الانتخابات الطلابية التي نظمتها مدرسة الشيخ عيسى بن علي الثانوية للبنين تعتبر بادرة خير. فالانتخابات هي الاولى في المدارس الحكومية وهي بلا شك تعتبر تطورا الى الامام. المدارس الخاصة سبقت الحكومية بكثير في هذا الشأن، بل ان تلك المدارس تعتبر الانتخابات والنقاشات والورشات النموذجية التي يمثل فيها الطلاب ادوار ممثلي الدول في «الامم المتحدة»، كلها جزءا لايتجزأ من عملية التربية للطلاب.
وهذا التطور يفترض ان الحياة الجامعية تنعم بـ «اتحاد طلابي» كما هو الحال في جميع البلدان التي تنحو باتجاه مزيد من الديمقراطية والانفتاح السياسي. والاتحادات الطلابية في الجامعات المرموقة (مثل جامعة كامبريدج في بريطانيا) هي المحطة الاولى لتدريب قادة المستقبل، وكثير من الوزراء ورؤساء الوزراء في بريطانيا يفتخرون بنشاطهم ورئاستهم للاتحاد الطلابي ويقدمونه دليلا على قدراتهم في تحمل المسئولية العامة.
ربما اننا لا نسعى حاليا إلى ان نكون مثل جامعة كامبريدج ولكن بامكاننا ان نلحق بدول مثل باكستان وبنغلاديش اللتين يعتبر العمل الطلابي فيهما متقدما على ما لدينا ربما بخمسين سنة الى الامام. فبلادنا التي تفتخر ان لديها معدل دخل فرد اكثر بكثير من تلك الدول، بل اننا نستجلب العمالة الرخيصة من امثال تلك الدول، تتأخر عقودا من الزمن في مجالات الحياة العامة وتحمل المسئولية.
النهج الحالي ليس صحيحا من عدة جوانب. فمن جانب فإن جامعة البحرين تتعامل مع طلابها بأقل مستوى حتى من الاسلوب المتبع في المدارس الخاصة في البحرين. وهذا يعني ان المسئولية تعطى، والاحترام يوزع، على اساس طبقي، وهو مايتنافى مع الذوق العام والاصلاح السياسي المطلوب. كما ان البحرينيين الذين سبقوا الكويتيين في التنعم بـ «الجمعيات السياسية» محرومون مما هو متوافر لدى الكويتيين الذين يسمح لهم بتشكيل «الاتحاد الوطني لطلبة الكويت». الجامعة لايبدو انها تثق بالطلاب البحرينيين وتتعامل معهم بأسلوب التوجيه المباشر والقسري (اذا تطلب الامر)، وتعتبر مفهوم الاتحاد الطلابي «كثيرا» على مستوى طلبتها. وهذا الفهم يقلل من شأن الاصلاحات السياسية ولايساعد على تخريج قيادات مستقبلية للبلاد. فالشخص الذي لا يحصل على ثقة من أحد ينمو لديه الاحساس بالنقص والذي يشعر بالنقص لايبدع ولاينتج كثيرا.
الطلاب من جانبهم لم ينجحوا إلى حد الآن في تكوين لجنة تحضيرية تجمع كل الاتجهات والالوان البحرينية وهذا ساهم في تأخير مشروعهم كثيرا. فالعمل الطلابي الوطني يجب ان يكون وطنيا عاما يشمل الجميع، ويجب ان تكون أجندته طلابية بحتة بعيدة عن التلوين الخاص بهذه الفئة او تلك. وما لم ينجح الطلاب في تأسيس نواة من هذا النوع فإن مشروعهم لن يرى النور، خصوصا مع التعقيدات الاخيرة.
الجمعيات السياسية يمكنها ان تلعب دورا مساندا فيما لو اتفقت على مساندة مشروع «غير مسيس» و«غير مؤدلج»، ويمكن للطلاب القريبين من هذه الجمعية او تلك الاستفادة من علاقتهم في تأسيس لجنة تحضيرية تجمعهم على رأي واحد، ومن ثم يطرحونه - بكل عقلانية واعتدال - على ادارة الجامعة، والانطلاق بالعمل الطلابي بهدف لم شمل كل الطلاب في كل الجامعات والكليات والمعاهد لاحقا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 444 - الأحد 23 نوفمبر 2003م الموافق 28 رمضان 1424هـ