العدد 442 - الجمعة 21 نوفمبر 2003م الموافق 26 رمضان 1424هـ

الضمان الاجتماعي للعاطلين بحاجة إلى ثقافة جديدة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الحديث المنسوب لوزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي - ان الوزارة استقرت فكرتها على دعم العاطلين عن العمل بقرابة 150 دينارا شهريا و90 في المئة من الراتب لمن فصل من عمله - يعتبر الاكثر ايجابية بالنسبة إلى مد مظلة التأمين لأبناء الوطن كافة. والحديث عن تخصيص 32 مليون دينار موازنة اولية للصندوق الذي سيحول من الحكومة واصحاب العمل ومن ضريبة سيتم اقتطاعها من العاملين أمر جميل، ونأمل ان نسمع تفاصيل اكثر عن موعد البدء بهذا المشروع المهم جدا.

غير ان الموازنة تبدو أقل مما هو متوقع، وفيما لو تم اقرارها فإن الوزارة بحاجة الى نظام دقيق لمنع سوء الاستغلال وضمان عدالة التوزيع لمن يستحق، ولمنع ايضا تحول هذا التأمين إلى مبرر لمن لا يود العمل.

الضمان الاجتماعي للعاطلين عن العمل انقذ اوروبا الغربية من الثورات الاشتراكية - الانقلابية قبل اكثر من مئة عام، ووجدت تلك الدول ان التكاليف التي تكبدتها (بصرف المعاشات الشهرية للعاطلين) اقل من التكاليف التي كانت ستتكبدها او تتكبدها دول اخرى لم يكن لديها نظام يحمي المواطنين من ذل العيش من دون مصدر رزق.

على ان مثل هذه الفكرة سيكون لها تأثير على كل شيء، وستتصاعد الاصوات لترتيب كثير من الامور المتعلقة بالضمان وربما الحد الادنى للأجور وزيادة القوة الشرائية للمواطنين من خلال منع الغلاء في الاسعار. فالبحرين لديها حال استقرار في اسعار كثير من الاحتياجات الحياتية ولكن لو بدأت موجات الغلاء في التصاعد كما تصاعدت اسعار العقارات الى الضعف خلال عام واحد فإن عجلة الاقتصاد ستتأثر سلبا.

إن أي مجتمع لا يزدهر إلا بوضع حد «للطمع» الذي يستحوذ على فئة تتسلط على ثروات المجتمع وتأخذ اكثر مما تعطي لوطنها. فالطماعون مثل الطاعون الذي يهلك البلاد والعباد، فهم اولا يمتصون الخيرات، ثم يصدرونها خارج البلاد ويمنعون تداول الثروات داخل الوطن. والطماعون اذا اصبحوا خارج الضوابط المفروضة على ابناء بلدهم يمنعون اي تحول إلى الافضل. ولذلك فإن برامج جريئة مثل مد مظلة الضمان الاجتماعي تتطلب ثقافة معاكسة للطمع، وان يلتزم بهذه الثقافة ويمتثل اليها من لديه نفوذ واسع قبل اي شخص آخر.

المشروعات الخيرية للاثرياء كانت هي الداعم لمشروعات الضمان الاجتماعي في اوروبا، بل ان كثيرا من الاثرياء هناك يخصصون جزءا من ثروتهم للنفع العام، ويحرصون على تحريك اقتصادهم من خلال تقوية القدرة الشرائية لأبناء وطنهم.

والحديث في هذا المجال هام لان اي برنامج تطرحه الحكومة لدعم العاطلين عن العمل سيؤدي الى ردات فعل تسكت حاليا ولكنها تتحرك في الاتجاه المعاكس لاحقا. فالضمان الاجتماعي جزء من منظومة قيم وثقافة تشمل فيما تشمل استعداد من لديه ثروة ونفوذ إلى ان يصرف جزءا من امواله لخدمة وطنه وابناء وطنه.

الفيلسوف برتراند رسل قال ان الناس نوعان: نوع يأخذ ويبتلع ويهلك الحرث والنسل بسبب طمعه، ونوع يعطي ويبدع بفكره وجهده وماله وهو سبب عمارة الارض وتطور الانسانية. وما نحن بحاجة إليه هو تشجيع ثقافة العطاء والابداع وهي ثقافة مطلوبة اذا اردنا النجاح لبرامج تفترض وجود الكرم الانساني، ومساندة الناس لبعضهم الآخر

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 442 - الجمعة 21 نوفمبر 2003م الموافق 26 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً