وفقا لتحليلات أجهزة استخبارات غربية تشير العمليات التي تتعرض لها قوات التحالف في العراق إلى أن التخطيط لهذه العمليات يتم بصورة منظمة. وفقا لهذه التحليلات يعتمد الإرهابيون على ترسانات كبيرة من السلاح وضعها الرئيس السابق صدام حسين تحت تصرفهم ضمن مخططه للقيام بحرب سرية. إضافة إلى السلاح هناك ملايين الدولارات تستخدم في تمويل عمليات التفجير. وقال الجنرال الأميركي تشارلز سواناك أنه من المرجح أيضا أن يكون صدام خطط للحرب السرية منذ زمن بعيد. وأبلغ هذا القائد العسكري الأميركي صحيفة «واشنطن بوست» قوله: أعتقد أن صدام خطط لحرب المقاومة السرية لمرحلة ما بعد سقوط نظامه.
لكن رئيسه الجنرال أبي زيد وأجهزة استخبارات غربية يشككون بأن صدام حضر نفسه مسبقا لحرب سرية لكنهم يتفقون مع سواناك في الرأي على أن صدام سعى قبل الحرب إلى إخفاء أسلحة بكميات كبيرة في مناطق بأنحاء العراق يستعين بها أعضاء المقاومة إضافة إلى ملايين الدولارات لتمويل عمليات المقاومة. كما اعترف وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الخميس الماضي أن قوات التحالف في العراق تواجه عدوا نوعيته جديدة وأن خطر التهديد الذي يواجه قوات التحالف قد تغير. وفقا لوجهة نظر سواناك فقد فوجئ صدام بالسرعة التي سقطت فيها بغداد واحتاج بعض الوقت حتى نظم المقاومة.
هناك آراء مختلفة في أوساط المحللين وخبراء أجهزة الاستخبارات الغربية عن احتمال أن يكون صدام من يدير عمليات المقاومة. يعتقد هؤلاء أن الرئيس العراقي السابق يتنقل باستمرار من مكان إلى آخر مما يحول دون القدرة على قيادة المقاومة بالإضافة إلى عدم توفر بنية قيادية كما أن صدام معروف بأنه لا يثق بأحد حتى أقرب المقربين منه. ولم يكن موجودا مع ولديه حين قتلا كما قطع الاتصال برئيس حرسه الشخصي الذي اعتقل قبل أسابيع. ويعتقد أيضا أن صدام لا يستخدم أجهزة الهاتف ويكتفي بتسجيل صوته على شرائط كاسيت لكنه مستعد لمواصلة حرب المقاومة. في شبابه كان عمه خيرالله طلفاح مثله الأعلى الذي حارب المستعمرين الانجليز وقبل أن حصل صدام على السلطة مارس/آذار أعمال عنف فكان يطارد ويتعرض للمطاردة.
إذا، المقاومة العراقية تحت قيادة صدام أم لا فإن «السي آي إيه» تقدر عدد أعضاء المقاومة بنحو 50 ألف شخص ينشطون ضد قوات الاحتلال. في الغضون تتعرض القوات الأميركية إلى نحو 35 هجوما كل يوم وتخشى «السي آي إيه» من موجة انضمام المزيد من العراقيين إلى المقاومة إذا لم يحدث تحول في عملية إعادة إعمار العراق في القريب العاجل. وساهمت أعمال التفجير الأخيرة بشد انتباه الجنرالات الأميركيين والبريطانيين نظرا إلى دقتها والخسائر الكبيرة التي توقعها في صفوف قوات التحالف عدا عن تنوع هذه الأهداف مما يعزز الاعتقاد الذي يخشاه القادة العسكريون في واشنطن ولندن بأن هناك أحد الأشخاص يدير عمليات المقاومة التي تكبد قوات التحالف كل يوم خسائر بشرية ومادية.
لكن مصادر الاستخبارات الألمانية «بي أن دي» تشك في صحة هذا الرأي. ونقلت صحيفة «زود دويتشه» الصادرة بمدينة ميونيخ عن مسئول كبير في الجهاز الألماني قوله: لا نعتقد أن هناك خطة شاملة وراء عمليات المقاومة ولا حتى عقل مدبر وإنما نعتقد أن هناك جماعات مختلفة منتشرة في أنحاء العراق تعمل بمعزل عن بعضها بعضا لأنه من الصعب عليها تصور وجود العراق تحت احتلال أجنبي. وأضاف المسئول الأمني الألماني قوله: هناك بالتأكيد أعضاء في القوات المسلحة العراقية الذين تم تسريحهم بعد الغزو وليس أمامهم مستقبل بسبب ولائهم لصدام إذ يواجهون خطر العزلة. وهناك أيضا فئات شيعية متنافسة تسعى للوصول إلى السلطة وكذلك هناك بعض الأشخاص الذين جاءوا من الخارج للمشاركة في حرب الجهاد. والمؤكد أن جميع هذه الجماعات المناهضة لقوات الاحتلال تحصل باستمرار على أعداد من المؤيدين.
تستنتج «السي آي إيه» من التحقيقات التي أجرتها مع عراقيين وقعوا في الأسر أنه يجري تجنيد أعضاء المقاومة عبر وسطاء يغرونهم بالحصول على المال الوفير لقاء قتل جنود التحالف ويعتقد أن هناك جائزة قدرها ألف دولار لقاء قتل كل جندي أميركي فيما تحصل أسرة الشخص الذي ينفذ عملية انتحارية على خمسة آلاف دولار. وتقول «السي آي إيه» أن العمليات الانتحارية تحمل ختم منظمة «القاعدة» التي يؤكد الأميركيون أنها تنتشر في أرجاء العراق.
كما هناك علامات بشأن وجود رجال دين متطرفين يدعون إلى القيام بعمليات انتحارية. كما ويعتقد أن السجناء الذين أفرج عنهم صدام حسين قبل الغزو بوقت قصير، يشاركون في نشاطات المقاومة مقابل مكافآت مالية. ويعتقد أن لدى صدام المال الوفير لتمويل نشاطات المقاومة وكان قد حصل على هذه الأموال من المصرف المركزي في بغداد كما قام بتزويد الموالين له بمختلف أنواع السلاح قبل اختفائه عن الأنظار وانصرف إلى العمل السري
العدد 437 - الأحد 16 نوفمبر 2003م الموافق 21 رمضان 1424هـ