لاشك في أن إدارة جامعة البحرين وقعت في إشكالات عدة عندما قررت معاقبة الطالب سيدمحمد حسن شرف الذي قالت إنه قام بالتنظيم والمشاركة في «بوفيه» بمناسبة دينية في بهو كلية الآداب في الأول من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وفي الوقت ذاته فإن الطلاب الذين ينظمون «بوفيه» أو برنامجا دينيا في الجامعة يقعون في إشكالات من نوع آخر.
جامعة البحرين تحتضن أكثر من عشرين ألف طالب، وهؤلاء يعكسون ما يجري في المجتمع وينقلونه إليها، والجامعة لم تتحول بعد إلى العملية العكسية التي يشاهدها المرء في الجامعات المرموقة. ففي تلك الجامعات «يطبخ» الطلاب «المستقبل» في أروقتها، ثم ينقلون ما يطبخون الى المجتمع. أما ما لدينا فإن ما يطبخه المجتمع يتم نقله الى الجامعة عبر «بوفيه» أو وسائل أخرى مشابهة.
الإشكالات عدة في هذا الجانب؛ فهل المناسبة الدينية مناسبة للجميع أم أنها مناسبة لفئة معينة؟ وإذا كانت هذه المناسبة لفئة معينة، هل تم أخذ رأي الفئات الاخرى التي لا تحتفل بالمناسبة؟ وهذا السؤال مشروع، لأن «بهو الكلية» سيسير فيه الجميع وهؤلاء لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم.
نعم، يتم تنظيم مناسبات خاصة بفئة معينة دون أخرى، ولكن مثل هذا العمل يتم ضمن برنامج متفق عليه ويتضمن محتويات تعريفية متبادلة بحيث يتمكن الآخرون من التعرف على نوعية المناسبة. وهذا الأمر يتم للجميع، فتارة ترى برنامجا لهذه الفئة وتارة ترى برنامجا لتلك الفئة وكلها ضمن مسلسل مهرجانات متنوعة متفق عليها.
هذه النقطة مهمة إذا أراد الطلاب تأسيس اتحاد طلابي يشمل جميع الطلاب من دون استثناء. فالإشكال الذي تتورط فيه الانشطة الطلابية هو صباغتها بقضايا غير طلابية. فإذا كان الاتحاد الطلابي يساريا (كما كان في السبعينات) فإن المسرح والمناسبة تمتلئ بالشعارات المؤيدة للمعسكر الاشتراكي ويشعر غير اليساري بأنه منبوذ ومطرود منذ البداية. واذا كان الاتحاد الطلابي يتبع الإخوان المسلمين أو السلف (كما يحدث في بعض الدول الخليجية) فإن النشاط الطلابي ما هو إلا فرع لذلك التوجه الصارم في كثير من جوانبه، والذي لا يسمح لأي شخص لا ينتمي إلى تلك التوجهات بالدخول فيه. ولو دخل فيه فهو غريب وليس له دور يذكر.
والحال نفسها في البحرين أيضا، فاذا نقلنا العمل الطلابي الى ممارسة انشطة تختص بهذا المذهب او ذاك فإن هذا الطرف او ذاك سيشعر بأنه غريب وليس له أي دور، بل انه سيكون مجبرا على امور لا يستطيع ان يتفاعل معها. العمل الطلابي يجب ان يكون طلابيا ومعنيا بالشأن الطلابي أولا وقبل كل شيء. أما التفرعات الاخرى فيجب ألا تكون لها الاولوية، وخصوصا إذا كانت ستثير حساسيات فئوية معنية.
إن تجاوز الطلاب لمثل هذه الأمور سيساعدهم في مسعاهم لتأسيس اتحاد طلابي على مستوى الدول المتقدمة ديمقراطيا. فالجامعة تتعامل مع الطلاب حاليا بأسلوب «الوصاية» وتشكك في قدراتهم فيما يخص إدارة الشأن الطلابي. وعلى رغم ان هذه الطريقة في التعامل (الوصاية) لا تتناسب مع الأجواء الانفتاحية التي نعيشها في البحرين، فإن ما يتوجب على الطلاب أيضا هو اثبات انهم يستطيعون تحمل المسئولية، وأن جزءا من تحمل المسئولية يتطلب التنازل عن بعض الأمور التي تضع عثرات على الطريق نحن في غنى عنها من الأساس
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 438 - الإثنين 17 نوفمبر 2003م الموافق 22 رمضان 1424هـ