من يقرأ شكاوى المواطنين سيجد أنها متكررة الهموم والتوجسات، وكلها تدعو الى حل علمي ومعيارية واضحة لحفظ الحقوق، وتكاد تكون هذه الشكاوى في غالبية المؤسسات والوزارات وهنا نحب ان نطرح بعضا منها التي تتكرر وبطريقة مختصرة لنضع الآلية العملية بعد ذلك.
أزمة الكادر الوظيفي وقدمِه بل والتفنن فيه بما يرضي المسئول اصبحت أزمة واضحة وجلية للعيان، فالمزاجية في اعطاء الدرجات ومنح الرتب والالتفاف في تقييم اداء الموظفين أصبحت سمة واضحة والدليل:
في وزارة خداماتية مواطنة انتقلت بقدرة قادر من الدرجة السابعة الى العاشرة في فترة قياسية حتى ظن انها امتلكت مصباح علاء الدين بينما عشرات من الموظفين الجالسين ينتظرون الفرج، هناك موظفون يبقون سنين تحت رحمة مزاجية المسئول فهو الذي يوزع هدايا الدرجات، والغريب ان البعض يبقى 20 عاما من دون ان يصل الى الموقع الذي يفترض ان يصل اليه الا انه يتفاجأ لمن هو اقل منه خبرة وشهادة وعلما اصبح رئيسا له لكونه أخا لزوجة المدير. وما أجمل المدير وخصوصا اذا كان مديرا للتوظيف فهو المتلاعب برقاب البشر وبين عشية وضحاها واذا «كل الربع» اصبحوا في الوزارة حتى الخوات والعمات ولا يبقى الا الأم والجدة. والمعاناة تتفاقم عندما ندقق في المستوى الاكاديمي... فهناك من يُوظف ويُرقى ويصل الى مواقع متقدمة وهو للكاد يمتلك شهادة ثانوية ومن يمتلكون شهادة الماجستير مكانك سر. هذه الحالات موجودة في بعض وزاراتنا ان لم تكن غالبيتها.
قد يقول البعض: ما الدليل؟ الاجابة. دعونا نؤسس لجنة محايدة أهلية رسمية لتبحث في ذلك وستكتشفون الحقيقة، فليس الكادر الوظيفي فقط الذي يحتاج الى رقابة وتدقيق؟... بل الاسس التي وضعتها ديوان الخدمة المدنية كلها تحتاج الى عصف قانوني وتغيير في الاساس، وهنا يأتي دور المجلس النيابي بدلا من الحديث عن البرقع وسياقة المرأة للسيارة وغدا عن حليب العصافير.
فالبرلمان مازال اداؤه حريريا مخمليا فمتى سيفتح البرلمان ملف الفساد وملف التعيينات وملف التمييز؟
البعثات التي تمنحها الوزارات لموظفيها «المتميزين» ايضا تحتاج الى معيارية واضحة حتى لا نغلف بمحسوبيات فهناك من يبتعث لقرابة وآخرون يبقون... طبعا الحل لا يكون بالضغط الصحافي فقط بل لابد من وجود آليات عملية في ذلك، فالصحافة مازالت تضغط لتحريك المياه ولكن الكلام اين البرلمان من كل ذلك؟
الاقتراح:
العمل على انشاء لجنة قضائية مستقلة تعمل على تلقي الشكاوى لتفصل في التظلمات المتعلقة بالتوظيف والتعيين وتكون رقيبا على قنوات التوظيف في الجهاز الحكومي. وإلا ما الفائدة في تشكيل لجنة توظيف في ذات الوزارة، والمشتكى عليه عضو فيها، على طريقة إذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي؟
ومن البديهيات في علم القانون ان النص على مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص في ثنايا الدستور والقانون ما هو الا حماية شكلية اذا لم يستتبعه تفعيل على مسرح الواقع بل ومتابعة لمدى تطبيق القانون. لذلك ينبغي على كل مواطن يمتلك ادلة حقيقية وواقعية - على انه مورس في حقه التمييز أو التهميش ان يرفع على مسئوله دعوى في القضاء وخصوصا للذين احيلوا للتقاعد. وذلك حتى يرعوو عن ذلك أي مسئول يخالف القانون.
مسئول رفيع المستوى بعد ان رفع شعار الديمقراطية ضاق صدره سراعا من نقد ادائه وراح يلوح بالضغط عبر حجب الاعلانات عن صحيفتين بحرينيتين... هذا الاسلوب يذكرنا بقانون أمن الدولة... طبعا الخبر اليوم بفلوس غدا ببلاش. ألم اقل لكم بعض وزرائنا يعتبرون الوزارة مُلكا خاصا او مزرعة خاصة. ولم يعلم بعض هؤلاء انه لولا هذا المجتمع الفقير لما وجدوا لهم وظيفة في السوق فضلا من ان يصبح البعض منهم وزيرا.
طبعا هذا الاسلوب خطير كان يمارسه بوكاسا وهتلر واستالين لمحاصرة الصحافة ولقطع اصابع الصحافيين ولكن اعتقد ان التجربة الماضية قبل عامين في الضغط - بالاعلانات - اثبتت فشلها وجاءت النتيجة عكسية. طبعا هذا الامر يفتح شهية الصحافة لتناول بعض القضايا من شأنها وضع النقاط على الحروف.
قال وزير مصري ذات يوم: «أكبر خطأ تمارسه أية مؤسسة عندما تخلق لها معركة مع الصحافة»
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 444 - الأحد 23 نوفمبر 2003م الموافق 28 رمضان 1424هـ