العدد 443 - السبت 22 نوفمبر 2003م الموافق 27 رمضان 1424هـ

«الواقع الجديد»

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

ماذا تخطط الإدارة الأميركية من أعمال تريد تنفيذها في الشهور، وربما الأسابيع، المقبلة؟ المعلومات تشير إلى جو ملبد بالغيوم ويميل إلى نوع من العواصف السلبية، مستفيدة من «الواقع الجديد» في معادلة العراق.

هناك الكثير من المؤشرات التي تعزز هذه القناعة حتى لو أظهرت الإدارة بعض الليونة وأطلقت تصريحات مطمئنة إلى عدم وجود نوايا سيئة ضد دول وضعتها «البنتاغون» على «لائحة الشر» وهي مطلوبة واحدة بعد أخرى.

صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نشرت الأسبوع الماضي معلومات (مسربة) من جهات أمنية عليا قبل يوم من بدء زيارة الرئيس جورج بوش إلى بريطانيا. وذكرت المعلومات سلسلة أخبار ملفتة تتعلق بأن قادة من كبار العسكريين في وزارة الدفاع يدرسون «سيناريوهات» لشن مجموعة حروب صغيرة (وربما تتحول إلى كبيرة) في كوريا الشمالية ومنطقة «الشرق الأوسط» وأماكن أخرى.

«الأماكن الأخرى» لا تعرف أين بينما كوريا الشمالية فيرجح أن تكون معركتها مستبعدة الآن أو مؤجلة إلى حين ترتيب صيغ توافقية محددة مع الصين بصفتها الطرف المعني بالنتائج المترتبة عن المسألة.

بقي «الشرق الأوسط» وهذا هو الاحتمال المرجح في حال قرر الرئيس الأميركي استكمال خططه التي بدأ بها منذ ضربة 11 سبتمبر/ أيلول 2001. و«الشرق الأوسط» كلمة جغرافية - سياسية مطاطة تمتد من غرب الهند إلى شرق المتوسط وتشمل أيضا دول آسيا الوسطى استقلت حديثا (منذ عقد) عن الاتحاد السوفياتي السابق.

وفي حال تم تركيز القراءة السياسية يمكن الاستنتاج أو وضع فرضية ترجح أن تكون المعركة (وليست حربا شاملة) في دائرتين: سورية (ولبنان)، وإيران.

هذا الترجيح مجرد فرضية ويقوم على خلاصات نظرية وليست معلومات ولكنه يميل إلى تصديق الروايات الصحافية الأميركية عن وجود خطط جاهزة يراجعها «البنتاغون» لوضع اللمسات الأخيرة عليها قبل إعطاء الرئيس بوش إشارة الانطلاق.

وبحسب معلومات «واشنطن بوست» فإن تلك الحروب تعتمد على تكتيكات مختلفة عن تلك التي شاهدناها في أفغانستان والعراق. وأهم تلك التكتيكات هي اعتماد الحروب على خوض معارك سريعة تنهي المواجهات «بسرعة أكبر وبعدد أقل من القوات الأميركية». أي أن تلك الحروب ستعتمد على قوات نوعية مدربة جيدا وأسلحة نوعية لم تستخدم سابقا.

هذا ما قالته «واشنطن بوست» قبل يوم من زيارة بوش لبريطانيا. أما ما حصل بعد الزيارة فهو كله يرجح تلك الاحتمالات وتحديدا بعد تفجيرات اسطنبول التي طالت «معابد يهودية» و«مؤسسات بريطانية» إضافة إلى القنصلية. فهذه التفجيرات عززت نظرية الأمن ورجحت كفة تثبيت التحالف الثنائي الأميركي - البريطاني مضافا إليه «إسرائيل» كفريق ثالث بعد أن تعرضت «معابدها» في اسطنبول للهجمات. فالتحالف إذن يرجح أن يكون ثلاثي الرؤوس وليس ثنائيا.

إلى هذا يمكن إضافة سلسلة أخبار متفرقة تعزز الميل نحو «الخيار العسكري» في الأسابيع والشهور المقبلة، وهي يمكن ترتيبها كالآتي:

أولا، خطاب بوش في لندن كان شديد التطرف أوضح فيه خططه وبرنامجه من دون دبلوماسية.

ثانيا، إعادة إثارة الملف النووي في إيران والعودة إلى ممارسة المزيد من الضغوط على أوروبا لتلعب دورها في الضغط على طهران.

ثالثا، الإعلان عن إرسال 130 ألفا من قوات المارينز إلى الكويت في مطلع السنة الميلادية (بعد 4 أسابيع).

رابعا، الإعلان عن إجراء تجربة ناجحة في فلوريدا لما يسمى «أم القنابل» ويذكر أن واشنطن أرسلت اثنتين منها إلى المنطقة عقب سقوط بغداد في ابريل/ نيسان الماضي.

خامسا، رفع الكونغرس قانون «محاسبة سورية» إلى الرئيس للتوقيع عليه.

النقطة الخامسة مهمة في حال أعدنا ربطها بمسألتين الأولى تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز ضد سورية في «البنتاغون» بحضور وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد واستدعاء احتياط من الجيش الاسرائيلي. والثانية تصريح رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ الجمهوري ريتشارد لوغار حين فسر أسباب التصويت على قانون المحاسبة بقوله «إن سورية تشترك بحدود تمتد أكثر من 600 كيلومتر مع العراق وينتشر هناك أكثر من 135 ألف جندي أميركي (...) وتحتاج بذلك إلى أن تراجع الوضع لتدرك أين تكمن مصالحها الأمنية المقبلة (...) هذه ليست تهديدا بعمل عسكري بل توضيحا للواقع الجديد على الحدود السورية». المسألة واضحة والرسالة أوضح: إنه الواقع الجديد

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 443 - السبت 22 نوفمبر 2003م الموافق 27 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً