العدد 441 - الخميس 20 نوفمبر 2003م الموافق 25 رمضان 1424هـ

السلم حياة والتطرف موت

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

تلك حقيقة واقعية... الاسلام ليس تطرفا ولا ارهابا، ولا يمكن لاحد ان يفرض على الاسلام اجتهاداته السياسية بلغة تبريرية يرى فيها جواز قتل الابرياء من المسلمين مادام ذلك سيؤدي الغرض وسينجح التجربة.

والحركة الاسلامية الحديثة لم تحصل من نظرية تكفير الحكومات والمنظمات والمجتمعات الاسلامية الا مزيدا من التقهقر والضعف والرجوع إلى الوراء.

فمن يقرأ كتاب «معالم في الطريق» للسيد قطب الذي كتبه داخل السجن لا يخاله هو ذلك الكاتب الذي كتب تلك الموسوعة التفسيرية الرائعة «في ظلال القرآن».

فالكتاب لم يتجاوز جدران السجن في ضيق افقه، وفي علاجه لازمة المجتمع مع الحكم. فاجتهاد خاطئ قد يدفع بالمسلمين الى كوارث كبرى.

ليس الحل هو في تكفير الانظمة او في تكفير المجتمع لصمته على تلك القاعدة «الفلسفية»: كل مجتمع صامة على كفر انظمته كافر.

صحيح ان الانظمة اخطأت كثيرا في حق شعوبها عندما صادرت الثروات، وخنقت الحريات، وهمشت المعارضة ولكن كل ذلك لا يبرر الدخول في عمليات تكفيرية تنتهي الى مواجهة مسلحة يدفع فاتورتها الابرياء من الناس.

فالاسلوب السلمي هو الخيار في الحصول على الحقوق اما النزوع نحو العنف فانه سيؤدي الى الفوضى، وإلى تمزق الامن الداخلي كما وانه سيعمل على الغاء الهامش المتبقي للحرية. ان تفجير البرجين في واشنطن ونيويورك لم يزدنا قوة، زادنا ضعفا وهانحن نرى كيف بدأ يجر وراءه امن المنطقة الى واقع لا يعرف الا الله مداه.

حركة التكفير والهجرة في مصر لم تستطع الحصول على مكسب واحد، وعلى رغم ملاحظاتها التي تبديها على حركة الاخوان المسلمين في سلميتها فإنه يبقى اداء الاخوان على المستوى السياسي افضل بكثير على رغم اساليب التهميش التي تمارس ضدهم.

هؤلاء الشباب الذي بين أيدينا يجب أن نقدم له بضاعة ثقافية دقيقة وعلمية وواقعية حتى لا يفلت عقاله هنا أو هناك.

طبعا الحل لا يكمن في دعوة الحركات الى السلم فقط بل في دعوة الأنظمة ايضا في عدم التطرف في دعوة الحركات الى الغاء الديمقراطية بحجة انها جاءت من الغرب وأنها مستوردة وما الى ذلك من عبارات تفرح الأنظمة وتوفر لها مزيدا من التبريرات في عدم فتح نوافذ الحرية أو توزيع الثروة توزيعا عادلا.

اليوم الولايات المتحدة وفي خطاب بوش هناك تهديد واضح للأنظمة بالتهميش أو الزوال ان لم تطبق الديمقراطية. طبعا ليس ذلك لعيون الناس بقدر ما هو لمصالح اميركية ولكن على رغم ذلك يجب أن نستغل هذا الشعار حتى لو كان ديماغوجيا للحصول على مكتسبات لصالح الحرية والتعددية وأن نضغط على الأنظمة سلميا بالحصول على مكتسبات ديمقراطية. وهنا ينبغي لدولنا العربية قراءة درس العراق بطريقة صحيحة بدلا من قراءته قراءة فوقية استعلائية، فصدام كان يمتلك 47 قصرا والعراقيون كانوا يأكلون تراب الشوارع ويسكنون الطين.

يجب الحد من توغل الدولة في المجتمع وفي مؤسساته ويجب الحد من أي أداء أو تشريع تسلطي. وحتى تلك التشريعات الأبوية البطريركية التي تتعاطى مع الجمهور باعتبارهم ايتاما يحتاجون الى رعاية أبوية دائمة. فالتوزيع العادل للثروة واشراك الجماهير في صوغ القرار السياسي ما عادت ترفا، بل هي الحل لتنظيم الدولة ولبناء دول حديثة وللحد من ظهور انفلاتات طارئة لحركات تفرخها بيئات الفقر والجهل والتهميش. فهناك هدر للأموال بل هناك استفزاز ارستوقراطي للمواطنين عندما يرون صوره عبر تبذير الثروة أو عبر سلوكيات ترفيه يشعر فيها المواطن المسكين انها على حساب عيشه وخبره الذي يراه.

سئل وزير العمل السنغافوري السابق: كيف حولت سنغافورا الموت الى سنغافورا الحياة والتطور أجاب: التقت ارادة شعبية صادقة مع ارادة حكومية صادقة فحققنا المستحيل

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 441 - الخميس 20 نوفمبر 2003م الموافق 25 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً