ذكرت مصادر دبلوماسية وصحافية أن وجود ثلاثة من الوزراء الرئيسيين في الحكومة الإسرائيلية في وقت واحد في واشنطن الأسبوع الماضي يشير إلى أن كلا منهم يسعى إلى الحصول على دعم الولايات المتحدة لخططه بخلافة رئيسه ارييل شارون الذي تشهد شعبيته تراجعا في أوساط الناخبين الإسرائيليين.
وتعتقد هذه المصادر أن البيت الأبيض الذي يسعى إلى تحريك عملية التسوية على المسار الفلسطيني - الإسرائيلي يريد أن تتوفر فيمن يتولى رئاسة الحكومة الإسرائيلية الرغبة في تحريك عملية التسوية.
وتزامنت زيارات وزير الحرب الإسرائيلي، شاؤول موفاز ووزير المالية بنيامين نتينياهو، ووزير التعليم ليمور ليفنات، مع مشكلات سياسية تواجه شارون ما أثار طموحاتهم المستقبلية. ويرى محللون بأن الثلاثة مرشحون جديا. ويقول محللون إن المقدرة على العمل جيدا مع واشنطن يعتبر رصيدا انتخابيا في الكيان الصهيوني، فالخلاف بين واشنطن وتل أبيب ساعد في إفشال إعادة انتخاب اسحق شامير في العام 1992، ونتينياهو في العام 1999. وسياسات شارون المتطرفة والمتصلبة تجاه الفلسطينيين لم تستقبل بصورة جيدة في واشنطن أخيرا، كما أن الإحباط الذي تشعر به حكومة بوش لعدم إحراز تقدم على المسار الفلسطيني - الإسرائيلي في وقت لا تريد فيه الاصطدام مع شارون في وقت حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، هو الذي يفسر تشجيعها مفاوضات تسوية «مستقلة» تدعو لها «اتفاق جنيف» بين سياسيين من السلطة الفلسطينية وسياسيين إسرائيليين خارج الحكومة الإسرائيلية.
وأكد ذلك مسئول أميركي عندما أشار الأسبوع الماضي إلى المديح الذي أبداه كل من وزير الخارجية الأميركي كولن باول ونائب وزير الدفاع بول وولفويتز لمقترحات ياسر عبدربه - يوسي بيلين، وورقة يعالون - نسيبة. وقال المسئول الأميركي ذاته إن إدارة بوش غير قلقة من أن الإسرائيليين سينظرون إلى مثل هذا التأييد كتدخل لأن الإسرائيليين يدركون أن لديهم حليفا قويا في الولايات المتحدة ولأن شارون يتعرض لضغط داخلي لتسريع المفاوضات مع السلطة الفلسطينية.
وقد تأثرت شعبية شارون سلبيا من جراء مجموعة من الإدعاءات والشكاوى ضد أولاده باستخدام النفوذ وبسبب الوضع الاقتصادي المتدهور في الكيان الصهيوني وزيادة الامتعاض داخل قوات الاحتلال لسياسات القمع والقتل و«الاستخدام المفرط للقوة» في الضفة الغربية وقطاع غزة.
واجتمع ليفانت مع وزير التعليم الأميركي رود بيج، كما تحدث أمام معهد هدسون وهو مركز أبحاث يميني عن التقاطع بين التعليم والحض على الإرهاب. وقام نتينياهو بتلميع أوراقه كرجل دولة لدى اجتماعه مع مستشارة بوش للأمن القومي كوندوليزا رايس الخميس الماضي، فيما ظهر بشكل استعراضي الأربعاء الماضي خلال لقاء مع مجموعة من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي إذ ادعى بأن له الفضل فيما وصفه ببروز تحول اقتصادي في الكيان الصهيوني على غرار ما فعله الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، كما شكر الولايات المتحدة لمساعدتها الكيان الصهيوني بضمانات القروض البالغة تسعة مليارات دولار.
وجاء نتينياهو لتقديم اقتراحه بمد سكة حديد بين البحر الأحمر والبحر المتوسط. وأكد أن هذه الخطة التي يعتبرها رؤية اقتصادية كبيرة ستحتاج إلى دعم تمويلي من الولايات المتحدة، ولم يترك شكا بأنه هو الشخص الذي سيعمل على تحقيقها كرئيس لوزراء الكيان الصهيوني، وكان هناك عنصر أساسي في محادثاته هو التعهد بأن يشمل الفلسطينيين في أية «معجزة اقتصادية» تستتبع ذلك!
وأشار نتينياهو إلى فترة توليه رئاسة الحكومة الإسرائيلية في الفترة من 1996 - 1999 وقال «أنتم تعرفون كم عدد التفجيرات التي شهدناها خلال ثلاث سنوات كنت فيها رئيسا للوزراء؟ إنها ثلاثة».
كما أن نتينياهو بحث أيضا الاستثمارات في الكيان الصهيوني مع المتبرعين اليهود الأميركيين الرئيسيين، وهذه دائرة انتخابية مهمة لم يسع إلى مناصب عليا في الكيان الصهيوني.
أما موفاز فقد كان في موقف حساس، فقد تسبب ارتباطه الوثيق بسياسات حكومة شارون في انزعاج مسئولين أميركيين بما في ذلك أعمال بناء جدار الفصل في الضفة الغربية وصمته إزاء تفكيك المراكز الاستيطانية الأمامية. وكانت استراتيجية موفاز هي التأكيد على العوامل المشتركة بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة. فخلال اجتماعه مع وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد يوم العاشر من الشهر الجاري، الذي تصادف مع توجيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية انتقادات لإيران، اثار موفاز طموحات إيران النووية، وقد أبلغ موفاز معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وهو المؤسسة الفكرية للوبي اليهودي - الإسرائيلي بأن «الحاجة تستدعي جهدا مركزا لوقف أو منع البرنامج النووي الإيراني».
وبحث موفاز ورامسفيلد أيضا الموقف إزاء سورية، وقال موفاز في حديثه أمام معهد واشنطن «إنني أعتقد أن سورية تواصل دعم وتغذية النشاطات الإرهابية ضد «إسرائيل»، ولا أكون مخطئا إن قلت إن سورية هي استمرار للدعم ضد القوات الأميركية في العراق». وقد اجتمع موفاز مع كل من نائب الرئيس الأميركي ريتشارد تشيني ورايس، ولم يكن الاتفاق كبيرا في تلك الاجتماعات، فقد انتقد باول ورايس الجدار الفاصل وأعرب باول عن تأييده لـ «اتفاق جنيف» الذي اعتبرته حكومة شارون بأنه «اقتراح غير مأذون ويتضمن تنازلات غير مناسبة».
وبهدف إظهار نوع من الاعتدال قد يكسبه انتخابات مستقبلية فقد أعرب موفاز عن نوع من الاستعداد لقبول اقتراح رئيس حكومة السلطة الفلسطينية أحمد قريع بوقف إطلاق النار يشمل منظمات المقاومة الفلسطينية. واقترح موفاز في حديثه أمام معهد اللوبي اليهودي بواشنطن، أن الكيان الصهيوني لن يثبط العزائم بشأن الهدنة، وتراجع عن مطلبه بأن يتخلى رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات عن سيطرته على أجهزة أمن السلطة، وبدلا من ذلك قال موفاز إنه على رغم أن سيطرة عرفات على أجهزة الأمن مقلقة ولكنه سيحكم على قريع من تعامله مع منظمات المقاومة الفلسطينية
العدد 441 - الخميس 20 نوفمبر 2003م الموافق 25 رمضان 1424هـ