العدد 2337 - الأربعاء 28 يناير 2009م الموافق 01 صفر 1430هـ

سياسة أوباما تجاه الصراع العربي الإسرائيلي... دواء قديم في وعاء جديد

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

بدأت تتضح معالم سياسة الرئيس الأميركي الجديد باراك حسين أوباما تجاه قضية الصراع العربي الإسرائيلي وفي لبه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو ما يطلق عليه تضليلا «قضية الشرق الأوسط» لقد كان الرئيس أوباما قاطعا في خطابه أمام كبار موظفي وزارة الخارجية في ثاني يوم من رئاسته، حيث تم في الوقت ذاته إعلانه بتعيين السناتور السابق جورج ميتشل مبعوثا خاصا للشرق الأوسط، وريتشارك بوك المندوب الدائم للولايات المتحدة في الأمم المتحدة سابقا مبعوثا خاصا لباكستان وأفغانستان.

ففي أول خطاب رئيسي له بشأن السياسة الخارجية الأميركية، بعد إشارات عامة في خطاب القسم أمام مبنى الكابيتون، أكد الرئيس أوباما ما يأتي:

- دعا إلى تثبيت وقف إطلاق النار، وأن ذلك يتطلب ايقاف حماس لصواريخها على ما أسماه السكان المدنيين في «إسرائيل» ومنه وصول الأسلحة المهربة عبر مصر أو البحر إليها.

- إن لـ«إسرائيل» حق الرد، حيث إن أية دولة ديمقراطية لا يمكن أن تحث على قصف مواطنيها ومنشآتها بالصواريخ.

- إن هناك حاجة للقيام بالكثير ما بعد تثبيت إطلاق النار، وإن المطلوب عاجلا هو إيصال إمدادات الإغاثة من أدوية وأغذية وغيرها، ولذلك يتوجب فتح جميع المعابر، وأن يتم إيصال هذه الإمدادات بالتعاون ما بين «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية والوكالات الدولية العاملة في غزة.

- إن من متطلبات حل بعيد المدى هو أن يشعر سكان «إسرائيل» بالأمان وكذلك سكان غزة وإعادة إعمار غزة من خلال جهد دولي، وامتداح مصر لاستضافتها مؤتمر المانحين المرتقب لإعادة إعمار غزة، والذي يتوجب أن يتم بإشراف السلطة الفلسطينية.

- تضم الولايات المتحدة جهدها مع الآخرين في منع تهريب الأسلحة إلى غزة، حتى لا تتكرر اعتداءاتها على «إسرائيل».

- أشاد أوباما بالمبادرة العربية للسلام، ودعا الدول العربية إلى دعم السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس عباس ورئيس الوزراء سلام فياض وإلى محاربة المنظمات المتطرفة، وإلى اعتراف الدول العربية بـ«إسرائيل» وتطبيع العلاقات معها، وضرورة اعتراف حماس بـ«إسرائيل».

- تأكيده على أن الحل يتطلب قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية جنبا إلى جنب ولتأكيد أولوية حل مشكلة الشرق الأوسط في السياسة الخارجية الأميركية، فقد عين الرئيس أوباما السناتور السابق جورج ميتشل والذي سبق أن توسط في عهد الرئيس الأسبق بيل كلنتون إلى حل النزاع في إيرلندا الشمالية، ونجح فعلا في توصل حزب شين فين والجيش الجمهوري الإيرلندي، مع التحالف البروتستانتي بقيادة بيزلي والحكومة البريطانية، لاتفاق على حل سلمي للنزاع.

في خطابها في ذات الاحتفال أكدت وزيرة الخارجية الأميركية والمنافسة السابقة على الرئاسة ضد أوباما، السناتور هيلاري كلنتون، على الأطروحات ذاتها التي أكدها الرئيس أوباما، مع لمسة خاصة بها. والمعروف من هيلاري كلنتون انحيازها الفاضح لـ«إسرائيل» سواء خلال عضويتها في مجلس الشيوخ الأميركي، أو حملتها الانتخابية، كما أنها هددت سابقا بمحو إيران من الوجود إذا تجرأت على مهاجمة «إسرائيل» نوويا.

وفي إشارة إلى كونها شريكا تاما مع الرئيس في وضع السياسة الخارجية، فقد كررت عبارة «الرئيس وأنا» في عدة مواقع بما في ذلك تعيين المبعوثين إلى الشرق الأوسط، وباكستان وافغانستان في كلمته بقبول التعيين، استذكر جورد ميتشل سرده لتجربته الطويلة والصعبة وفقدان الأمل معظم الأحيان في مفاوضاته بشأن إيرلندا الشمالية أمام الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب، عندما كان في مهمة من قبل الرئيس السابق جورج دبليو بوش للتوسط بين السلطة الفلسطينية و«إسرائيل». مرة أخرى أكد جورج ميتشل ضرورة وقف إطلاق صواريخ حماس وكأنها هي المشكلة الرئيسية، وتثبيت وقف إطلاق النار، ثم تسهيل الإغاثة لأهالي غزة، وأخيرا عملية إعادة البناء، وأكد أنه ذاهب قريبا إلى المنطقة للاجتماع مع الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب، وأكد ايضا على مبدأ دولتين ديمقراطيتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا إلى جنب بسلام، وإلى تطبيع العلاقات بين العرب و«إسرائيل».

فريق الرئيس للشرق الأوسط

لا شك أن وزارة الخارجية ستلعب دورا أكبر في عهد أوباما مقارنة بدورها في عهد سلطة بوش. فإن من أهم مرتكزات أوباما للأمن القومي والسياسة الخارجية، هو عدم الاعتماد على القوة لوحدها، وإنما الدبلوماسية والتنمية، والتفاوض حتى مع خصوم أميركا، والتعاون مع الآخرين في حل المشكلات الإقليمية والدولية. ذلك ينطبق وخصوصا على مشكلة الشرق الأوسط. تنفيذ هذه السياسة يحتاج إلى فريق عمل جديد. ويمكن القول إن فريق العمل هذا يضم وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون بالطبع، ومستشار الأمن القومي الإدميرال جيمس جونز، والذي سبق أن توسط في المفاوضات ما بين السلطة الفلسطينية و«إسرائيل» في بداية عهد جورج بوش، والمبعوث الخاص جورج ميتشل، والمرجح أن يضم كلا من دينيس روس الوسيط السابق في عهد كلينتون وريتشارد هاس، من مركز دراسات الشرق الأدنى، وكلاهما مواليان لـ«إسرائيل» لكنه من الملاحظ بقاء مسئولين كبار من عهد بوش وهم ينجر دبنتي نائب وزير الخارجية للشئون الأمنية، وكريستوفر هل، المختص بالتفاوض في القضايا الشائكة مثل الشرق الأوسط وكوريا الشمالية.

وستكشف التعيينات المقبلة أو أسماء من سيبقون من كبار الموظفين في الخارجية والأمن القومي، وخصوصا المختصين بقضية الشرق الأوسط عن طبيعة فريق الرئيس أوباما المختص بالشرق الأوسط. لكنه حتى الآن وباستثناء جورج ميتشل فغالبيتهم مؤيدون لـ«إسرائيل»، ومعادون بالتأكيد للمقاومة الفلسطينية.

معالم السياسة الجديدة

من دون الإمعان في التكهن، فإن هناك معالم واضحة في السياسة الأميركية تجاه قضية الصراع العربي الإسرائيلي وفي لبه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويمكننا تلخيصها بما يلي:

- إن الولايات المتحدة ستظل حليفا قويا لـ«إسرائيل» يمكنها أن تعتمد عليها في السراء والضراء، وأنه لا تغيير في مكان «إسرائيل» هذه. الرئيس الأميركي لم يلغ أو يجمد حتى اتفاق اللحظة الأخيرة بين وزيرة الخارجية السابقة كوندليزا رايس ووزيرة الخارجية «إسرائيل» تسبني ليفني بدور أميركي في ما يعرف بمنع تهريب الأسلحة الإيرانية إلى حماس، كما ألغى قرارات سابقة لسلفه مثل سجن غوانتناموا.

- إن الولايات المتحدة تعتبر أن صواريخ حماس هي السبب وراء اندلاع جولة الحرب الأخيرة بين «إسرائيل» وحماس، وهي تؤيد الموقف الإسرائيلي بعدم تمكين حماس من استثمار انتصارها، من خلال برنامج إعادة الإعمار أو تأكيد شرعيتها في المواجهة أو الشراكة للرئيس عباس، ولذلك فهي تدعم الرئيس عباس ولا تعترف بحماس أو الحكومة المنتجة لإسماعيل هنية أو أي دور لها في السلطة أو إعادة الإعمار، والذي يجب أن يتم بإشراف سلطة الرئيس عباس وحده من الجانب الفلسطيني.

- إن المهمة العاجلة ليست بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وانسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من الأراضي الفلسطينية وإنهاء حصارها البحري والجوي والبري، وإنما، تثبيت وقف إطلاق النار وأمال الإغاثة.

فالمشكلة إذن إنسانية وليست سياسية. كما أن تثبيت وقف إطلاق النار يتطلب تعاونا دوليا مع مصر و«إسرائيل» لمنع تهريب الأسلحة لحماس.

- إن أي تقدم في مسيرة التسوية سيتم بين سلطة الرئيس عباس التي يتوجب دعمها، و«إسرائيل»، بدعم أميركي وعربي، ويتمثل الدعم العربي بالاعتراف وتطبيع العلاقات مع «إسرائيل»، ومحاربة المنظمات المتطرفة وفي مقدمتها حماس وحزب الله، وبالتالي الإنكار التام لشرعية المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي.

- إن مصر هي الركيزة العربية الأولى في جهود واحتواء حماس وتطويعها سواء من خلال التحكم بالحدود المصرية مع غزة، وخصوصا منع تهريب أي أسلحة والتحكم في الإمدادات إلى قطاع غزة وإعادة بناء غزة ودورها الحاسم في الحوار الوطني الفلسطيني، بما يؤكد شرعية حكم الرئيس عباس وانضواء حماس في ظله بعد اعترافها بـ«إسرائيل» وتخليها عن المقاومة المسلحة.

إذن وقد توقف العدوان العنيف مع استمرار الاعتداءات المتقطعة في ظل هدنة قلقة، فقد بدأت الحرب الدبلوماسية ضد المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس، وهي أخطر في نظري من المعركة العسكرية. ومن الواضح أن «إسرائيل» والولايات المتحدة وحلفاء «إسرائيل» يعملون لتحقيق بالدبلوماسية ما عجزوا عنه بالحرب

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2337 - الأربعاء 28 يناير 2009م الموافق 01 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً