العدد 444 - الأحد 23 نوفمبر 2003م الموافق 28 رمضان 1424هـ

قوات الاحتلال بدأت الحرب «غير النظيفة» في العراق

ابراهيم خالد ibrahim.khalid [at] alwasatnews.com

قدم ممثل إيطاليا في سلطة التحالف الذي يفرض سيطرته على العراق استقالته من منصبه بعد أيام من الهجوم الذي تعرضت له قيادة قوات بلاده في الناصرية وقبل أيام من العملية العسكرية «المطرقة الحديد» التي تشنها القوات الأميركية هذه الأيام ضد عناصر المقاومة العراقية. وعلل ممثل إيطاليا استقالته باستهانة التحالف بتوفير الحماية لقوات بلاده الأمر الذي تسبب في قتل نفر منهم و بالإسلوب غير العملي والمنطقي الذي تدار به الشئون العراقية في ظل الاحتلال.

وفي الاطار ذاته وجه مستشار الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في العراق سيرجيو دي ميللو الذي قتل هو الآخر في هجوم على مقر الأمم المتحدة في بغداد غسان سلامة انتقادا إلى سلطة التحالف وقال: «إن القوات الأميركية أخذت في ممارسة الاسلوب نفسه الذي كان يتبعه الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين مع الشعب العراقي».

هذه المقدمات تصدقها وتؤكدها على أرض الواقع الحرب القذرة التي بدأتها القوات الأميركية في العراق في الأيام الفائتة وتأتي ما يسمى عملية «المطرقة الحديد» بعد تعرض قوات الاحتلال الأميركي لعدة نكسات متتالية أوجعت القيادتين العسكرية والسياسية في واشنطن إذ تمكنت عناصر المقاومة العراقية من إسقاط عدة مروحيات عسكرية أميركية راح ضحيتها عشرات الجنود الذين زجت بهم «البنتاغون» في مستنقع العراق ليموتوا ويقتلوا من أجل أن ينعم سادتهم ويجنوا المزيد من الدولارات الملطخة بدماء الشعب العربي المسلم في العراق.

ارتفاع معدل القتلى الأميركيين في العراق (400 قتيل) والذي تجاوز معدل القتلى الذين سقطوا في فيتنام في بداية سنوات الحرب بحسب أحد التقارير أصاب «البنتاغون» بالجنون وهز من صورة العسكرية الاميركية فكان لابد من اتخاذ خطوات لاستعادة هيبة الجندي الأميركي. وكان ذلك بشن غارات جوية وإطلاق صواريخ مدمرة مثل تلك التي استخدمت في أفغانستان ضد عناصر المقاومة. والفارق ان تلك الصواريخ أطلقت في أفغانستان على مناطق جبلية تعد ميدانيا لمعارك عسكرية أما في العراق فقد أطلقت على مناطق سكنية في قلب العاصمة العراقية بغداد وفي تكريت بل وطالت حتى منزل عزة إبراهيم الدوري.

هذه التصرفات الحمقاء جعلت وزارة الدفاع الاميركية تشعر بالخجل فهي لم تستطع أن تكشف عن تفاصيل هذه العمليات من قصف مدفعي وغارات بطائرات اف 16 وتمشيط بالمروحيات على أهداف غير محددة بوصفها مواقع عسكرية فالقوات الاميركية التي أصبحت لا تدري من تقاتل عزمت أخيرا على محاربة كل الشعب العراقي تماما كما فعلت في فيتنام قبل اعترافها بالهزيمة والانسحاب. فها هو الجيش الأميركي الذي لا يقهر يقتل الشعب والذي أتى ليمنحه الحرية والديمقراطية لأنه يفرز من بين أفراده من يقاوم الاحتلال. الجيش الأميركي منح نفسه الحق في قتل الأبرياء من أطفال ونساء ومسنين يقبعون في بيوتهم وهم لا يدرون أن الموت قادم لهم من فوهات بنادق محرريهم من بطش صدام ونظام البعث.

الجيش الأميركي ظل منذ أن وطئت قدمه أرض العراق يمطرنا بالبيانات العسكرية كلما تعرضت دورية من قواته لانفجار لغم أو كمين ويسهب في التفاصيل لكن بدأت الحرب القذرة الآن فهو ظل يكتفي بالقول ان القوات المشاركة في عملية «المطرقة الحديد» تواصل شن الهجمات ضد العدو من دون أن يذكر شيئا عن حجم الخسائر وتوضيح الأهداف التي تدمر فوق رؤوس ساكنيها. صمت المحتل دليل على المجازر التي ترتكب ضد شعب أعزل يعاني الأمرين فمن بطش زبانية صدام إلى زلة الاحتلال. على المقاومة والمقاومين أن يكشفوا للعالم ما يجري في مدن العراق فالحرب ضد المحتل لا تكتمل بالبندقية فقط وإنما تحتاج إلى صوت يخاطب الضمير العالمي ويكبح من جموح المحتل الغادر.

الولايات المتحدة أصبحت تواجه الهزيمة في العراق. فسياسيّا اضطرت واشنطن تحت شراسة ضربات المقاومة إلى القبول بالطرح الفرنسي إذ وافقت أخيرا على منح الشعب العراق السيادة وإقامة حكومة عراقية انتقالية قبل وضع الدستور والانتخابات التي كانت تصر على أن تتم قبل تسليم السلطة إلى الشعب العراقي. وقبل أن تذعن واشنطن وتقر بالهزيمة العسكرية في مرحلة لاحقة فهي ستمارس كل أساليب البطش والعنف. صرح بذلك احد مسئوليها في بغداد إذ قال ان الحرب ستصبح أكثر شراسة ومن حقنا أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لنا. وعلى رغم ان الولايات المتحدة أعلنت منذ شهور انتهاء العمليات العسكرية فهي الآن تخوض عمليات حربية من وراء الستار وهنا يكمن الخطر

إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"

العدد 444 - الأحد 23 نوفمبر 2003م الموافق 28 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً