغمرهم الفرحة... نسمات صغيرة راحت «لجنة الخير» معهم مع بعض من هؤلاء الشباب المؤمنين... ذهبوا معهم الى السوق... وشروا معهم الملابس، وفضّلوا لهم بعض الثياب... هنا ارتفعت ايدي الأمهات داعيات لكل من شارك في صنع هذه الابتسامة على ثغر هؤلاء الاطفال والأمهات.

وكأن حديث رسول الله (ص) يرن في مسامع الزمن: «الا وان السعيد السعيد من اختار باقية يدوم نعيمها على فانية لا ينفد عذابها».

وتلك هي السعادة الحقيقية ان تشرك معك الآخرين فيها وقديما قال أوغست كونت: «لكي تحتفظ بالسعادة عليك ان تتقاسمها مع الآخرين».

وما أجمل الحطيئة وهو يقول: «ولست أرى السعادة جمع مال... ولكن التقي هو السعيد».

تصرمت ليالي شهر رمضان وانقضت ايامه و«الشقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر الكريم»، و«ان السعيد الذي ينجو من النار».

هناك من قرأ القرآن وطبقه سلوكا واخلاقا وهناك من لم يبلغ التراقي وهناك من كان رمضان بالنسبة له محطة اشراق وعروج وقد اطعم جسده مرارة الطاعة بعد ان اذاقه حلاوة المعصية... وهناك من اعتبر الشهر ضيفا ثقيلا ينتظر انتهاءه ليأمر النديم قائلا:

رمضان ولى هاتها يا ساقي... مشتاقة تهفو الى مشتاق

واليوم اطل علينا يوم العيد «وهو عيد لمن تقبل الله صيامه». فما اجمل العيد بمسحة حنان وقبلة رحمة يطبعها الابن على محيا الوالدين... ولا شك ان هناك آباء في مراكز المسنين ينتظرون طلة الابناء والأهل عليهم... اعطونا زهرة اعمارهم فماذا قدمنا لهم؟

وأجمل ما في العيد عندما يطل الابن في صباح العيد الى أمه ليقدم لها هدية العيد «عرفانا» لعطائها، وتقديرا لهذا المخلوق الجميل المكتنز بالصبر والتضحية.

دعونا نزرع الابتسامة في هذا الوجود علنا نستطيع ان نخلق إضاءة في زوايا العتمة.

وكل عام وأنتم بخير.

ملاحظة: طرحت الصحافة ان اراضي الاوقاف غير الموثقة في محافظة العاصمة ستسجل بواسطة جلالة الملك، وهذه خطوة مباركة طالما ركزنا عليها في الصحافة وسيسعد الناس لو اكملت بتوثيق جميع الاراضي المسجلة للاوقاف في بقية مناطق البحرين في قرى شارع البديع وغيرها وهذا أملنا فالأراضي غير المسجلة تزيد على الـ 600 أرض