العدد 440 - الأربعاء 19 نوفمبر 2003م الموافق 24 رمضان 1424هـ

أبوالقاسم حاج حمد: لا تجتمع في أمة الوسط مركزيتان...!

في محاضرته بمركز الشيخ ابراهيم بالمحرق

المحرق - خالد ابواحمد 

تحديث: 12 مايو 2017

في إطار دوره التنويري التثقيفي و ضمن فعالياته للموسم الثقافي الثالث اقام مركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة محاضرة نوعية شهدت حضورا نوعيا من المثقفين واساتذة الجامعات والمهتمين بالحراك الثقافي والمعرفي. قدم المحاضرة المفكر السوداني محمد ابوالقاسم حاج حمد بعنوان «الاسلام والتعددية وشرعة السيف» وقدمت المحاضرة رئيسة جامعة الخليج العربي رفيعة غباش تناولت فيها السيرة الذاتية للمحاضر واسهاماته في سلك المعرفة والتنوير مستعرضة مجموعة من عناوين مؤلفاته.

وبدأ ابو القاسم محاضرته بالقول: في إطار الثقافة العلمية المعاصرة التي تتنزع «معرفيا» - وان لم يكن تطبيقيا - نحو متاحات التعددية الدينية والسياسية والفكرية بمنطق «الديمقراطية» و«الليبرالية» و«العلمنة» بمفهوم «الدولة الوطنية» وامتدادا الى «قيم العولمة» بشقيها التأسيسي الاوروبي منذ القرن الخامس عشر والاميركي الراهن. وفي هذا الاطار تجد المفاهيم «اللاهوتية» والثيوقراطية «التي ترتبط بمفاهيم «الدولة الدينية» و«الآحادية الايدلوجية» نفسها في مأزق حضاري ومفاهيمي. وبنتيجة هذا المأزق يلجأ الدعاة لتحسين تمثيلاتهم لصد الهجوم على قيمهم بمنطق «المقارابات» مع الثقافة العالمية المعاصرة، فيقاربون بين الشورى الاسلامية والديمقراطية الغربية وبين حقوق الانسان في الاطارين مع محاولة توليد مفهوم التعددية من داخل النص الديني، بما يفضي للتعايش والحوار والمجادلة الحسنة والتفاعل الايجابي مع الاخر.وتستخدم في هذا الاتجاه نصوص قرآنية «لا اكراه في الدين» الخ... 256 البقرة.

وكذلك: «أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» الخ... (125 النحل). وفي نظرتنا الي هذه الآيات من المثالين الاول والثاني نجد انها نقيضة من حيث المعنى في القران الكريم آيات تدعو للسيف والجهاد والقتال وأخرى تدعو الى المجادلة الحسنى والحوار، فريقان اختلفا وانقسما من يرى ضرورة الحوار يلجأ الي تفعيل الآيات (لا إكراه في الدين)... (256 البقرة). وسائر الآيات الدالة على الحوار والمجادلة ومثل ذلك الاستدلال في السنة النبوية المطهرة يستخدم النص الوارد في حجة الوداع «يا أيها الناس ان ربكم واحد وان اباكم واحد، وكلكم لآدم، وآدم من تراب، اكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على اعجمي فضل الا بالتقوى. الا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. قالوا نعم قال فليبلغ الشاهد منكم الغائب».

وفي الجانب الآخر من الاستدلال بآيات السيف يذكر المحاضر الكثير من الايات التي وردت في قتال المشركين: «وانفروا خفافا وثقالا... الخ» (41 التوبة) «وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق... الخ «28 الفتح». و«قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله» (الانفال- 39) ويتساءل المحاضر... كيف يتم التوفيق بين النهجين لهذه النصوص القرانية (نهج الحوار - نهج السيف) علما بان هناك القول بالنسخ في القرآن الكريم «هذه الاية نسخت هذه الآية».

آيات السيف والنص المطلق

ويضيف المفكر ابوالقاسم حاج حمد الى انه من مدرسة لا تؤمن لا بتناسخ آيات القرآن ولا بتناسخ السنة الشريفة مع القرآن. ويقول «فالنص القرآني بما يتضمن آيات السيف وآيات الحوار والتي تبدو متعارضة هو «نص مطلق» و«غير متناسخ» وله «وحدته العضوية» من الفاتحة الى المعوذتين، و«منهجيته» آيات السيف بين الاطلاق والتحديد وايات السيف ايضا لا تختص بمواقع النزول والمناسبات ومواضع الحوادث، وانما تختص بعدة معطيات ومحددات متدامجة وذلك لتحقيق مشروعية الامة «المسئولة عن الذكر» لا يجتمع في جزيرة العرب دينان، ولتحقيق النصرة الالهية الغيبية للنبي والرسول الخاتم بتدخل الهي، ولتأسيس «الأمة الوسط» ما بين الارض «الحرام» والارض «المقدسة» وما جاورهما إذ لا تجتمع مركزيتان.

ويشير الى ان المفكرين يستخدمون آيات السيف مطلقة في الحالتين والذي يتحدث عن آيات السيف يترك آيات الحوار حتى وان لم ينكرها نصا لثبوت الآيات ولكنه لا يأتي عليها في المناقشة، والذي يركز على آيات الحوار يجهل الرجوع الى آيات السيف لا ينكرها ولكن يتحاشاها.

فمطلق القرآن ومنهجيته يدلان على محددات التطبيق لآيات السيف ضمن المرحلة بوصفها «مرحلة تأسيس للمعطيات الثلاث الآنفة الذكر وليس ضمن ظرفية مكانية ذات مفهوم تاريخي يرتبط بمواضع النزول ولكن «ضمن خاصية رسالية ورسولية» ثم يكون بعد ذلك توسع بشري لا علاقة له بشرعة السيف و موجباتها بالجهاد فغزو مصر عام 18 للهجرة تم بنوع من تحايل عمرو بن العاص مع تردد الخليفة عمر بن الخطاب إذ تباطأ بن العاص عن مقابلة موفد عمر لمنعه من التقدم.

التوسع العربي الامبراطوري

ويشير ابوالقاسم حاج حمد الى ان انسياح المسلمين قبل ذلك في بلاد فارس العام 16 للهجرة تم بناء على ضغط القبائل العربية وإلحاح «الاحنف بن قيس» ونفس الامر ينطبق على غزوات معاوية البيزنطية وتحايله على الخليفة عثمان ومن قبله عمر بن الخطاب الذي منعه ولكنه دفع في عام 20 للهجرة بعبدالله لغزو الروم بحرا ثم توغل في العام 23 للهجرة الي غزو قبرص والى التوغل في جزيرة «رودوس» وجزيرة 'كريت' والى معركة الصواري ثم باقي الفتوحات في شمال افريقيا والاندلس وآسيا، وذلك كله من قبيل التوسع الامبراطوري العربي ولا علاقة له بشرعة السيف والجهاد في سبيل الله.

وفي مكان آخر من المحاضرة يبين حاج حمد ما يتعلق بشرعة السيف ومراحله المتقدمة فيقول: اطلق القرآن الكريم المطلق «شرعة السيف» في مرحلة تاريخية متقدمة لا علاقة لها بالحقبة النبوية الشريفة التي استمرت ثلاثة وعشرين عاما وتأسيس الأمة الوسط ولاعلاقة لها بالتوسع العربي الامبراطوري، وانما اطلقها في اطار «حصري مقيد» كما كانت حصرية ومقيدة في الحقبة النبوية وذلك بمنطق اخر هو منطق «التدافع» مع الاسرائيليين حين يبد أون بعلوهم وافسادهم الثاني في الارض للاخلال بمبدأ وحدة كيان الامة الوسط إذ لا تجتمع مركزيتان، وهذه هي المرحلة الراهنة التي نعيشها بعد مضي اربعة عشر قرنا من التأسيس النبوي لشرعة السيف ونجد دلالاتها في مقدمتي سورتي الاسراء والحشر.

الارتباط بين مكة والقدس

وفي جانب آخر من المحاضرة يتحدث ابوالقاسم حاج حمد عن الاطار العام للأمة الوسط والارتباط بين مكة والقدس ويقول: تمتد الرقعة الجغرافية والبشرية للأمة الوسط ما بين الارضين الحرام إذ منطلق الدعوة والارض المقدسة حيث امتدادها وحيث يخرج الاميون بعد ان تحولوا الي كتابيين باتجاه الارض المقدسة وما حولها لتكوين الأمة الوسط.

وهنا نجد ارتباطا عضويا بين مكانين الارض «الحرام» وما حولها والارض «المقدسة» وما حولها ، فقد توجهت النبوة والرسالة الخاتمة في مبتدأ دعوتها للاميين العرب والكتابيين على حد سواء فكانت القبلة باتجاه الارض المقدسة، واستمرت على هذا النحو الى تاريخ 15 شعبان من السنة الثالثة للهجرة، وقد خص الله سبحانه وتعالى الأرض المقدسة وما حولها بابتعاث معظم النبوات وباركها بهم ثم دمجها في الارض الحرام امتدادا ورسخ هذا الدمج بالاسراء «سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحران الي المسجد الاقصى...الخ» 15 الاسراء.

ويشير المحاضر الى ان رحلة الاسراء مثلما كانت غيبية كذلك كان اللقاء النبوي واحقاق الشهادة من كافة الانبياء حضورا في الأرض المقدسة فدانوا جميعا لخاتم الرسل والنبيين والحقت الأرض المقدسة بالأرض الحرام بعد صبر على اهل الكتاب والتوجه الى قلبتهم دام اثني عشر عاما من البعثة النبوية





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً