العدد 442 - الجمعة 21 نوفمبر 2003م الموافق 26 رمضان 1424هـ

الهيئة الأعلى للتخطيط هدر للثروات ودعوة إلى الاقتصاد الاشتراكي

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

مقترح برغبة الذي تبناه مجلس النواب بخصوص تأسيس هيئة عليا للتخطيط لا يخدم الاقتصاد الوطني بل ربما يؤدي إلى المزيد من البيروقراطية. اعتراضي هذا ليس نابعا من وجود مجلس آخر. حقيقة القول إن المجلس الموجود والمعروف باسم مجلس التنمية الاقتصادية لم يثبت جدواه. وأكبر دليل على ذلك فشله في إدارة مشروع صيف البحرين السياحي في العام 2002 لدرجة أنه لم يتطرق الحديث عن إمكان تكرار التجربة في الصيف المنصرم. المؤكد هو وجود نية صافية للعمل لدى أعضاء مجلس التنمية الاقتصادية إلا أن المشكلة تكمن في صعوبة التخطيط لاقتصاد بلد بأكمله.

تجارب الدول الاشتراكية أثبتت فشل التخطيط الحكومي لسبب جوهري وهو استحالة القيام بهذا العمل. وخير دليل على ادعائي هذا هو تخلي الكثير من الدول الاشتراكية لسياسات الاقتصاد المدار والمخطط له من قبل الجهات الرسمية والاتجاه نحو سياسة السوق. يعرف عن الاقتصاد الاشتراكي بوجود دور كبير للجهات الرسمية في إدارة اقتصاد البلاد.

يعتقد بعض عمالقة الفكر الاقتصادي من أمثال بول ساميلسون وميلتون فريدمان أنه لا يوجد في العالم أشخاص بمقدورهم أن يتخذوا قرارات صائبة للاقتصاد الكلي أو أن يكونوا على إطلاع واسع بمختلف جوانب الاقتصاد. الحجة هي أنه ليس بمقدور أفراد معينين من التخطيط السليم لقطاعات الصناعة والخدمات والزراعة في آن واحد. في الواقع تحدث أخطاء عند اتخاذ قرارات لإدارة مؤسسة أو في المنزل بل على المستوى الشخصي فضلا عن التخطيط لمستقبل اقتصاد بأكمله.

إذا رغب أعضاء مجلس النواب في تقديم المساعدة في حل بعض المشكلات الاقتصادية مثل البطالة فالمطلوب منهم صوغ تشريعات تؤدي إلى المزيد من تحرير السوق والانفتاح والمنافسة وتقليل دور القطاع العام وبالمقابل تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد. الحاجة ملحة لإطلاق العنان للمبادرات الفردية والإبداع وتشجيع المواطنين للقيام بأنشطة تجارية. الاتجاه العالمي يشير إلى أن الوظائف الجديدة تكمن في أنشطة القطاع الخاص وليس في القطاع العام وهذا ينطبق على البحرين إذ لا ترغب الإدارات الحكومية في توظيف المزيد من المواطنين لأنها تعاني من التشبع الوظيفي.

إن تأسيس هيئة عليا للتخطيط سيتطلب إنشاء جهاز إداري جديد وتخصيص أموال ويترتب على ذلك في نهاية المطاف المزيد من الإجراءات البيروقراطية وكل هذه الأمور تعني وضع عراقيل جديدة أمام أصحاب المبادرات. صراحة القول إن وجود ه هيئة للتخطيط معناه المزيد من التدخل من جانب الحكومة في إدارة الاقتصاد وهذا ليس في مصلحة البلاد إذ إن المطلوب هو تقليل دور القطاع العام وليس إعطاءه المزيد من التدخل في الشئون التجارية. الاقتصاد البحريني بحاجة إلى إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص لأسباب مختلفة منها أن المؤسسات التجارية هي وحدها الكفيلة بإيجاد وظائف جديدة في البلاد والمساهمة في حل أكبر وأخطر مشكلة اقتصادية تواجهها البحرين. باختصار أنصح الحكومة بعدم الموافقة على الاقتراح لأنه سيكلف خزانة الدولة أموالا غير محددة ولا يؤدي بالضرورة للاستخدام الأمثل للثروات المحدودة ويتنافى مع مبدأ العرض والطلب

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 442 - الجمعة 21 نوفمبر 2003م الموافق 26 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً