الكتل البرلمانية تعيش أزمة التفتح على الذوات والمشروعات والرغبة في الإنجاز، من دون النظرة إلى الكتل الأخرى المنافسة، وهنا مربط الفرس. عدم الاعتراف بقصور الأدوات الدستورية سيجعل من النواب يحلقون بعيدا في مشروعاتهم، ويشغلون الشارع بها قليلا، لأن الرغبة في إنجاز الذات والمشروعات معها ستكون هي العنصر المضاد لنقص الأدوات الدستورية، إلا أنها لن تبرح أن تكون جذوة حماس تفتر مع الأيام، ليتفاجأ النواب أنهم استنفدوا ما لديهم من مشروعات ومقترحات ورغبات من دون أن يحققوا فيها شيئا. الكتل النيابية وفق المنظور لها، ستعيش تحالفات متقلبة وخطيرة، أي تحالفات على مقترح برغبة، وفي أحسن الحالات على مقترح بقانون، ولن تستطيع أن تبني تحالفات استراتيجية، لأنها متباعدة في التفكير وأولويات العمل، ولا يجمعها إلا الرابط البرلماني، وهذا سيسهم في إيجاد بورصات مشروعات ومقترحات داخل المجلس، لن تكون في النهاية ذات قيمة أو جدوى، لأنها محكومة بالأدوات الدستورية التي تسير عمل المجلس ببطء شديد جدا، وما سيبقى لكل هذه الكتل هو الصدى الإعلامي الذي سينتهي بفشل المشروع، أي أن نزاعها سيكون على شيء غير متوقع إنجازه، وهذا سيعمق المأزق.
عدم وجود توازنات فعلية لن يخدم النواب في تحقيق شيء يذكر، لذلك فإن الإنجاز الفعلي إذا أريد له أن يكون إنجازا بالمفهوم الرادع في العمل السياسي والبرلماني، فهو تفعيل أدوات الرقابة البرلمانية، من استجواب ومساءلة الوزراء، وهي - إذا ما نظر إلى توازنات المجلس - مستحيلة في الوقت الحالي، لكنها قد تتحول إلى ممكنة إذا تعمق الشعور بعدم الإنجاز لدى الجميع، وأحس النواب أن التجربة البرلمانية تتحرك وفق قواعد اللعبة السياسية، التي قد تخرجهم من اللعبة، لا أنظمة المصالح المركبة والدائمة. يبقى أن هذه التجربة ستفرز نتائج بعكس توقع الكثيرين، وأولهم النواب أنفسهم
العدد 440 - الأربعاء 19 نوفمبر 2003م الموافق 24 رمضان 1424هـ