في حديث صحافي نشر في الصحافة الاماراتية مع ولي عهد رأس الخيمة الجديد الشيخ سعود بن صقر القاسمي أشار فيه الى عدة امور قلما نسمعها من مسئولين خليجيين. فقد اشار الى ان مواطني الامارة يؤرقهم أمران: توفير المسكن وتوفير العمل. وقال إن نسبة البطالة في رأس الخيمة «كبيرة»، وانها ستكون اكبر اذا لم يتم الاستعداد لها. وبعد ذلك تحدث عن شحة موارد الامارة البترولية لانه لايوجد نفط يذكر في الامارة، ولذلك فان انموذجه الذي سيحتذي به ضمن خطة استراتيجية تعدها الامارة هو الحذو باتجاه «تجربة دبي الرائدة».
امارة دبي لديها خطة تنمية استراتيجية بدأتها في العام 1996 ولديها افق زمني يمتد إلى العام 2030 عندما تصل الى مستوى الدول المتقدمة اقتصاديا. الخطة تتحدث عن ايصال دبي الى مستوى «اقتصاد نامٍ» في العام 2010 كمرحلة اولية وان هذا يتطلب نموا حقيقيا (بعد ازالة معدل الغلاء منه) بمقدار 5 في المئة سنويا في الوقت الذي تتم فيه تنمية القطاعات غير النفطية بمعدل اكبر يصل الى 10في المئة. والخطة تتطلب ايضا تقليل النمو السكاني من 6و7 في المئة الى 3 في المئة حتى العام 2015.
وعلى هذا الاساس قامت الامارة بـ «مأسسة» التنمية وتمويل مشروعات اقتصادية محددة وتسهيل الاستثمار لنقل التكنولوجيا. وقد حددت القطاعات الرئيسية (غير النفطية) المطلوب تطويرها: الخدمات المالية، الخدمات الاعلامية والاعلانية والفنية والاستشارات بمختلف صنوفها، وتقنية المعلومات، والتعليم والتدريب، والخدمات الصحية.
هذه القطاعات تتطلب امورا اساسية مثل الديناميكية والابتعاد عن البيروقراطية، تطوير مستوى الخدمات المعيشية والبنية التحتية التي تتطلبها، والتكامل مع المناطق المجاورة من خلال تسهيل المواصلات والاتصالات وتنقل الناس والسلع والاموال. والخطة تتحدث عن اقتصاد متطور في العام 2030 مع انعدام مصدر النفط كدخل للامارة وان يصل دخل الفرد حينها الى دخل الفرد في الدول المتقدمة اقتصاديا.
ربما ان البعض يتحدث عن الدعاية المتطورة لدبي وان الواقع لربما يكون مختلفا عما نسمعه او كما يبدو لنا، ولكن مايحسب للامارة انها تتحدث عن العام 2030 وتخطط بصورة تدريجية للوصول الى هدف أوضحته لنفسها ولغيرها. وهو ماقامت به ايضا دول اخرى مثل ماليزيا التي تتحدث عن العام 2020 لتحقيق اقتصادها المتطور.
الدول تضع امامها تاريخا محددا وخططا عامة للوصول الى ماتسعى اليه وهذا يتطلب المرونة في التعامل مع الواقع والابتعاد عن الجمود في التشريعات والاجراءات وازالة «الثقوب السوداء» من اقتصاد البلاد. والدول الناجحة هي التي تتحدث بواقعية وشفافية مع اجهزتها وشعبها وتولي شئونها على اساس الفاعلية في الاداء وعلى اساس الكفاءة. وكل هذه الامور متلازمة وتتطلب وعيا عاما وارادة صلبة لاتتهاون في القضايا الاستراتيجية، وبعد ذلك، تبدأ الامور في التغير الى الافضل، وهو ما نرجوه ونرجو ان يسعى الجميع اليه
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 437 - الأحد 16 نوفمبر 2003م الموافق 21 رمضان 1424هـ