تفجرت في وارسو واحدة من اسوأ الفضائح التي يتعرض لها الجيش البولندي الموجود في العراق، حينما خرج وزير الدفاع جيرسي سمايدزينكي من صمته ليعلن عن تفاصيل هذه الفضيحة التي هزت الرأي العام البولندي وحفزت السياسيين لتشديد المطالبة بعودة الجنود إلى بلادهم في اقرب وقت ممكن.
وتتلخص القضية في ان تسعة اشخاص من بينهم ثلاثة برتب عسكرية كبيرة يعملون في اطار جيش المشاة البولندي في العراق قد تم القاء القبض عليهم واحيلوا للتحقيق بعد ان ثبت عليهم تسلم رشا من شركات مختلفة تريد تزويد الجيش البولندي في العراق ببعض منتجاتها.
وقال المدعي العام البولندي ان المعتقلين قد تسلموا رشا من شركات تطمح لبيع منتجاتها للقوات البولندية المنتشرة في العراق، وما عدا الرتب العسكرية الكبيرة اتهم ايضا خمسة من الجنود العاملين في الوحدة البولندية وواحدا مدنيا هو الآخر يخدم في الجيش البولندي.
واعلن وزير الدفاع البولندي جيرسي سمايدزينكي أنه اصدر أوامره لاعتقال هؤلاء والتحقيق معهم بتفاصيل العملية، وان هناك احتمالت بارتفاع عدد المعتقلين اثناء مجرى التحقيق.
وكان المتهمون بحسب وزير الدفاع قد اتفقوا على توفير عقود لصفقات هذه الشركات مقابل مكاسب مالية مناسبة الأمر الذي كلف وزارة الدفاع البولندية خسائر فادحة.
احد العقود يتضمن توفير معدات عسكرية لـ 2400 جندي بولندي يعملون في العراق - ومقابل هذا العقد وكذلك عقود اخرى تسلم المتهمون رشا من هذه الشركات، وقد بلغت قيمة العقود اكثر من مليون زلوتي بولندي أي ما يعادل (24) مليون دولار، وتشمل الصفقات شراء 150 ناقلة جنود مصفحة و350 خيمة وعددا من مكيفات الهواء ومولدات الكهرباء وغيرها.
وارتباطا بهذه الفضيحة، فقد ارتفعت اصوات السياسيين المعارضين للوجود العسكري البولندي في العراق، وكذلك الرأي العام البولندي، إذ وصلت نسبة المعارضين إلى 50 في المئة.
كشفت ظروف ما بعد الحرب، أن عددا كبيرا من تجار الأسلحة يعتمدون في مبيعاتهم على جهد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و12 سنة، لأسباب كثيرة، أبرزها أن قوات التحالف لا تنتبه إلى هؤلاء الأطفال كما هو الحال بالنسبة إلى الكبار، ناهيك عن أجورهم المتدنية جدا، والتي لا تؤثر على أرباح هؤلاء التجار.
ويحاول تجار السلاح تجنيد المزيد من الأطفال في بيع ونقل السلاح في معظم محافظات العراق، وغالبية هؤلاء الأطفال أصبحوا حاليا يعرفون أسرار هذه الأسلحة وكيفية استخدامها، ربما أكثر من الكثير من الكبار، فهم في الوقت الذي يستغلون فرصة «الشغل» عند هؤلاء التجار، يقومون أيضا بالتدرب على استخدامات هذه الأسلحة، ولأنهم حرموا من اللعب وحياة الطفولة بسبب الحصار الطويل الذي مرّ به العراق وكذلك لتفشي حال البؤس والفقر، فإنهم يقومون بتحويل هذه الأسلحة إلى أدوات للعب واللهو والمتعة، الأمر الذي قاد إلى حدوث كوارث في الكثير من المناطق، إذ فقد هؤلاء الأطفال السيطرة على أسلحتهم، ما أدى إلى انطلاق الرصاص بصورة عشوائية، إذ قتل جراء ذلك أناس أبرياء من أفراد العائلة أو من المواطنين الآخرين.
والكثير من هؤلاء الأطفال يقومون بأداء أعمال مختلفة لمساعدة عوائلهم ماديا ولكسب الرزق. وبيع السلاح أو نقله من مكان إلى آخر ربما يوفر لهؤلاء الأطفال سببا للعيش مع عوائلهم، ولكن بعض جيوب المقاومة انتبهت إلى أهمية الأطفال في تسهيل عملها، وقامت بتجنيد بعض هؤلاء لتنفيذ عمليات مسلحة، كزرع العبوات في الطرق المختلفة أو وضع الألغام في منعطفات تمر عليها الآليات الأميركية، ما أدى إلى تدمير الكثير من هذه الآليات أو قتل بعض الجنود الأميركان، لذلك بدأت القوات الأميركية لا تفرق بين الكبار والصغار في حال شعورها بالخطر فتطلق النار من دون تحديد، الأمر الذي أدى إلى مقتل الكثير من هؤلاء الأطفال
العدد 444 - الأحد 23 نوفمبر 2003م الموافق 28 رمضان 1424هـ